فورين بوليسي: السيسي يترك المعتقلين السياسيين فريسة لأمراضهم

الخميس 2 سبتمبر 2021 09:41 م

سلطت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، الضوء على استمرار نظام الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" في التعامل بوحشية مع المعتقلين السياسيين في السجون المصرية، مؤكدة أن "السيسي" وحكومته يتركان الكثيرين منهم فريسة لأمراضهم.

جاء ذلك في مقال نشرته المجلة لـ"عمرو مجدي"، لباحث بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش".

وأورد الباحث الحقوقي في مقالة العديد من الحالات التي تعاني من أوضاع غير آدمية داخل السجون المصرية، وبينها شخصيات بارزة، كانت قبل سنوات لها دور كبير في الحياة السياسية المصرية، قبل انقلاب "السيسي" على الرئيس الراحل "محمد مرسي" في 3 يوليو/تموز 2013.

عبدالمنعم أبو الفتوح

واستشهد "مجدي" على انتهاكات نظام "السيسي" لحقوق المعتقلين السياسيين، بحالة المرشح الرئاسي السابق، رئيس حزب مصر القوية "عبدالمنعم أبو الفتوح" الذي يبلغ من العمر 69 عاما، ويعاني من الكثير من الأمراض.

وذكر أن الحكومة المصرية تركت "أبوالفتوح" (وهو طبيب بشري سابق أيضا) يقبع خلف القضبان دون رعاية صحية، رغم أنه طرق على باب الزنزانة طالبا المساعدة من حرس السجن دون رد.

وفي 25 يوليو/تموز، أفادت عائلة "أبوالفتوح" في بيان أن الأخير عانى من أعراض تشبه السكتة القلبية في الليلة الماضية (لصدور البيان) عندما كان في الحجز الانفرادي في سجن طرة سيء السمعة.

كما أبلغت عائلة "أبوالفتوح" منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنه يعاني من ظروف صحية متعددة سابقة على سجنه بما فيها ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري.

وأكدت العائلة أن السلطات رفضت طلب أبوالفتوح بإجراء عملية في البروستاتا كانت مقررة قبل فترة قصيرة من سجنه، مشيرة إلى أنه عانى أيضا من إصابته بانزلاق غضروفي وهو في السجن.

و"أبوالفتوح"، محتجز منذ منتصف فبراير/ شباط 2018، على ذمة التحقيق معه في تهم نفى صحتها، بينها "قيادة وإعادة إحياء جماعة محظورة (لم تحددها النيابة)، ونشر أخبار كاذبة".

وتم توقيف "أبوالفتوح"، بعد يوم واحد من عودته من لندن، إثر زيارة أجرى خلالها مقابلة مع فضائية "الجزيرة"، انتقد فيها سياسات الرئيس "عبدالفتاح السيسي".

وذكر الباحث الحقوقي أن حالة "أبوالفتوح" تمثل صورة عن عمليات الانتقام التي يتعرض لها من يتجرأ على الحديث علانية في مصر المستبدة.

وإذا كانت هذه هي الطريقة التي تعامل فيها الحكومة المصرية المنتقدين المعروفين والبارزين في السجن، فإن ظروف المعتقلين غير المعروفين ستكون أسوأ.

خالد داوود

كما استشهد كاتب المقال بما كتبه "خالد داود"، الصحفي والرئيس السابق للحزب الدستوري المصري الليبرالي، عن ذكرياته المرعبة لـ 19 شهرا قضاها في سجن طرة.

وقال "داود" إن السلطات وضعته في زنزانة لا تتعدى مساحتها 6 أقدام طولا و9 أقدام عرضا، وكان معه فيها أستاذان معروفان في العلوم السياسية هما "حسن نافعة" و"حازم حسني". 

وذكر "داود" أن كل واحد منهم منح "بدلة سجن قذرة" وأنهم كانوا يمشون حفاة في السجن وإلى جلسات الاستماع.

ووصف "داود" كيف كانوا يأكلون على الأكياس البلاستيكية لعدم توفر الملاعق والأطباق وكانوا يصنعون سكاكين من أغطية علب التونة. وكان الصابون نادرا والماء الساخن شبه معدوم. ولم يكن في الزنزانة تهوية مناسبة أو ضوء شمس.

وأكد "داوود" أن السجناء كانوا يغسلون ملابسهم بطرق بدائية ويعلقونها داخل زنازينهم وهو ما زاد من رطوبة السجن. بينما اقتصرت التمارين الرياضية على المشي في ساحة السجن لمدة 30 دقيقة. وربما حرموا منها بناء على نزوات الحراس.

موت بطيء

وقال الكاتب إنه منذ انقلاب "السيسي" في 2013، ملئت السجون المصرية بالمعتقلين السياسيين من كل الأطياف، وعانى بعضهم من موت بطيء بسبب عدم توفر الرعاية الصحية الكافية.

ولفت إلى أنه بعد وفاة الرئيس السابق "محمد مرسي" في الاعتقال التعسفي، كتب خبراء الأمم المتحدة أنه نتيجة لظروف الاعتقال "هناك آلاف آخرين في مصر قد يعانون من انتهاكات صارخة لحقوقهم الإنسانية وكثير منهم يعانون من خطر الموت".

كما وثق تقرير لمنظمة العفو الدولية بعنوان "ماذا يهمني لو مت؟" تجارب اعتقال 67 شخصا في 16 سجنا ووجد أن "مسؤولي السجن أظهروا استخفافا كاملا بأرواح السجناء" وأن السلطات قامت عمدا بحرمان المعتقلين السياسيين من "العناية الصحية والطعام المناسب وزيارات العائلات".

وذكر الكاتب أنه في سبتمبر/ أيلول الماضي، توفي "أحمد عبدالنبي محمود" (64 عاما) وهو في السجن بعدما اعتقل لعامين دون محاكمة، رغم المناشدات المتعددة من عائلته المقيمة في الولايات المتحدة للإفراج عنه أو تحسين الظروف التي يعيش فيها بالمعتقل.

وأضاف الكاتب أن "محمود" كان واحدا من أربعة معتقلين ماتوا في السجن على مدار 72 ساعة في أغسطس/ آب، وسبتمبر/ أيلول 2020.

كما مات "شادي حبش" (24 عاما) في السجن في مايو/أيار 2020 وقيل إنه تناول نوعا ساما من الكحول. وعانى "حبش" يوما أو يومين قبل أن يلقى حتفه، رغم إمكانية تلقيه العلاج ونجاته لو نُقل إلى مستشفى مناسب.

مسؤولية الحكومة

ويذكر الكاتب أن القانون الدولي واضح في تحميل الحكومة مسؤولية صحة السجناء ورعايتهم الطبية، وتنص قواعد الأمم المتحدة على ضرورة سماح الحكومات للسجناء بالحصول على العناية الصحية المتوفرة في المجتمع والتأكد من توفر العلاج واستمراره لمن يعانون من أمراض مزمنة.

وعقب الكاتب أنه فيما يتعلق بالأوضاع في السجون المصرية فإن القدر الأدنى من العلاج يبدو سرابا، معتبرا أن هناك عدة أسباب لذلك.

وأوضح أن السبب الأول يتعلق بعدم نظافة السجون في مصر ، وهذا كاف لإضعاف صحة أي سجين.

أما السبب الثاني فهو عدم توفر الإجراءات العاجلة لمعالجة السجناء الذي يحتاجون لعناية طارئة.

وذكر أن السبب الثالث هو ضباط السجن الذين يشرفون على السجون يتبعون أوامر المخابرات العامة وهي التي تقوم باعتقال وتعذيب وتغييب السجناء.

ومن المعروف أن ضباط المخابرات يستخدمون الحرمان من الدواء والعلاج الطبي كوسيلة لعقاب المساجين، حتى ولو كانوا يعانون من أمراض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، وهو ما يعرضهم لخطر الموت في سجونهم.

المصدر | الخليج الجديد+متابعات

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي عبدالمنعم أبوالفتوح معتقلون مصريون سجون انتهاكات