اللجنة الدستورية السورية ومنهج العربة أمام الحصان

الثلاثاء 19 أكتوبر 2021 07:05 ص

اللجنة الدستورية السورية ومنهج العربة أمام الحصان

النظام مصر على تعديل الدستور الحالي والمعارضة تطالب بدستور جديد يلاقي مطالب الشعب السوري التي كانت في أساس انتفاضته الشعبية.

أي سوريا يتوجه إليها بيدرسون على رأس لجنة الدستورية وللتصويت على أي دستور حتى لو تفاءل المرء بالمستحيل وافترض نجاح عشر جولات أخرى؟

وضع العربة أمام الحصان حماقة وركود في المكان ومضيعة للوقت ومسعى لقتل وظيفة الاثنين وهذا ما انتهت إليه جولات خمس ويُنتظر الجولة الراهنة السادسة.

إذا لم تتوافق الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن مع القوى الأجنبية التي تحتل الأراضي السورية على تطبيق بنود قرار مجلس الأمن فالابتداء من اللجنة الدستورية إنما يكرس منهجية وضع العربة أمام الحصان.

*     *     *

أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون انطلاق جولة سادسة من مباحثات اللجنة السورية المشتركة المكلفة بإصلاح الدستور أو تعديله أو صياغة نسخة جديدة.

ومن المعروف أن هذه اللجنة تنقسم إلى هيئة مصغرة من 15 امرأة ورجلاً موزعة بالتساوي على ممثلين عن النظام والمعارضة والمجتمع المدني، وهيئة أعلى مؤلفة من 150 شخصية تعتمد التوزيع الثلاثي المتساوي بمعدل 50 لكل من الأطراف الثلاثة.

وليس ثمة دلائل ملموسة توحي بأن هذه الجولة السادسة سوف تكون أفضل حظاً من سابقاتها، أو أن تنتهي فعلياً إلى توافقات كفيلة بردم الهوة الفاغرة بين النظام المصر على تعديل الدستور الحالي أو إصلاحه، والمعارضة المطالبة بدستور جديد يلاقي مطالب الشعب السوري التي كانت في أساس انتفاضته الشعبية على امتداد السنوات العشر المنصرمة وبذل في سبيلها تضحيات كبرى.

فالأصل في هذه اللجنة هو أنها وليدة القرار الأممي 2254 الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي أواخر العام 2015، وبالتالي إذا لم تتوافق الدول دائمة العضوية في المجلس مع القوى العسكرية الأجنبية التي تحتل مساحات من الأراضي السورية على الشروع في تطبيق بنود ذلك القرار تباعاً، فإن الابتداء من اللجنة الدستورية إنما يكرس منهجية وضع العربة أمام الحصان.

وكما كانت موسكو محرّك تسمية أعضاء اللجنة بعد أكثر من سنتين على عجز الأمم المتحدة عن القيام بما هو في صلب اختصاصها، كذلك فإن الكرملين قادر على دفع النظام السوري إلى تنفيذ هذا الجزء العملي أو ذاك من القرار الأممي 2254 وإلا فإن وجود وفد النظام في مباحثات جنيف سوف يظل شكلانياً مفرغاً من المحتوى والمعنى.

ومن جانب آخر كان بيدرسون نفسه هو الذي أحاط مجلس الأمن الدولي علماً بأن سوريا تواجه وضعا إنسانياً واقتصادياً شديد الصعوبة، بعض عناوينه وجود أكثر من 13 مليون سوري في حاجة ماسة للمساعدة الإنسانية بينهم قرابة 90% تحت خط الفقر، فضلاً عن العنوان الآخر الذي يعرفه العالم للتو حول وجود نحو 7 ملايين نازح سوري في بلاد الجوار والعالم، وملايين أخرى لا حصر لها من النازحين داخل البلد بعيداً عن مساكنهم.

فأي سوريا يمكن أن يتوجه إليها بيدرسون على رأس اللجنة الدستورية، وللتصويت على أي دستور، حتى إذا تفاءل المرء بالمستحيلات وافترض نجاح عشر جولات أخرى مقبلة؟

وأما الجانب الثالث الذي يتعمد بيدرسون إغفاله، أسوة بأعضاء اللجنة الدستورية أنفسهم وعلى اختلاف انتماءاتهم، فهو ذاك الذي يتساءل عن شرعية الـ15 أو الـ150 الذين يزعمون التفاوض، سواء نيابة عن النظام أو المعارضة أو المجتمع المدني، وكيف ومتى حصلوا على تفويض من الشعب السوري، وما الذي سوف يجبر السوريين على الامتثال إلى نتائج مفاوضاتهم ومساوماتهم وصفقاتهم؟

وإضافة إلى الحقيقة القديمة التي تقول إن وضع العربة أمام الحصان حماقة موصوفة، فإنها كذلك ركود في المكان ومضيعة للوقت ومسعى لقتل أي وظيفة مناطة بالاثنين معاً، وهذا ما انتهت إليه الجولات الخمس الماضية، ويُنتظر منطقياً أن تنتهي إليه الجولة الراهنة السادسة.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

سوريا، بيدرسون، اللجنة الدستورية، النظام، المعارضة، المجتمع المدني،