استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

النهضة.. رؤية وأدوات

السبت 23 أكتوبر 2021 05:01 م

النهضة.. رؤية وأدوات

الأنظمة العسكرية أو الجمهورية تراهن على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي النسبي لضمان بقاء النظام الحاكم بالسلطة مدّة حكمه فقط.

كل نهضة أو خروج من التخلف تحتاج إلى رؤية وأدوات لتنفيذها وإنجازها، الرؤية هي التصوّر والخطة التي تلي الرغبة في النهوض والبناء.

بناء الإنسان حجر الزاوية لكل مشروع نهضوي أو تنموي ولا يكون بناء الإنسان إلا بالتعليم والتربية ومراجعة أنساق السلوك والفكر والأخلاق التي تسبق حجر الأساس.

العنصر البشري أهم أدوات النهضة لأنه الوحيد القادر على صناعة الثروة حتى من لا شيء كما هو الحال في صناعات الذكاء الاصطناعي وتطبيقات التقنية الحديثة.

لا تمتلك الأنظمة العسكرية رؤية للنهضة لأنها لم تأت إلى السلطة بمشروع نهضوي أو تنموي بل تعمل على امتصاص الأزمات المهددة لها دوريا وعلى المدى القصير.

الأنظمة الوراثية تراهن على استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي بالمدى الطويل لضمان استقرار الحكم وبخلاف الأنظمة العسكرية تخشى الأنظمة الوراثية توريث الأزمات.

*     *     *

في حال الدولة كما في حال الأمة فإن كل نهضة أو خروج من حالة التخلف إنما تحتاج إلى رؤية وأدوات لتنفيذ الرؤية وإنجازها، الرؤية هي التصوّر والخطة التي تلي الرغبة في النهوض والبناء.

وهي هيكل هندسيّ يأخذ في الاعتبار كل العناصر الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والديمغرافية... الخاصة بالبلاد ومحيطها الجغرافي، فلا يمكن أن تكون الرؤية منفصلة عن محيطها نابعة منه؛ لأن ذلك قد يُعطل من أسباب نجاحها، لكن هذا لا ينفي أن تكون مُستلهَمة في بعض عناصرها من تجارب أخرى مع مراعاة خاصية السياق.

الأدوات هي العنصر الأساسي الذي لا يمكن بدونه بناء أية نهضة وهي تتوزع بين الأدوات البشرية والأدوات المادية من ثروات وعناصر أولية وقدرات اقتصادية وبنية تحتية وغيرها من وسائل العمل المادي.

العنصر البشري يبقى أهم أدوات النهضة لأنه الوحيد القادر على صناعة الثروة حتى من لا شيء، مثل ما هو الحال في صناعات الذكاء الاصطناعي وتطبيقات التكنولوجيا الحديثة.

هل يمكن الحديث عربيا عن رؤية وأدوات سواء فيما يتعلق بالبناء العربي ككل أو البناء القُطري في كل دولة عربية على حدة ؟ تختلف التجارب وتتباين بين مجموعتين رئيسيتين رغم الاتفاق المبدئي على أن كل الدول العربية تملك من الثروات البشرية والطبيعية ما يسمح لها بتحقيق قفزة تنموية هائلة.

تتمثل المجموعة الأولى في الأنظمة العسكرية أو الجمهورية التي تراهن على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي النسبي لضمان بقاء النظام الحاكم في السلطة مدّة حكمه فقط.

لا تمتلك هذه الأنظمة رؤية للنهضة لأنها لم تأت إلى السلطة بمشروع نهضوي أو تنموي بل تعمل على امتصاص الأزمات المهددة لها بشكل دوري وعلى المدى القصير، ليس من أهداف هذه المجموعة إذن بناء الإنسان لأنه آخر همّها وليس هدفا من أهدافها التنموية.

أما المجموعة الثانية فتتمثل أساسا في الأنظمة الوراثية التي تراهن على الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي على المدي الطويل لضمان استقرار الحكم نفسه، فبخلاف المجموعة السابقة تخشى الأنظمة الوراثية توريث الأزمات.

تحاول هذه الأنظمة بطرق مختلفة تحقيق نهضة على المدى الطويل وقد نجحت في تحقيق تحول تنموي لكنها بقيت قاصرة عل مستوى بناء الإنسان وهو ما أعاق الرؤية ومنعها من التحقق بالشكل الذي كان منتظرا.

خلاصة القول إن بناء الإنسان هو حجر الزاوية في كل مشروع نهضوي أو تنموي مهما كان ولا يكون بناء الإنسان إلا عبر التعليم والتربية ومراجعة الأنساق السلوكية والفكرية الأخلاقية التي تسبق كل حجر أساسٍ.

* د. محمد هنيد أستاذ العلاقات الدولية المشارك بجامعة السوربون، باريس.

المصدر | الوطن

  كلمات مفتاحية

النهضة، الرؤية، الأدوات، بناء الإنسان، الأنظمة الوراثية، الأنظمة العسكرية، النظام الحاكم، التخلف،