السودان: بين الانقلاب والتمرد وجرس الإنذار

الثلاثاء 21 سبتمبر 2021 08:37 م

السودان: بين الانقلاب والتمرد وجرس الإنذار

يرجح أن تكون المحاولة الانقلابية صيغة متطورة من تمرد عسكري لحفنة ضباط مستائين لسبب أو آخر.

ما تكشف حول طرائق التخطيط والتنفيذ يشير لضباط هواة متمردين في بلد شهد انقلابات كثيرة على مدار تاريخه.

لا يكفي استنفار معسكر مدرعات واحد وإرسال ضباط لمقر الإذاعة لتلاوة البيان رقم 1 ضمن تنسيق فضفاض ومخترق من أجهزة السلطة واكتشف قبل ساعة الصفر.

سواء كانت واقعة الأمس انقلاباً أم تمرداً فإنها تقرع جرس إنذار جديداً يحث على الانتقال السريع إلى دولة المؤسسات والقانون وفصل السلطات والحكم المدني.

*     *     *

ما زالت شحيحة جملة المعلومات التي قدمتها السلطات السودانية حول ما سمته «المحاولة الانقلابية الفاشلة» وذلك رغم أجواء الترقب التي تسود الشارع الشعبي السوداني حول الجهات المتورطة وأهدافها وما إذا كانت تمثل طرفاً سياسياً محلياً أو ترتبط بجهات خارجية عربية أو إقليمية أو دولية.

وحتى إشارة رئيس الحكومة عبد الله حمدوك إلى أن المحاولة «كانت من تخطيط فلول النظام السابق» لم تسهم في توضيح المشهد، بالنظر إلى أن تعبير «الفلول» لا يحمل سوى دلالات عامة وتعميمية وغامضة.

واستناداً إلى شح المعلومات فإن من المنطقي ترجيح فرضية أن تكون «المحاولة الانقلابية» صيغة متطورة من تمرد عسكري أقدمت عليه حفنة من الضباط المستائين لهذا السبب أو ذاك، إذ أن ما تكشف حول طرائق التخطيط والتنفيذ يشير إلى ضباط هواة متمردين في بلد شهد الكثير من الانقلابات على مدار تاريخه.

فلم يكن يكفي استنفار معسكر مدرعات واحد، وإرسال حفنة ضباط إلى مقر الإذاعة الوطنية لتلاوة البيان رقم 1، وكل هذا في إطار تنسيق اتضح أنه فضفاض ومخترق من أجهزة السلطة وتم اكتشافه قبيل ساعة الصفر.

غير أن هذه الفرضية ليست محدودة المغزى، لأنها ببساطة تدل على أن أقل من 40 ضابطاً في العاصمة الخرطوم يمكن لهم أن يبلغوا في التعبير عن التمرد درجة تهديد النظام بأسره، كما تدل على أن درجة الانضباط الداخلي في الجيش السوداني ليست عالية متماسكة بقدر ما هي منخفضة ومهلهلة.

ولا عجب في هذا بالنظر إلى تعدد الرؤوس العليا في المؤسسة العسكرية من جهة أولى، وبقاء الجيش رهينة للكثير من التقاليد التي أرساها عمر حسن البشير والأنظمة الانقلابية السالفة من جهة ثانية، فضلاً عن وجود «قوات الدعم السريع» كمؤسسة داخل المؤسسة تستأثر بالكثير من عناصر السطوة والانفلات المسلكي.

وأما الغائب الملحوظ في الواقعة فإنه مجلس السيادة الانتقالي الذي يتوجب أنه الجهة الحاكمة في السودان حتى إشعار آخر تُستكمل عنده سلسلة التدابير الكفيلة بنقل البلد إلى مرحلة ديمقراطية متقدمة.

وسواء كانت واقعة الأمس انقلاباً أم تمرداً فإنها في كل حال تقرع جرس إنذار جديداً يحث على الانتقال السريع إلى دولة المؤسسات والقانون وفصل السلطات والحكم المدني.

ولقد أحسن حمدوك صنعاً حين أشار إلى أن المحاولة الانقلابية تدفع إلى «هيكلة المؤسسات المدنية» وتلقي على عاتق السلطة واجب اتخاذ «خطوات فورية لتأمين الانتقال الديمقراطي بالتعاون مع لجنة تفكيك النظام المعزول» وتشكل درساً «يستدعي وضع الأمور في نصابها» ويتطلب «وحدة قوى الحرية والتغيير كضمان للانتقال الديمقراطي».

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان، المحاولة الانقلابية، هيكلة المؤسسات المدنية، عبد الله حمدوك، قوات الدعم السريع، مجلس السيادة، الانتقال الديمقراطي،