استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العراق بين اليأس والرجاء

الجمعة 15 أكتوبر 2021 08:14 ص

العراق بين اليأس والرجاء

القوى الشعبية المطالبة بالتغيير لم تحركها أحزاب سياسية لها وجودها المتجذر في بيئتها الشعبية.

يخشى أن يجد العراق نفسه مدفوعاً مجدداً نحو تجرع اليأس الذي سبق أن سئم من تجرعه على مدى سنوات ما بعد الاحتلال الأمريكي.

الخوف أن يلجأ «تحالف الفتح» والأحزاب المدعومة بـ«الحشد الشعبي» لاستخدام وسائل غير قانونية لإسقاط نتائج الانتخابات ومعها العملية الانتخابية.

طالبت التظاهرات بتغيير الطبقة الحاكمة كلها، حاكمة ومعارضة، باعتبارها «طبقة طائفية» و«واجهة لحكم محاصصة طائفية» يجب التخلص منه ومتورطة بالفساد.

غابت فرصة التغيير وتراجع الرجاء وبدأ اليأس يتهدد العراق بسبب تراجع مقاعد «تحالف الفتح» بقيادة هادي العامري وفوز التيار الصدري المنافس بقوة له بأعلى الأصوات.

*     *     *

قبل أن تجرى الانتخابات المبكرة التي شهدها العراق، يوم الأحد الفائت، كانت الطموحات لدى قطاعات شعبية واسعة، على رأسها القوى التي قادت حركة الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية ابتداء من أكتوبر/ تشرين أول عام 2019، تتجاوز المفهوم التقليدي لتداول السلطة الذي هو أحد أهم معايير الحكم الديمقراطي الذي يتيح أن تتحول القوى الحاكمة إلى المعارضة.

وأن تتقدم المعارضة لتسلّم مقاليد الحكم، بل كانت تطالب بتغيير الطبقة الحاكمة كلها، الحاكمة والمعارضة، باعتبارها «طبقة طائفية»، وأنها «واجهة لحكم المحاصصة الطائفية» الذي يجب التخلص منه، وأنها متورطة في الفساد.

كانت هذه القوى طامحة إلى التغيير الجذري ومحاكمة الفاسدين، واستطاعت بتضحياتها أن تسقط حكومة عادل عبدالمهدي، وأن تفرض على الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي التعجيل بموعد إجراء الانتخابات البرلمانية للإسراع بتحقيق التغيير المأمول.

وللأسف، لم يتحقق هذا الرجاء، لأن هذه القوى، وغيرها من القوى صاحبة المصلحة في التغيير، لم تسلك السبل الكفيلة بإنجاح هذا الطموح.

وأولها التوحد التنظيمي والحركي لخوض الانتخابات وفق مشروع وطني محدد المعالم.

لم تفعل هذه القوى ذلك مثل غيرها من القوى التي قادت الانتفاضات في أقطار عربية عام 2011 لسببين؛

- أن هذه القوى الشعبية لم تحركها أحزاب سياسية لها وجودها المتجذر في بيئتها الشعبية،

- وأنها كانت حركة عفوية لا تملك مشروعاً سياسياً، أو حتى برنامجاً سياسياً، كانت تملك شعارات ومطالب فق تتوجه بها إلى القوى الحاكمة التي تسعى إلى إسقاطها.

السبيل الثاني الذي لم تسلكه هو أنها تخطط لكسب الانتخابات عبر تأسيس تحالف من قوى مؤمنة بالتغيير المأمول، والأكثر من ذلك أنها لم تحشد شعبياً لإنجاح مثل هذه القوى التي يمكن المراهنة عليها من منظور اقترابها من مطالبها، مثل التيار الصدري.

لكنها دخلت في خصومة مع مقتدى الصدر رغم وقوفه مثلها ضد التنظيمات المسلحة، سواء ضمن «الحشد الشعبي»، أو خارجه، والأكثر من ذلك أنها انقسمت فيما بينها على خوض الانتخابات، حيث تبنى الكثير من قيادات النشطاء في أوساط الحراك الشعبي مقولة «عدم المشاركة في الانتخابات»، اعتقاداً بأن هذه الانتخابات «لن تأتي بجديد، وستؤدي إلى صعود ذات القوى السياسية التي ساهمت في تراجع البلاد منذ سنوات».

تزعّم هذه الدعوة حزب «البيت الوطني» الذي انبثق عن «حراك تشرين» الشعبي الذي قاد الاحتجاجات، وفعل الأمر نفسه «اتحاد العمل والحقوق»، بينما كل من حركتي «امتداد» و«نازل آخذ حقي» شاركا في الانتخابات لقناعتهما بأن خوض الانتخابات وبقوة هو الطريق السليم لإحداث التغيير.

وجاء تكتيك الأحزاب المدعومة بـ«الحشد الشعبي» بعدم الدخول كطرف داعم لتوسيع هامش المشاركة الانتخابية، اعتقاداً منها بأن الخطر كل الخطر يتمثل في دخول الكتلة الشعبية غير محسومة التوجه السياسي للمشاركة في التصويت خشية أن يكون دخولها لمصلحة الأحزاب والكتل المناوئة!

لذلك لم تشارك بإيجابية في دفع المواطنين للمشاركة في الانتخابات، ومن ثم جاءت نتيجة التصويت هي الأسوأ من منظور نسبة المشاركة، رغم كل الجهود المضنية التي قامت بها الحكومة، ورئيسها مصطفى الكاظمي، مدعوماً برئيس الجمهورية برهم صالح، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة 41%.

ورغم هذه النسبة التي يقول البعض إنها «تصويت ضد النظام وشرعيته» إلا أن البعض يقول أيضاً إن نتائج الانتخابات «لن تحقق التغيير المأمول»، فقد جاءت الانتخابات بالقوى نفسها مع إعادة ترتيبها فقط، ولم تحصل القوى المؤيدة للاحتجاج الشعبي على أكثر من 20 مقعداً في البرلمان من مجموع 395 مقعداً.

وغابت فرصة التغيير وتراجع الرجاء فيه، لكن اليأس بدأ يتهدد العراق بسبب تراجع مقاعد «تحالف الفتح» المعبر بقوة عن «الحشد الشعبي» بقيادة هادي العامري، وفوز التيار الصدري المنافس بقوة له بأعلى الأصوات.

فقد تراجعت مقاعد «تحالف الفتح» إلى مجرد 16 مقعداً بعد أن كانت 47 مقعداً في البرلمان السابق، ووفقاً للنتائج شبه النهائية، ارتفعت مقاعد التيار الصدري إلى 73 مقعداً، بعد أن كانت 54 في البرلمان السابق، الأمر الذي دفع العامري إلى رفض هذه النتائج، ووصفها بأنها «مفبركة»، وقال «لا نقبل بهذه المقاعد المفبركة مهما كان الثمن، وسندافع عن أصوات مرشحينا وناخبينا بكل قوة».

الدفاع عن الحقوق التي يتحدث عنها العامري، إن كان قانونياً، سيكون من خلال الطعن القانوني في النتائج، لكن الخوف كل الخوف أن يلجأ «تحالف الفتح» والأحزاب الموالية مدعومة بفصائل «الحشد الشعبي» إلى استخدام وسائل أخرى غير قانونية لإسقاط نتائج الانتخابات، ومعها كل العملية الانتخابية، عندها سيجد العراق نفسه مدفوعاً مجدداً نحو تجرع اليأس الذي سبق أن سئم من تجرعه على مدى سنوات ما بعد الاحتلال الأمريكي.

* د. محمد السعيد إدريس خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

العراق، الانتخابات، الحشد الشعبي، تحالف الفتح، المحاصصة الطائفية، الفساد، التيار الصدري، التغيير،

ماذا حققت حركة الاحتجاج؟.. قراءة في نتائج الانتخابات العراقية