طالبان ووسائل التواصل الاجتماعي.. من التحريم إلى أداة بطريق النصر والتمكين

الثلاثاء 7 سبتمبر 2021 09:35 ص

يبدو أن قادة حركة "طالبان" الأفغانية أدركت أن بعض التكنولوجيا التي تجنبوها وحرموها ذات يوم يمكن أن تساعدهم في سعيهم لتشكيل الرأي على المسرح العالمي، مثلما هو الحال في وسائل التواصل التي كانت الحركة تحظر على أفرادها استعمالها، لكنها باتت اليوم تستخدمها في الترويج لسيطرتها على البلاد، ولأفكارها ورؤاها.

وفي أوائل مايو/أيار عندما بدأت القوات الأمريكية وقوات الناتو انسحابها النهائي من أفغانستان ، كثفت "طالبان" هجومها العسكري ضد قوات الأمن الوطنية الأفغانية، وبالتوازي فعلوا أيضًا شيئًا أقل شيوعًا في تاريخ الصراع للمجموعة في البلاد، حيث أطلقوا حملة شاملة على وسائل التواصل الاجتماعي لمواكبة ذلك.

وبالفعل، سلطت شبكة من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الضوء على الإخفاقات المزعومة لحكومة كابل بينما أشادت بإنجازات "طالبان"، وفق ما رصدته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في تقرير لها.

وتفاخرت التغريدات بالانتصارات الأخيرة لـ"طالبان"، كما دشنت الحركة وسوما بعضها يروج لأفكارها وانتصاراتها والبعض الآخر يتهم الحكومة الأفغانية بارتكاب جرائم حرب، على غرار "الغرب_مع_طالبان"، و"نَصْرٌ_مِِمنَ_اللهِ_وفتح قريب".

ورداً على ذلك، حذر نائب الرئيس الأفغاني آنذاك "أمر الله صالح"، قواته والجمهور من الوقوع في الادعاءات الكاذبة بانتصارات "طالبان" على وسائل التواصل الاجتماعي، ودعا الناس إلى تجنب مشاركة تفاصيل العمليات العسكرية التي يمكن أن تعرض الأمن للخطر.

وبحسب "بي بي سي"، فإن تلك المؤشرات تؤكد أن "طالبان" قد انتقلت من المعارضة الشديدة لتكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام الحديثة التي كانت مرتبطة بها في السابق، إلى إدراك أهمية هذه الوسائل، وأنشأت جهازًا خاصا بوسائل التواصل الاجتماعي لتضخيم رسالتها.

وعندما وصلت "طالبان" إلى السلطة للمرة الأولى في أفغانستان عام 1996، قاموا بحظر الإنترنت وصادروا أو دمروا أجهزة التلفزيون والكاميرات وأشرطة الفيديو.

وفي عام 2005، تم إطلاق الموقع الرسمي لدولة الإمارات الإسلامية لـ"طالبان"، بعنوان "الإمارات"، وهو ينشر الآن محتوى بخمس لغات - الإنجليزية والعربية والباشتو والدارية والأردية، ويتم الإشراف على المحتوى الصوتي والمرئي والمكتوب من قبل اللجنة الثقافية للإمارات الإسلامية في أفغانستان (IEA)، برئاسة المتحدث باسمهم "ذبيح الله مجاهد".

وكانت شركة "تويتر" علقت حساب "ذبيح الله مجاهد"، لكن حسابه الجديد النشط منذ عام 2017 لديه أكثر من 371 ألف متابع، ويعمل تحت يده فريق من المتطوعين يروجون لإيديولوجية "طالبان" على الإنترنت.

رئيس هذا الفريق هو شخص يدعى "قاري سعيد خوستي"، والذي قال لـ"بي بي سي"، إن الفريق لديه مجموعات منفصلة تركز على تويتر -في محاولة لتوجيه هاشتاجات "طالبان"- وكذلك نشر الرسائل على واتساب وفيسبوك.

وأضاف: "أعداؤنا لديهم حسابات تلفزيونية وإذاعية وحسابات مؤكدة على وسائل التواصل الاجتماعي وليس لدينا أي حسابات، لكننا قاتلنا معهم على تويتر وفيسبوك وهزمناهم".

وأشار إلى أن وظيفته كانت نقل الأشخاص الذين انضموا إلى حركة "طالبان" بسبب أيديولوجيتها و"إحضارهم إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي لتضخيم رسالتنا".

وتفاخر بأن فريقه لديه "4 استوديوهات متعددة الوسائط مجهزة بالكامل تستخدم لتوليد محتوى الصوت والفيديو والعلامات التجارية الرقمية، والنتيجة هي مقاطع فيديو دعائية عالية الجودة تمجد مقاتلي طالبان ومعاركهم ضد القوات الأجنبية والوطنية، وهي متاحة على نطاق واسع على موقع يوتيوب".

وتنشر "طالبان" بحرية على "تويتر" و"يوتيوب"، لكن "فيسبوك" صنفت الحركة على أنها "منظمة خطيرة" وكثيراً ما تزيل الحسابات والصفحات المرتبطة بها.

وفي هذا الصدد، قال "خوستي"، إن "طالبان" تجد صعوبة في الحفاظ على وجودها على "فيسبوك"، وتركز بدلا من ذلك على "تويتر".

من جانبه، قال أحد أعضاء فريق وسائل التواصل الاجتماعي التابع لـ"طالبان"، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن "معظم الأفغان لا يفهمون اللغة الإنجليزية، لكن قادة نظام كابل يتواصلون بنشاط باللغة الإنجليزية على تويتر لأن جمهورهم ليس أفغانًا بل من المجتمع الدولي".

وأضاف أن أعضاء الفريق، وبعضهم لديه عشرات الآلاف من المتابعين، صدرت لهم تعليمات محددة "بعدم التعليق على قضايا السياسة الخارجية لدول الجوار التي من شأنها أن تقيد علاقاتنا معهم".

وفي الماضي، كانت حركة "طالبان" معروفة بأنها سرية للغاية بشأن هوية قادتها ومقاتليها، لدرجة أنه بالكاد توجد أي صور واضحة لمؤسسها.

لكن اليوم، وفي محاولة لاكتساب الشرعية الدولية، لا يقوم قادتهم بالظهور في وسائل الإعلام فحسب، بل تروج لها بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي.

على النقيض من ذلك، فإن العديد من المواطنين الأفغان الذين عملوا مع القوات الدولية والمنظمات ووسائل الإعلام وغيرهم ممن انتقدوا "طالبان" على وسائل التواصل الاجتماعي ، يقومون الآن بإلغاء تنشيط حساباتهم ، خوفًا من إمكانية استخدام المعلومات لاستهدافهم.

المصدر | ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

طالبان أفغانستان فيسبوك تويتر وسائل التواصل كابل السيطرة على أفغانستان