محاولة اغتيال الكاظمي.. ماذا ينتظر العراق سياسيا وأمنيا؟

الأحد 7 نوفمبر 2021 03:39 م

محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي"، فجر الأحد، هي الأولى من نوعها على هذا المستوى من حيث الهدف الذي حاولت الطائرات المسيرة المفخخة النيل منه، منذ الاحتلال الأمريكي للبلاد عام 2003، هذا ما تخبرنا به الواقعة ابتداء، لكن النهاية تبدو مفتوحة على تداعيات أمنية وسياسية على العراق، الذي بات ممتدا على رقعة مشدودة للغاية وقابلة للتمزق والتشظي، في حال وجود حركة غير محسوبة.

وتشير طبيعة الهدف في الهرم السياسي العراقي إلى رغبة، تحولت إلى قرار، من الفصائل الموالية لإيران في البلاد، المتهم الأول في هذه الواقعة، في التصعيد دون سقف، ردا على ما تعتبره تلك الميليشيا وحواضنها السياسية من أحزاب شيعية، محاولة لقصقصة ريشها سياسيا، تمهيدا للإجهاز عليها أمنيا وعسكريا، بتواطؤ إقليمي وأمريكي، عبر إخراجها من معادلة الانتخابات، وفق ما خرجت من تصريحات من بعض قادة هذه الفصائل خلال الأيام الماضية.

ليست مجرد رد ثأري

وقد يكون من المخل اعتبار محاولة اغتيال "الكاظمي" هي مجرد رد ثأري على مقتل بعض المحتجين على مشارف المنطقة الخضراء في بغداد، خلال اليومين الماضيين، منهم أحد عناصر ميليشيا "عصائب أهل الحق".

ورغم التهديدات التي خرجت من بعض قيادات هذه الميليشيا بالرد على هذا القتل، والتي حددت "الكاظمي" كهدف صريح، إلا أن الشروع في التنفيذ يعبر عن شئ أكبر من هذا الثأر.

ومنذ مجي "مصطفى الكاظمي" إلى السلطة في العراق، يجمع مراقبون على أنه صنع خطا سياسيا مستقلا عن إيران بنسبة معتبرة، مقارنة مع سابقيه، وكان تواصله السياسي والأمني مع الولايات المتحدة، التي تظل اللاعب الأكبر في العراق، مميزا وخاصا، علاوة على أنه نجح في إعادة العراق، جزئيا، إلى محيطه العربي، بعقد شراكات مع دول عربية كالأردن ومصر وحتى السعودية ودول خليجية.

من هنا كانت رسالة الفصائل العراقية الموالية لإيران واضحة، بمحاولة استهداف "الكاظمي"، وهي أنه لا سماح بتجاوز المشهد السياسي العراقي – بأي حال – التيار الشيعي المرتبط بإيران، بحكم أن هو من يمتلك القوة العسكرية والتنظيمية الأكبر في البلاد، وهنا يمكن أن تكون المعادلة الجديدة هي: "عراق بلا فصائل شيعية = عراق بلا سلطة من قمة الرأس حتى أخمص القدمين".

القرار، إذن، من هذه الفصائل، كان هو التصعيد النوعي بلا سقف، وهو تصعيد من شأنه إرباك العراق خلال الفترة المقبلة، وهي فترة غاية في الصعوبة لتداعياتها الشديدة على مسار تشكيل الحكومة.

وكان لافتا أن تصعيد الفصائل العراقية المرتبطة بإيران تجاوز مجرد الاعتراض على نتائج الانتخابات، وصولا إلى حالة تصعيد نوعي بمحاولة اغتيال رأس الهرم السياسي في البلاد، والتي جاءت بعد محاولات لاستهداف البعثات الدبلوماسية فى المنطقة الخضراء شديدة التحصين، أو استهداف المصالح الأمريكية مجدداً داخل المنطقة نفسها، بما يمكن اعتبارها منظومة جديدة من إيران ووكلائها في التعاطي مع المشهد الأمني بعد اغتيال قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني "قاسم سليماني" في يناير/كانون الثاني 2020، وهي الواقعة التي مثلت تجاوزا من واشنطن لأحد أبرز الخطوط الحمراء مع إيران في المنطقة.

الهدف الأهم

هنا يأتي الهدف الأبرز للتصعيد الميليشياوي الأخير في العراق، وهو توتير المشهد الأمني وصولا لتحقيق هدف مرحلي مهم، وهو إعادة الانتخابات التي لم ترض نتائجها هذه الفصائل، أو الضغط للحصول على أفضل وضع ممكن لتعويض خسائر تيار الفتح (ممثلاً للحشد الشعبي) على غرار ما حدث في تسويات تشكيل الحكومة في أعقاب نتائج انتخابات عام 2018.

ويرى تحليل نشره مركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" في مصر، بالفعل، أن ما حدث يشي بأن الأوضاع السياسية والأمنية في العراق تسير نحو مزيد من التعقيد والتوتر الذي سيؤثر بالضرورة على مشاورات البرلمان الجديد بشأن تشكيل الحكومة خلال الأيام المقبلة، وهي الفترة ذاتها التي تستعد فيها بغداد لمرحلة ما بعد استكمال الولايات المتحدة سحب قواتها العسكرية القتالية من الأراضى العراقية، وما سيخلفه ذلك الانسحاب من تداعيات على مجمل المشهد العراقي ببعديه الأمني والسياسي.

ما يحدث يمكن اعتباره "حرب وجود" من هذه الفصائل، وغطاؤها السياسي، المتمثل بـ"تحالف الفتح"، لمعرفتهم أن أية حكومة مستقلة مقبلة، وفقا لنتائج الانتخابات الأخيرة، سيكون أبرز مهامها هو محاولة حصر السلاح بيد الدولة، وبالتالي حتمية إنهاء وجود الميليشيات.

وبحسب ما يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة جيهان في أربيل "مهند الجنابي"، لقناة "الجزيرة" القطرية، فإن "الحرب الوجودية" تلك أيضا يحركها خوف الفصائل الشيعية من تأثر الدعم والقوة التي كانوا يتلقونها من الراعي الإقليمي الإيراني، بعد النتائج المخيبة والمحبطة لهم بالانتخابات، وبالتالي فإن التصعيد الأمني، وصولا لـ"الكاظمي"، يمثل محاولة من هذه الفصائل للحفاظ على مكاسبها السياسية، كوسيلة لاستمرار الدعم من طهران، التي يهمها وجود ظهير سياسي قوي مؤيد لها داخل العراق، قبل أن يكون ظهيرا أمنيا أو عسكريا.

التيار الصدري

ويوجد طرف داخل العراق من المهم أن يحاول استيعاب الرسالة والتعامل معها بحكمة، وهو "التيار الصدري"، والذي جاء في المرتبة الأولى بنتائج الانتخابات، حيث أعلن زعيمه "مقتدى الصدر" أنه عازم على تشكيل "حكومة أغلبية"، وهو ما ترجمته لقاءاته الأخيرة بكتل سنية وشيعية حصدت مقاعد في الانتخابات.

السؤال الأخير والمهم الذي يمكن أن نسأله هنا: هل ستتسبب محاولة اغتيال "الكاظمي" في مزيد من التصعيد؟

تشير إجابات المحللين والمراقبين عبر مواقع التواصل إلى استبعاد هذا السيناريو، فدخول العراق في حالة فوضى عارمة الآن سيؤثر سلبا على البيئة الإقليمية للعراق وإيران نفسها، التي تتعامل حاليا مع واقع اقتصادي وعسكري هش ومفاوضات نووية دخلت مراحلها الحرجة مع القوى الدولية والولايات المتحدة.

وما قد يساعد على تجنب التصعيد هنا؛ هو أن محاولة اغتيال "الكاظمي" بدت وكأنها قفزة مباشرة من منفذي هذه العملية إلى قمة جبل التصعيد، وهي استراتيجية يمكن اعتبارها مقصودة لتوصيل الرسالة المراد توصيلها بشكل مباشر ومركز، تجنبا لعملية تصعيد تدريجية مرهقة لا يبدو الوقت مهيئا لها قبل مشاورات تشكيل الحكومة المقبلة.

رد فعل الولايات المتحدة والدول الإقليمية المهمة سيكون محوريا هنا، وإن كانت تصريحات "الكاظمي" بعد محاولة الاغتيال، تشير في ظاهرها إلى رغبة في تهدئة مخاوف الفصائل الموالية لإيران، تجنبا لردة فعلها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصطفى الكاظمي محاولة اغتيال الكاظمي المنطقة الخضراء الفصائل العراقية الحشد الشعبي انتخابات العراق مقتدى الصدر

الصدر: قوى اللادولة وراء محاولة اغتيال الكاظمي.. وعلى الجيش الأخذ بزمام الأمور

بن زايد للكاظمي: الإمارات تقف مع العراق حتى يصل للاستقرار

الكاظمي: نعرف من يقف خلف محاولة اغتيالي.. وسنكشفهم

أمير قطر يطمئن على الكاظمي ويؤكد تضامنه مع العراق

تحركات عسكرية.. الكاظمي يأمر بنشر الدبابات في شوارع بغداد

بلينكن يعرب عن غضبه من محاولة اغتيال الكاظمي: اعتداء على العراق

جوتيريش يدين محاولة اغتيال الكاظمي ويطالب بمحاسبة الجناة