مناورة خطرة لعرقلة الحل السياسي في ليبيا

الخميس 23 سبتمبر 2021 03:36 ص

مناورة خطرة لعرقلة الحل السياسي في ليبيا

سلطة الأمر الواقع التي يمثلها حفتر قادرة على إرهاب عدد كبير من النواب، لكنها غير قادرة على فرض إرادتها على كامل المجلس.

عرقلة الانتخابات تعني عرقلة الحل السياسي وعودة إمكانيات الحرب الأهلية، وما تعنيه من احتمال اشتداد نزعات التطرف والإرهاب.

هل كانت مناورة حفتر ـ صالح الجديدة تحظى بتغطية عربية أو إقليمية كما كان الحال منذ نشوء ظاهرة حفتر التي حظيت برعاية دول غربية وعربية.

مصر ستكون بخير إذا كانت ليبيا بخير واستقرار ليبيا يعني ازدهارا اقتصاديا يشمل جيرانها بمصر وتونس وهما بأمس الحاجة لسيادة حكومة ليبية مقبولة دوليا وعربيا.

يفترض أن المسؤولين المصريين أدركوا بعد سنوات طويلة في التعامل مع حفتر الإشكاليات الكبيرة التي يشكلها والأعباء السياسية والأمنية التي ستتكلفها مصر لدعمه.

*     *     *

في خطوة مثيرة للجدل، أعلن الناطق باسم مجلس النواب الليبي في طبرق، الواقعة تحت سيطرة الجنرال خليفة حفتر، أن المجلس سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية في جلسة مغلقة، لكن عددا كبيرا من النواب، أكدوا أن هذا الإجراء مزور، ومن تدبير رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

وتبع ذلك توقيع 38 نائبا، من الذين حضروا جلسة يوم الثلاثاء الماضي، عريضة ترفض إجراء صالح وتعتبره مزيفا، وتؤكد أن النواب المذكورين لم يصوتوا لسحب الثقة من الحكومة.

إضافة إلى كونه يسقط النصاب القانوني الذي زعم رئيس المجلس حصوله، فإن إعلان النواب المذكورين، يؤكد أن سلطة الأمر الواقع التي يمثلها حفتر قادرة على إرهاب عدد كبير من النواب.

لكنها غير قادرة على فرض إرادتها على كامل المجلس، ناهيك عن مخالفة الأمر، حتى لو تمكن حفتر وشريكه من فرضه على النواب، للاتفاق السياسي الذي اشتغلت عليه القوى السياسية الليبية على مدى سنوات، وتم تصديقه وتشريعه من قبل الأمم المتحدة والمنظومة الدولية.

من اللافت للنظر أنه، إضافة إلى النواب الذين تجرأوا على اعتراض تزوير إراداتهم، فإن عمداء 65 بلدية ليبية، بما فيها بلدية طبرق، الواقعة تحت تأثير حفتر، استغربت من قرار مجلس النواب وأعلنت تأييدها لجهود حكومة الوحدة الوطنية.

وهو أيضا ما فعلته البعثة الأممية في ليبيا التي قالت إن حكومة عبد الحميد الدبيبة تظل الحكومة الشرعية، حتى استبدالها عبر عملية منتظمة تعقب الانتخابات في كانون أول/ديسمبر المقبل.

من غير المعلوم، حتى الآن، إن كانت مناورة حفتر ـ صالح الجديدة، تحظى بتغطية عربية أو إقليمية، كما كان الحال منذ نشوء ظاهرة حفتر، التي حظيت برعاية من بعض الدول الغربية والعربية!

وحولت شخصا عائدا من المنفى، فجأة، إلى قائد عسكري يستطيع تمويل جيش، وتوظيف لوبيات أجنبية، والتحكم بقواعد عسكرية، وصولا إلى محاولة السيطرة على طرابلس، التي انتهت بهزيمة لحفتر، وبتذمر بعض رعاته ماليا وعسكريا من المآل الذي آلت إليه حركته.

كانت آخر زيارات حفتر وصالح الخارجية هي لمصر، حيث قابلا رئيسها عبد الفتاح السيسي رفقة رئيس المخابرات عباس كامل، لكن تلك الزيارة تلتها زيارة لرئيس الحكومة الدبيبة، الذي أقر عددا من الاتفاقات المهمة للجانب المصري، يعد أحدها بالسماح لقرابة مليون عامل مصري بدخول ليبيا.

والمفترض أن المسؤولين المصريين قد أدركوا بعد هذه السنوات الطويلة في التعامل مع حفتر، الإشكاليات الكبيرة التي يشكلها، والأعباء السياسية والأمنية التي ستتكلفها مصر نتيجة دعمه، بدل وضع أوراقها على مسار انتخابي يضع حكومة ليبية جديدة في الحكم، تقوم بتوحيد البلاد سياسيا وعسكريا، وتكون سندا للقاهرة في المنظومة العربية، وأفريقيا، والعالم.

عرقلة الانتخابات تعني عرقلة الحل السياسي وعودة إمكانيات الحرب الأهلية، وما تعنيه من احتمال اشتداد نزعات التطرف والإرهاب.

من المؤكد أن مصر ستكون بخير إذا كانت ليبيا بخير، وأن الاستقرار في ليبيا سيعني ازدهارا اقتصاديا يشمل جيرانها الأقربين، في مصر وتونس، وهما بلدان في أمس الحاجة لسيادة حكومة ليبية مقبولة دوليا وعربيا.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

ليبيا، عرقلة الانتخابات، مصر، حفتر، عقيلة صالح، مجلس النواب الليبي، الحل السياسي،