استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

السودان.. فيلتمان ونهاية التفرد الأمريكي

الجمعة 29 أكتوبر 2021 02:26 م

السودان.. فيلتمان ونهاية التفرد الأمريكي

تلويح الإدارة الأمريكية بمجلس الأمن خطوة يائسة لا يتوقع أن تحقق غاياتها دولياً أو داخلياً في السودان.

رسّخ المجلس العسكري نفوذه وقدم نفسه كمناهض لـ"الإقصاء السياسي" الذي تبنته بعض قوى وشخصيات بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.

عجز أمريكا عن فرض إرادتها على الفرقاء في السودان وفقا لرؤيتها وأجندتها الخاصة المتعلقة بواقع السودان ومستقبله أثار غضبها إلى حد كبير.

تدهورت الاوضاع السياسية بإعلان رئيس المجلس السيادي الفريق البرهان حالة الطوارئ وحل الحكومة وتعليق العمل بالعديد من بنود الوثيقة الدستورية.

هل أنهى تحرك البرهان هذا الخطر؟ أم أن السودان على موعد مع مناورات قاسية وطويلة دوليا تعكس الاختلال الذي طال أمده في الساحة الداخلية والدولية؟

التفرد الأمريكي بالسودان أضر بالمرحلة الانتقالية وأخل بالتوازن السياسي والاجتماعي وقاد لتعنت واضح لدى الاطراف السياسية بما هدد بانفجار الصراعات والحروب الأهلية..

تحرك العسكر رغم خطورته وتحديه للإرادة الأمريكية والقوى الغربية بات أكثر قابلية للمناورة السياسية بين قوى دولية تم إبعادها عن تحولات السودان بعد التفرد الأمريكي الذي طال أمده في السودان؛ فرهان العسكر وحلفائهم على القوى الدولية والإقليمية كبير.

*     *     *

بلغت الأزمة في السودان ذروتها بحضور المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، فبعد لقاء الوفد الأمريكي برئيس الوزراء عبدالله حمدوك، ورئيس المجلس السيادي الفريق عبدالفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات التدخل السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، ووزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي!

تدهورت الاوضاع السياسية بإعلان رئيس المجلس السيادي الفريق البرهان حالة الطوارئ، وحل الحكومة، وتعليق العمل بالعديد من بنود الوثيقة الدستورية.

الجهود الأمريكية فشلت رغم تسلح فيلتمان بترسانة من العقوبات المرعبة والحوافز الاقتصادية المغرية التي بلغت 700 مليون دولار، فضلا عن قروض ومنح متوقعة من صندوق النقد والبنك الدوليين والمجموعة الأوروبية، الأمر الذي جعل من تلويح الإدارة الأمريكية بمجلس الأمن خطوة يائسة لا يتوقع أن تحقق غاياتها دولياً أو داخلياً في السودان.

فانعقاد جلسة مجلس الأمن كان عبر جلسة طارئة ومغلقة لمناقشة الأوضاع في السودان بطلب من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وإيرلندا والنرويج وإستونيا، تجنبا لمواجهات تقوض الإجماع الدولي المفترض أو المتوهم.

فروسيا العضو الدائم في مجلس الأمن؛ دعت الأطراف السودانية إلى تسوية خلافاتهم بأنفسهم بعيداً عن التدخل الخارجي، جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بقوله: "يجب على السودانيين تسوية الوضع في البلاد بأنفسهم، نريد أن يحدث هذا في أسرع وقت ممكن، ودون وقوع خسائر في الأرواح".

الناطق باسم الكرملين دعا الأطراف المنخرطة بالأزمة إلى ضرورة ضبط النفس، معرباً عن أمل بلاده عودة العمل بالإطار الدستوري في أقرب وقت ممكن، فروسيا تتعامل بتحفظ كبير في موازاة الانفعال المترافق بالفشل الذي واجهته واشنطن في الخرطوم، فعجزها عن فرض إرادتها على الفرقاء في السودان وفقا لرؤيتها وأجندتها الخاصة المتعلقة بواقع السودان ومستقبله؛ أثار غضبها إلى حد كبير.

موسكو، ومن ورائها بكين، وجدت في التحرك العسكري فرصة لكسر حلقة النفوذ الأمريكي الخانقة في السودان؛ إذ لا ترى في التدخل الدولي والأمريكي سبيلاً لمعالجة الازمة.

حقيقة عبّر عنها بالإعلان عن جلسة طارئة ومغلقة في مجلس الأمن تجنباً لصدام يفاقم من معضلة النفوذ الأمريكي في السودان، ويعزز النفوذ الصيني والروسي في حال رفض الدولتين أي إجراءات أمريكية عقابية من خلال مجلس الأمن، فالفريق عبدالفتاح البرهان لم يخفِ علاقاته القوية بموسكو وبكين بعد أن عمل لفترة ليست بالقصيرة ملحقاً عسكرياً في بكين.

المجلس العسكري من خلال المجلس السيادي قدم نفسه كوصي على العملية الانتقالية، مقدماً تطمينات في الآن ذاته حول مصير رئيس الوزراء حمدوك الذي أعلن البرهان استضافته في منزله حماية له، معلنا قرب عودته للحياة العامة، فالمجلس العسكري رسّخ نفوذه وقدم نفسه كمناهض للإقصاء السياسي الذي تبنته بعض قوى وشخصيات داخل المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.

تحرك العسكر رغم خطورته وتحديه للإرادة الأمريكية والقوى الغربية؛ بات أكثر قابلية للمناورة السياسية بين القوى الدولية التي تم إبعادها عن التحولات الداخلية في السودان، وعلى رأسها الصين وروسيا، بعد التفرد الأمريكي الذي طال أمده في الساحة السودانية؛ فرهان العسكر وحلفائهم في السودان على القوى الدولية والإقليمية كبير.

ختاماً.. انفراد أمريكا والأوروبيين بالساحة السودانية أضر بالمرحلة الانتقالية، وهدد باختلال التوازن السياسي والاجتماعي، وقاد إلى تعنت واضح لدى الاطراف السياسية بشكل هدد بانفجار الصراعات والحروب الأهلية..

فهل أنهى تحرك البرهان هذا الخطر؟ أم أن السودان على موعد مع مناورات قاسية وطويلة في الساحة الدولية؛ تعكس الاختلال الذي طال أمده في الساحة الداخلية والدولية.. سؤال ستجيب عليه الأيام والأسابيع القليلة المقبلة.

* حازم عياد كاتب صحفي أردني

المصدر | السبيل

  كلمات مفتاحية

ا روسيا، السودان، البرهان، انقلاب، الصين، فيلتمان، أمريكا، التفرد الأمريكي، الإقصاء السياسي، قوى الحرية والتغيير، المرحلة الانتقالية،