استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عندما تضحي الحكومات بمصالح شعوبها

الثلاثاء 2 نوفمبر 2021 03:28 م

عندما تضحي الحكومات بمصالح شعوبها

الغاز القطري تدفق نحو الإمارات وينقذ دبي وأبوظبي من الغرق في الظلام في ذروة الحصار والأزمة الخليجية!

قرار الجزائر عدم تجديد العقد الخاص بتوريد الغاز سيؤثر سلباً على 3 دول هي الجزائر والمغرب وإسبانيا.

متى تُعلي الدول مصالح شعوبها وتضع المصالح الاقتصادية والأحوال المعيشية للمواطن بالاعتبار عند اتخاذها قرارات سياسية ذات أبعاد اقتصادية؟

أول أمس الأحد قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عدم تجديد العقد الخاص بتوريد الغاز الطبيعي عبر الأنبوب الذي يربطها بالمغرب منذ سنوات طويلة.

*     *     *

في الوقت الذي كانت الإمارات تشارك في حصار قطر، كان الغاز القطري يتدفق نحو الإمارات، بل وتعلن الدوحة أكثر من مرة التزامها بالتعاقدات المبرمة مع أبوظبي، والتي يتم بموجبها توفير نحو 30% من احتياجات الإمارات من الطاقة، والتأكيد أيضاً على أنها "أنقذت دبي وأبوظبي من الغرق في الظلام" بعدم قطعها لإمدادات الغاز الطبيعي على خلفية الأزمة الخليجية.

وفي الوقت الذي كانت الخلافات تشتد بين موسكو وأنقرة على خلفية ملفات عدة منها سورية وليبيا وأسيا الوسطى، كان الغاز الروسي يتدفق إلى تركيا، بل وتزداد كمياته يوما بعد يوم.

وفي الوقت الذي كانت أوكرانيا تهدّد روسيا بإجراءات إذا أوقفت مرور الغاز عبرها لصالح مشروع "نورد ستريم 2"، وتخوض موسكو حربا مكتومة وشرسة مع ألمانيا ودول أوروبية أخرى كان الغاز الروسي يتدفق على القارة العجوز، بل وتطلق موسكو "نورد ستريم 2" الشهير البالغة كلفته 10 مليارات يورو.

وفي الوقت الذي كانت فيه واشنطن تخوض حربا تجارية شرسة ضد بكين في عهد دونالد ترامب وقبلها حرب عملات في عهد باراك أوباما كانت المبادلات التجارية تنساب بين البلدين وبمليارات الدولارات من دون تعطل.

يتكرر المشهد في مناطق أخرى حول العالم، إذ من الطبيعي أن تحدث خلافات، بل حروب وصراعات بين الدول لأسباب عدة.

ومن الطبيعي أيضا أن تلجأ الدول إلى اتخاذ إجراءات عقابية بحق الدول الأخرى لإظهار مدى غضبها من سياساتها العدائية نحوها، مثل سحب السفراء والتشاور معهم، قطع العلاقات الدبلوماسية وطرد سفير الدولة المعادية، إغلاق الحدود وغيرها.

وهذا ما حدث منذ شهر أغسطس/آب الماضي حيث قطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب على أثر خلافات حادة حول قضية الصحراء الغربية.

وهذا أمر طبيعي في الأعراف الدولية، لكن ما هو غير طبيعي أن تمتد تلك الخلافات للاتفاقات والتعاقدات التجارية المبرمة بين الدول المتنازعة، وأن تضر الخلافات السياسية بمصالح الشعوب وتضغط على أحوالها المعيشية وتزيد تأزمها، وأن يمتد قطع العلاقات إلى الأمور التجارية والاقتصادية، وربما تشمل التحفظ على مشروعات والتضييق على استثمارات، أو منع تصدير الطاقة، وإلغاء اتفاقيات تدر على اقتصاد الدولة مليارات الدولارات سنويا.

أول أمس الأحد قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عدم تجديد العقد الخاص بتوريد الغاز الطبيعي والذي يربطها بالمغرب منذ سنوات طويلة.

كما أمر تبون شركة النفط الجزائرية العملاقة "سوناطراك" بوقف العلاقة التجارية مع الشركة المغربية وعدم تجديد العقد معها، وذلك على خلفية ما وصفها بـ"الممارسات ذات الطابع العدواني من المملكة المغربية تجاه الجزائر".

قرار تبون سيؤثر سلباً على 3 دول هي الجزائر والمغرب وإسبانيا، فالجزائر ستفقد مئات الملايين من الدولارات تمثل قيمة الغاز الطبيعي الذي كان يتم تصديره إلى كل من المغرب، فقيمة الغاز الذي يتلقاه المغرب عبر الأنبوب الجزائري يصل إلى نحو 160 مليون دولار سنويا.

وربما يضع القرار الحكومة الجزائرية في مأزق مع إسبانيا التي تتخوف من تأثير الخطوة على تدفق الغاز إليها، وهو أمر يقلق السلطات الإسبانية بشدة خاصة مع قدوم فصل الشتاء، وتفاقم أزمة الطاقة العنيفة التي تمر بها أوروبا، وقفزات أسعار الغاز الطبيعي، خاصة وأن الجزائر تعد الممون الأول لإسبانيا بالغاز.

والمغرب ثاني الخاسرين من القرار، إذ إن وقف ضخ الغاز الجزائري يمكن أن يرفع تكلفة استيراد الطاقة وفواتير الكهرباء داخل المملكة، كما يرفع تكلفة الإنتاج داخل المصانع والمنشآت الإنتاجية التي تستخدم الغاز كوقود، خاصة إذا ما لجأت الرباط إلى استخدام منتجات الطاقة التقليدية مثل الفحم، أو استيراد الغاز من دول أخرى لكن بأسعار أعلى وعلى مسافات أطول.

الدول يجب أن تُعلي مصالح شعوبها، وأن تضع المصالح الاقتصادية والأحوال المعيشية للمواطن في الاعتبار عند اتخاذها القرارات السياسية ذات الأبعاد الاقتصادية، لأن قرار مثل الذي اتخذه الرئيس تبون بحق المغرب سيحرم خزانة الجزائر من أموال هي في أمس الحاجة إليها.

كما قد يدفع الحكومة المغربية نحو زيادة سعر الغاز المنزلي لتعويض التكلفة الناتجة عن ارتفاع فاتورة استيراد الوقود.

كما سيدفع المغرب نحو البحث عن أسواق بديلة لاستيراد الغاز، وربما شراء الغاز الجزائري عن طريق إسبانيا أو أي دولة أوروبية أخرى.

* مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

الجزائر، المغرب، أسعار الغاز، اقتصاد الجزائر، الاقتصاد المغربي، الصحراء الغربية، اسبانيا، حصار قطر،