انتخابات ألمانيا ومشقة خلافة ميركل

الثلاثاء 28 سبتمبر 2021 04:00 ص

انتخابات ألمانيا ومشقة خلافة ميركل

السيناريو الأرجح نجاح الحزب الاشتراكي الديمقراطي في تشكيل تحالف مع الخضر واليسار ولا يستبعد أن ينضم إليهم الحزب الديمقراطي الحر.

البحث عن مقاربات مختلفة سبب جوهري في أن الناخب الألماني رجح كفة الحزب الاشتراكي الديمقراطي تطلعا إلى الجديد والمختلف والبديل.

رغم ضآلة الفارق بين المعسكرين بنسبة 25.7% مقابل 24.1% فمعدل الأصوات التي ذهبت إلى الائتلاف المسيحي المحافظ كان الأدنى على امتداد سنوات حكمه.

دلالة هذه الانتخابات الأهم أنها الأخيرة في حياة ميركل السياسية إذ يرجح في ضوء النتائج الراهنة أن يكون مستشار ألمانيا المقبل مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

*     *     *

أسفرت انتخابات البرلمان الاتحادي الألماني (بوندستاغ) عن تقدم ضئيل للحزب الاشتراكي الديمقراطي أمام تحالف الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، وهو الائتلاف الحاكم الذي ظلت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تقوده وتسهر على تماسكه طيلة 16 سنة. ورغم أن الفارق كان ضئيلاً، بنسبة 25.7% مقابل 24.1%، فإن معدل الأصوات التي ذهبت إلى الائتلاف المسيحي المحافظ كان الأدنى على امتداد سنوات حكمه.

وإلى جانب صعود الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أشارت الانتخابات إلى ما يشبه المد الاشتراكي واليساري عموماً، إذ حصل حزب الخضر على 14.8% وهي الأفضل تاريخياً خاصة وأنها تأتي على خلفية انحسار نسبي لشعبية أحزب البيئة في أوروبا عموماً.

ولعل موجة الفيضانات غير المسبوقة التي شهدتها ألمانيا خلال الفترة الأخيرة لعبت دوراً في زيادة رصيد الخضر. ورغم أن حزب اليسار تراجع قليلاً إلى ما دون 5%، فإن الهبوط المقابل لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف يرجح كفة القوى الاشتراكية واليسارية.

ولعل الدلالة الأهم وراء هذه الانتخابات هي أنها ستكون الأخيرة في حياة ميركل السياسية، وبالتالي فالمرجح في ضوء النتائج الراهنة أن يكون مستشار ألمانيا المقبل هو أولاف شولتس مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي وليس أرمين لاشيت مرشح الائتلاف المسيحي المحافظ.

وثمة أسابيع طويلة ومفاوضات شاقة سوف تسبق توصل الأحزاب إلى ائتلاف حاكم بديل تغادر بعده ميركل منصبها نهائياً، إلا أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو نجاح الحزب الاشتراكي الديمقراطي في تشكيل تحالف مع الخضر واليسار، وغير مستبعد أن ينضم إليه الحزب الديمقراطي الحر ممثل رجال الأعمال لاعتبارات اقتصادية واستثمارية تعلو على ما عداها من حساسيات إيديولوجية.

في هذه الحال سيواجه الائتلاف الحاكم الجديد سلسلة تحديات داخلية، اقتصادية في المقام الأول بالنظر إلى أن سنوات هيمنة الائتلاف المسيحي المحافظ، وفي شخص ميركل على وجه التحديد، تركت آثارها العميقة على واحد من أهم اقتصادات العالم خلال حقبة زمنية شهدت العديد من الأزمات المحلية والأوروبية والعالمية تحولات العولمة.

كذلك كان خيار ميركل في اعتماد سياسة مرنة تجاه استقبال اللاجئين والمهاجرين بمثابة سلاح ذي حدين، ترك بدوره سلسلة آثار اجتماعية وسياسية وإيديولوجية، خاصة في ميادين سوق العمل ومعدلات البطالة وصعود اليمين المتطرف.

وعلى صعيد إقليمي وأوروبي لن يكون يسيراً اقتفاء أثر ميركل في إقامة ميزان دقيق بين الهيمنة والتعاون ضمن الاتحاد الأوروبي بصفة جماعية، أو بصدد دول منفردة ذات نفوذ واستقلالية مثل فرنسا أو ذات اختلال واعتلال مثل اليونان، إذا وُضعت جانباً المشكلات البنيوية العويصة التي فرضتها جائحة كورونا، أو العلاقة الشائكة مع الإدارات الأمريكية المختلفة، أو التحالفات والشراكات الطارئة على غرار «أوكوس» بين واشنطن ولندن وكانبيرا، أو مقدمات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا.

وليس أمراً غير مرجح أن يكون البحث عن مقاربات مختلفة لهذه الملفات وسواها هو بعض السبب الجوهري في أن الناخب الألماني رجح كفة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، من باب التطلع إلى الجديد والمختلف والبديل.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

ألمانيا، ميركل، الانتخابات، التحالف المسيحي المحافظ، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الخضر، اليسار،

ألمانيا تقترب من ائتلاف بين الحزب الاشتراكي الديموقراطي والخضر والليبراليين