انقسام بصفوف المعارضة الكويتية حول العفو عن المنفيين.. ما القصة؟

الأحد 3 أكتوبر 2021 11:50 ص

أفادت مصادر مطلعة بأن الرسالة المفتوحة، التي وجهها النائب الكويتي السابق "مسلم البراك" وعدد من النواب المعارضين خارج البلاد، في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، أثارت انقسامات في صفوف المعارضة البرلمانية حول "العفو عن المنفيين" كأحد أهم ملفات الحوار الوطني المزمع انعقاده بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، غدا الإثنين.

وجاء هذا الانقسام على خلفية تضمن الرسالة انتقادا علنيا لأداء نواب المعارضة الحاليين في مجلس الأمة، البالغ عددهم 32 نائباً، خاصة لمقاطعتهم جلسة يوم 30 مارس/آذار في محاولة لمنع الحكومة الجديدة من أداء القسم، وفقا لما أوردته دورية "جلف ستيت نيوزتيلر" الاستخباراتية البريطانية.

الجلسة شملت التصويت على مشروع قانون عفو ​​كان من شأنه أن يمنح المعارضين من خارج البلاد في مناف اختيارية طريقاً قانونياً للعودة إلى البلاد والحصول على عفو كامل من ملاحقتهم قضائيا على خلفية قضايا أبرزها تلك المعروفة إعلاميا بـ "اقتحام مجلس الأمة".

وإزاء ذلك، تمكن نواب ووزراء موالون للحكومة الكويتية من عرقلة مشروع القانون في غياب نواب المعارضة، وهو ما انتقده بيان "البراك" وزملائه، وجاء فيه: "كان من الأفضل للإخوة، نواب الأغلبية، أن يدخلوا ويصوتوا على قانون العفو الشامل".

كما انتقدت الرسالة المفتوحة نواب المعارضة لتركيز طلباتهم على استجواب رئيس الوزراء الشيخ "صباح خالد الصباح"، الذي أسفرت جلسة 30 مارس/آذار عن تأجيل استجوابه حتى أكتوبر/تشرين الأول 2022، بعد تصويت مثير للجدل.

ثمة بوادر تأييد شعبي للعفو برزت عبر "تويتر" آنذاك، إذ انتشر وسم "العفو أولوية"، وتجمع ناشطون في ساحة الإرادة بالعاصمة الكويت للتعبير عن دعمهم للمبادرة، كما أطلق الناشط "محمد سلطان المطيري" عريضة على موقع "مناشدة.نت" تدعو أمير البلاد إلى العفو عن المنفيين.

وإزاء موقف نواب المعارضة في جلسة 30 مارس/آذار فشلت المحاولات المختلفة للحصول على عفو قانوني عن المنفيين، فيما صرح رئيس مجلس الأمة "مرزوق الغانم" بأن "العفو لا يمكن إلا من قبل الأمير".

وانتهى بيان "البراك" وزملائه بالإشارة إلى "انقسامات" داخل التيار المعارض، حيث أشاروا إلى أنهم "فضلوا الصمت والتعبير عن انتقاداتهم من خلال التواصل المباشر مع النواب حتى لا يضعف الموقف السياسي للأغلبية، لكن بات من الضروري أن يوضحوا موقفهم للشعب الكويتي".

ومن المقرر ألا ينعقد مجلس الأمة مرة أخرى حتى 26 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ولذا لا يوجد وقت كاف لحل هذا الملف تشريعيا قبل نهاية العام.

وبينما صرح النائب "مهند الساير"، في 26 سبتمبر/أيلول  الماضي، بأنه يعتقد أن العفو "سيصدر قريباً"، دون أن يذكر تفاصيل عن كيفية حدوث ذلك، ترجح مصادر الدورية البريطانية أن تظل قضية المعارضين من خارج البلاد موضع خلاف بالأوساط السياسية الكويتية، مشيرة إلى أن العفو الكامل عن المحكومين بالسجن منهم سيكون بمثابة انتصار لمن تحدثوا بشكل مباشر ضد الأمير السابق، الشيخ "صباح الأحمد الجابر الصباح"، ما يجعل انتقاد الأمير أمرا مشروعًا، وهو ما ظل تاريخيا بمثابة خط أحمر لا يمكن تجاوزه دون تداعيات شخصية وقانونية خطيرة في الكويت.

ومع ذلك، سلطت الدورية البريطانية الضوء على ظهور جناح بالمعارضة الكويتية يتقبل دعوة الحوار الوطني التي أطلقها أمير البلاد، وتؤيدها مجموعة "البراك"، يشمل نوابا سابقين يقيمون حاليا بتركيا، منهم: "مبارك الوعلان" و"سالم النملان" و"خالد الطاحوس"، إلى جانب الناشطين الشباب "مشعل الزيدي" و"ناصر الرداس" و"محمد البليهيص" و"عبدالعزيز الجارالله".

وتأتي دعوة أمير الكويت لحوار السلطتين التنفيذية والتشريعية مع حلول الذكرى الأولى لتوليه الحكم في 29 سبتمبر/أيلول عام 2020، في محاولة لخلق مشهد سياسي جديد في البلاد بعد عام كامل من الأزمات السياسية والصراع بين البرلمان والحكومة.

واستقبلت غالبية التيارات السياسية في الكويت، وعلى رأسها التيارات المعارضة مثل حركة العمل الشعبي "حشد" بيان أمير البلاد بالترحيب، إضافة إلى الحركات الإسلامية مثل حركة "حدس" الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمون" في البلاد، فضلاً عن الحركات الوطنية والليبرالية واليسارية مثل "التقدمي" و"المنبر الديموقراطي" و"التحالف الوطني".

كما رحب عدد كبير من نواب المعارضة بدعوة أمير البلاد للحوار الوطني، لكن بعضا من أقطاب المعارضين المقيمين بالخارج، بسبب صدور أحكام سجن بحقهم على خلفية قضية اقتحام مجلس الأمة عام 2011، استنكروا الدعوة للحوار الوطني واعتبروها مجرد "غطاء حكومي لشراء الوقت" ومحاولة لمناورة البرلمان المعارض.

من هؤلاء "فيصل المسلم"، المحسوب على تيار الإخوان، وهو نائب سابق وأحد قادة المعارضة في تركيا، وأحد المدانين في قضية اقتحام مجلس الأمة، حيث استنكر دعوة الحوار الوطني، مؤكداً أنها تأتي ضمن تنازلات للحكومة وتخلياً عن المطالب الشعبية برحيل رئيسي مجلس الأمة "مرزوق الغانم" ورئيس مجلس الوزراء "صباح الخالد الصباح"، والحصول على عفو من الأمير وإنهاء ملف معتقلي الرأي "قبل أي مفاوضات مع الحكومة".

"محمد المطير" أحد نواب المعارضة الكويتية حاليا يعتبر "فيصل المسلم" الأب الروحي له، ويرفض هو أيضا التحاور مع الحكومة والتفاهم معها، من دون رحيل رئيسي مجلس الأمة ورئيس مجلس الوزراء.

واعتبرت مصادر داخل الحكومة الكويتية أن تباين الموقف من الدعوة للحوار الوطني جاء بمثابة "انتصار حكومي"، أدى إلى تشظي المعارضة بشكل نهائي وتقسيمها، ما سيؤمن لرئيس الوزراء أغلبية "لا بأس بها داخل البرلمان" في دور الانعقاد المقبل، الذي سينطلق في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وفقا لما أورده موقع "العربي الجديد".

وسيمثل نواب المعارضة الكويتية بالحوار، المقرر غدا الإثنين، "عبيد الوسمي" و"حسن جوهر" و"مهلهل المضف"، فيما سيمثل "هشام الصالح" النواب الموالين للحكومة، وسيمثل رئيس مجلس الأمة "مرزوق الغانم" المؤسسة التشريعية، فيما سيتمثل رئيس مجلس الوزراء الشيخ "صباح الخالد الصباح"، على أن يجري الحوار بإشراف مستشارين من الديوان الأميري، هما "محمد ضيف الله شرار المطيري" و"حمود العتيبي".

يذكر أن المعارضة الكويتية حققت نجاحاً خلال الانتخابات البرلمانية في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكنها فشلت في ترجمة هذه النجاحات لإسقاط رئاسة رئيس مجلس الأمة الموالي للحكومة "مرزوق الغانم"، ما أدى إلى تقديم استجواب ثلاثي أسقط الحكومة بعد أقل من شهر على تشكيلها في يناير/كانون الثاني الماضي، لكن أمير البلاد أعاد تكليف رئيس مجلس الوزراء بتشكيل حكومة جديدة.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الكويت المعارضة نواف الأحمد الجابر الصباح البرلمان نواب منفيين صباح الخالد الصباح مجلس الأمة

أمير الكويت يدعو لإطلاق حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية

كويت جديدة.. هل يمهد الأمير نواف طريق الإصلاح السياسي؟

المعارضة الكويتية تعلن عن مشروع وطني للإصلاح السياسي