استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«قمة بغداد» واستحقاق الانسحاب الأميركي

الثلاثاء 7 سبتمبر 2021 07:18 م

«قمة بغداد» واستحقاق الانسحاب الأميركي

بات التداخل الدولي الإقليمي أمرا واقعا في الإشكالات الداخلية المعقّدة كما في البحث عن حلول سلمية وتسويات سياسية.

الفشل ينتج الخلل الذي تنفُذُ منه تدخّلات خارجية بتنوّع أجنداتها وأهدافها مما ينشئ وضعا تتصارع فيه إرادات النفوذ وتتضاعف صعوبات استعادة الاستقرار.

تبدو «قمة دول الجوار» في بغداد مؤخراً محاولة لاستخراج صيغة تعايش وتفاعل وتعاون بين ما هو عربي محلّي مع الإقليمي والدولي رغم الصعوبات والتناقضات.

اضطراب العراق وبلدان عربية تعود جذوره لتراكم أسباب داخلية أهمها فشل أنظمة الحكم في إدارة شؤون الدولة والحفاظ على الاستقرار أمنيا واقتصاديا واجتماعيا.

رغم انقسامات العراق وخطورتها استطاعت حكومته الحالية شقّ مسار ما تزال تخوضه لتعزيز مكانة الدولة وجعله قضية كل عراقي أي عابرةً للطوائف والأحزاب.

حدّد لقاء بغداد مفاهيم للتشارك ومعايير التعامل السويّ بين الأطراف وأهمها حسن الجوار واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول المعنية.

*     *     *

بين الواقع والطموح، قد تبدو «قمة دول الجوار» التي دعت إليها بغداد أخيراً محاولة أو إرهاصاً لاستخراج صيغة «تعايش» وتفاعل وتعاون بين ما هو عربي محلّي مع الإقليمي والدولي، رغم الصعوبات والتناقضات.

ويبقى الشأن العربي هو الأساس، لأنه مرتبط بالشعب وانتمائه الطبيعي والتلقائي، أيّاً تكن تشعّبات مسألة الهويّة ومستجدّاتها. كما أنه مرتبط بتاريخ من العيش المشترك وتشابك العلاقات والمصالح الداخلية.

أما الوضع المضطرب الذي آلت إليه بلدان عربية عدة في العقدين الأخيرين، بدءاً من العراق، فيعود في جذوره لتراكم أسباب داخلية أولاً، أهمها فشل أنظمة الحكم في إدارة شؤون الدولة والحفاظ على الاستقرار بجوانبه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

والفشل ينتج الخلل الذي تنفُذُ منه التدخّلات الخارجية على تنوّع أجنداتها وأهدافها، وهذا ينشئ بدوره وضعاً تتصارع فيه إرادات النفوذ وتُضاعف صعوبات استعادة الاستقرار.

طرحت قمة بغداد عناوين عريضة ولم تناقشها بعمق، ربما لأنها اللقاء الأول منذ وقت طويل بين الدول المشاركة. لكن الحديث عن التحدّيات والقضايا المشتركة والآفاق المستقبلية، والتشديد على «المشتركات»، والإشارة إلى «شراكات سياسية واقتصادية وأمنية»، اقتربت كثيراً من وضع برنامج عمل للمنطقة قوامه «الحوار البنّاء»، ومن تحديد أهداف القمة وهو «ترسيخ تفاهمات (بين الدول) على أساس المصالح المشتركة».

ولأجل ذلك كان لا بدّ من التركيز على تجربة العراق، إذ أنه رغم كل انقساماته، وبعضٌ منها بالغ الخطورة، استطاعت حكومته الحالية أن تشقّ مساراً ما تزال تخوضه لتعزيز مكانة الدولة ولجعله قضية تهمّ كل عراقي، أي عابرةً للطوائف والأحزاب.

وقد ساعدها في ذلك أمران: انتصارها في الحرب على الإرهاب ومواصلتها التصدّي لفلوله، واندلاع انتفاضة شبابية (1 أكتوبر 2019) هزّت الأوساط السياسية المهيمنة وكان واضحاً أنها موجّهة ضد نفوذ المليشيات المسلّحة والمتحكمة بالوزارات والميزانيات.

وسواء تحوّل لقاء بغداد إلى منظومة إقليمية دولية أو اقتصر على دول الجوار، فإنه حدّد مفاهيم للتشارك وأشار إلى معايير التعامل السويّ بين الأطراف، وأهمها حسن الجوار واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول المعنية.

هذه ليست مجرّد كليشيهات إنشائية أو صيغ سياسية جاهزة للتداول، بل موجبات معروفة لأي علاقات طبيعية متكافئة، فمن دونها لا يمكن الحصول على أمن أو سلام واستقرار.

ولا شك في أن إعادة التذكير بها تعني أنها مطلوبة اليوم ومفتقدة بالنسبة لسوريا ولبنان واليمن وليبيا، فضلاً عن العراق وفلسطين، حيث بات التداخل الدولي الإقليمي أمراً واقعاً في الإشكالات الداخلية المعقّدة، كما في البحث عن حلول سلمية وتسويات سياسية.

بين البلدان الستة المذكورة، وفي ضوء الحدث الأفغاني، يبدو تناول الوضع العراقي الأكثر إلحاحاً، من حيث إنه يشهد صراعاً أميركياً إيرانياً، كما أنه مقبِلٌ على تغيير قريب غداة الانسحاب الأميركي بنهاية هذه السنة. لكن ثمة فوارق عن أفغانستان تُظهر العراق «نموذجاً» يمكن إنقاذه بتطوير عناصر نجاحه، ومساعدته على بلورة توازن وطني جديد.

فهناك دولة قائمة اجتازت اختباراً قاسياً في حربها على تنظيم «داعش»، وخرجت منه قواها المسلّحة أكثر قدرةً وتماسكاً، مما سمح لحكومتها بالشروع في إصلاحات تحتّم توحيد السلاح في كنف الشرعية وتمهّد لإنهاض الاقتصاد، كما أن الحراك الشعبي وضع الانتخابات المقبلة أمام استحقاق دعم تلك الإصلاحات ومسؤولية جعل الانسحاب الأميركي مصلحة وطنية خالصة.

* عبد الوهاب بدرخان كاتب صحفي لبناني

المصدر | الاتحاد

  كلمات مفتاحية

العراق، قمة بغداد، الانسحاب الأميركي، أفغانستان، الحراك الشعبي، داعش،