استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الأمة الجزائرية وقبائل الغال المتناحرة

الأحد 3 أكتوبر 2021 06:25 ص

الأمة الجزائرية وقبائل الغال المتناحرة

قبائل الغال اجتاحت روما وأحرقتها لم يكونوا مختلفين عن التتار والمغول الذين أحرقوا بغداد ومكتباتها.

ماذا أثار غضب الرئيس الفرنسي ماكرون ودفعه للقول وبلغة المستعمر المتعالية: "هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ هذا هو السؤال".

يريد ماكرون إعادة كتابة التاريخ بالأمازيغية والعربية متناسيا اللغة التي كتبت فيها بريطانيا وأستراليا وأمريكا بنود اتفاق أوكوس وصفقة السلاح قبل أيام.

جذور الأمة الفرنسية تضرب عميقا بالتاريخ لتعود لقبائل الغال التي عرفت بالقسوة والهمجية المفرطة، متنقلة على كامل اوروبا الغربية فيما عرف حينها ببلاد الغال.

ما كان لفرنسا أن تحتل الجزائر في 1830 لولا خسارة الجزائر لأسطولها بمعركة نافارين قرب اليونان في 1827! غزو جاء بعد عجز فرنسا عن سداد ديونها للجزائر

هل كان هناك أمة فرنسية قبل تدخل برباروس لحماية مرسيليا على المتوسط؟ وقبل أن يوقف الأتراك الغزو الاسباني والمجري النمساوي لبلاد الغال بزحف سليمان القانوني على فينا؟

*     *     *

لم تولد الأمة الفرنسية من رحم جان دارك القديسة في الكنيسة الرومانية، ولا من رحم ماري أنطونيت المجرية الاصل؛ فجذورها تضرب عميقا في التاريخ لتعود بها إلى قبائل الغال التي عرفت بالقسوة والهمجية المفرطة، متنقلة على كامل مساحة اوروبا الغربية؛ فيما عرف حينها ببلاد الغال.

 قبائل اجتاحت روما وأحرقتها؛ لم يكونوا مختلفين عن التتار والمغول الذين أحرقوا بغداد ومكتباتها.

قبائل ظلت تائهة ومتصارعة، فلم تنجح محاولات شارل مارتال وخلفائه في توحيدها تحت سقف الامبراطورية الرومانية المقدسة، فتحولت إلى ممالك متنازعة بين الساحل النورماندي ذي الصبغة الانجلوسكسونية وساحل المتوسط وجبال الالب (بلاد الغال) المعروفة اليوم باسم فرنسا، لم تكن اللغة الفرنسية متخلقة بعد، إذ ساد عدد من اللهجات المتصارعة كحال الممالك المتنافسة ذاتها.

لم تتبلور الهوية الفرنسية بفعل الحروب الصليبية أو بفعل الحروب بين لويس السابع وملك إنجلترا، فكلاهما من أعراق السلت والكلت المتصارعة على إرث شارل مارتال، وحلم إحياء الامبراطورية الرومانية المقدسة ولغتها اللاتينية الرسمية المفضلة للطبقات الحاكمة.

الهوية الفرنسية ما كان لها أن تظهر دون دعم الاسطول الجزائري بقيادة خير الدين برباروس، والأسطول العثماني الذي قدم المساعدة للملك فرنسيس الاول في مواجهة الامبراطورية المجرية لآل هابسبورغ وأنسبائهم في اسبانيا.

فلولا تدخل الأمة الجزائرية والتركية لما كان هناك امة فرنسية، وإنما أقاليم تتقاسمها المجر واسبانيا وانكلترا؛ ولكان ميناء مرسيليا إسبانياً، وباريس قرية ألمانية وليل مدينة بلجيكية وساحل النورماندي إقليم في المملكة المتحدة.

فهل كان هناك أمة فرنسية قبل أن يتدخل برباروس لحماية ميناء مرسيليا على المتوسط، وقبل أن يوقف الأتراك الغزو الاسباني والمجري النمساوي لبلاد الغال بزحف سليمان القانوني على فينا.

هكذا يجب أن يُكتب التاريخ؛ ولعل هذا سبب كاف دفع الخارجية الجزائرية لسحب سفيرها من العاصمة الفرنسية باريس التي أرهقتها الحرائق واحتجاجات السترات الصفراء.

فرفض الجزائر، ومن قبلها المملكة المغربية، قرار الحكومة الفرنسية بترحيل تسعة آلاف مهاجر لا يحملون أوراقاً ثبوتية إلى أراضيهما؛ أثار غضب الرئيس الفرنسي ماكرون، ودفعه للقول وبلغة المستعمر المتعالية: "هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ هذا هو السؤال".

حالة الغضب أفقدت ماكرون صوابه، فهاجم تركيا مدعياً أنها استعمرت الجزائر قبل فرنسا، علما بأن الاحتلال الفرنسي للجزائر ما كان له أن يكون في العام 1830 لولا خسارة الجزائر لأسطولها الحربي في معركة نافارين قرب اليونان العام 1827، غزو جاء بعد عجز باريس عن سداد ديونها للأمة الجزائرية في حينها.

تساؤل ماكرون عن حقيقة الأمة الجزائرية؛ جاء أثناء لقائه مواطنين فرنسيين من أصول جزائرية، للتعليق على قراره بخفض عدد تأشيرات الدخول للمواطنين من المغرب والجزائر.

فماكرون لم يعجبه الرد الجزائري، ويريد إعادة كتابة التاريخ باللغة الأمازيغية والعربية، متناسيا اللغة التي كتبت فيها بريطانيا واستراليا وأمريكا بنود اتفاق أوكوس وصفقة السلاح قبل أيام، وهي اللغة الانجليزية وأحرفها اللاتينية التي سادت في القرون الوسطى في أجزاء واسعة من فرنسا.

ختاماً.. لغة ماكرون المتعالية تغذي الدعوات والأصوات التي باتت تتعالى عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمأسسة المقاطعة للبضائع والثقافة الفرنسية، فماكرون- ومن ورائه اليمين- يقود فرنسا لمزيد من العزلة تشبه تلك لتي عاشتها في عصور الظلام، حيث كان قبائل الغال تتنقل بين الغابات، وتعتاش على ضفاف الأنهر بدون هوية أو لغة معروفة.

* حازم عياد كاتب صحفي اردني

المصدر | السبيل

  كلمات مفتاحية

فرنسا، الأمة الجزائرية، تناحر، قبائل الغال، أوكوس، تركيا، الجزائر،