وعد بلفور وشقيقاته اتفاقيات أبراهام

الأربعاء 3 نوفمبر 2021 04:06 ص

وعد بلفور وشقيقاته اتفاقيات أبراهام

تمعن قوى الاستعمار ذاتها أكثر فأكثر في إدامة الخطيئة الأولى والسماح بالذهاب بها إلى درجات الفاشية القصوى.

أنظمة عربية هرولت للتطبيع على حساب حقوق شعب فلسطين تستكمل شرعية مجانية لدولة الاحتلال بما يجعل «اتفاقيات أبراهام» شقيقة شرعية لوعد 1917.

قوى الاستعمار اغتصبت فلسطين وساعدت العصابات الإرهابية الصهيونية على تشريد أهلها وتدمير قراهم وارتكاب مجازر وتطهير عرقي وتبصر اليوم ما آلت إليه الدويلة الاستيطانية العسكرية العنصرية.

*     *      *

في جملة واحدة، تتألف من 67 كلمة لا غير، سطّر وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور رسالة إلى الصيرفي والسياسي والزعيم الصهيوني والتر روتشيلد، بدأها بالقول إن «حكومة صاحبة الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين».

وهذه الوثيقة المشؤومة، التي ستدخل التاريخ تحت مسمى «وعد بلفور» كانت تتويجاً لسلسلة من الملابسات المقترنة بتطورات الحرب العالمية الأولى، والاستجابة لمجموعات الضغط الصهيونية في بريطانيا وأوروبا، والسعي عبر رشوة الجاليات اليهودية الأمريكية النافذة إلى استدراج الولايات المتحدة للانخراط في الحرب.

كذلك كان الوعد وثيق الارتباط بما آلت إليه في حينه المخططات الاستعمارية للتاج البريطاني في المشرق عموماً وفي فلسطين بصفة خاصة، ولهذا لم يكن غريباً أن تصدر رسالة بلفور رسمياً في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917 بعد يومين فقط من نجاح الجنرال اللنبي في دحر الجيوش العثمانية والألمانية والنمساوية واجتياح بئر السبع ثم يافا.

ولم يكن غير منطقي أيضاً أن أولى الدول التي اعترفت بالوعد كانت فرنسا وإيطاليا قبل أن تنضم الولايات المتحدة إلى صف المؤيدين في سنة 1919.

والتاريخ يسجل أن مواقف الحماس لهذا الوعد، الذي ينتهك كل قانون دولي وشرعة حقوقية، لم تقتصر على القوى الاستعمارية في تلك الحقبة، لأن نفوذ مجموعات الضغط الصهيونية كان آخذاً في الاشتداد والتوسع، على مستوى الساسة أسوة بالإعلاميين والصيارفة والصناعيين ورجال الدين.

فعلى صعيد الحكومة البريطانية نفسها، توفّر ضمن أعضائها سبعة من أصل عشرة وزراء يدينون بعقائد مسيحية إنجيلية تؤمن بأن اليهود وُعدوا من الله بوطن في فلسطين ولا بد أن يعودوا إليه، متناسين عن عمد أن نسبة اليهود في فلسطين لم تكن يومذاك تتجاوز 3 إلى 5 في المئة.

على صعيد إعلامي كان مثال صحيفة «الغارديان» هو الأوضح لأن رئيس تحريرها آنذاك ش. ب. سكوت كان من غلاة المؤيدين للصهيونية فهلل للوعد ورحب به بل ساعد على تنفيذه فعلياً، الأمر الذي سوف تعتذر عنه الصحيفة في سنة 2017 بمناسبة الذكرى المئوية للوعد، فتعتبره «خطأ التقدير الأسوأ الذي ارتكبته الصحيفة».

لم يكن هذا خيار الحكومة البريطانية خلال 104 سنوات انصرمت اليوم على الوعد، وأقصى ما خرجت به في سنة 1939 كان الإقرار بأن الواجب اقتضى منها مشاورة أصحاب الأرض من الفلسطينيين، وأما الاعتذار فإنه كان ويظل غير وارد.

ليس خافياً بالطبع أن القوى الاستعمارية، التي اغتصبت أرض الفلسطينيين وساعدت العصابات الإرهابية الصهيونية على تشريدهم وتدمير قراهم وارتكاب المجازر وأعمال التطهير العرقي، تبصر اليوم ما آلت إليه هذه الدويلة الاستيطانية العسكرية العنصرية، ولكنها تمعن أكثر فأكثر في إدامة الخطيئة الأولى والسماح بالذهاب بها إلى درجات الفاشية القصوى.

ولا يخفى في المقابل أن أدوار بعض الأنظمة العربية التي هرولت نحو التطبيع على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، إنما تستكمل النهج ذاته في توفير شرعية مجانية لدولة الاحتلال والاغتصاب، على نحو يجعل «اتفاقيات أبراهام» شقيقة شرعية لوعد 1917، لا تقل شؤماً وفداحة.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

وعد بلفور، فلسطين، الإرهاب، الصهيونية، اتفاقيات أبراهام، فاشية، شرعية، لاستيطان، التطهير العرقي، المجازر، تطبيع،

مثل الفاتيكان.. وثائق بريطانية قبل 46 عاما: السعودية رفضت مقترح دولة دينية بالقدس