المقاومة تكشف جزءا من الكنز.. ماذا قالت القسام في ذكرى حد السيف؟

الجمعة 12 نوفمبر 2021 05:55 ص

كثيرة هي المعارك التي خاضتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكن معركة "حد السيف" (2018) كانت بظرف وشكل مغايرين، وأظهرت فيها المقاومة جزءا من قدراتها الاستخبارية، وتفوق مقاتليها.

ولعل أحد أبرز هذه الجولات، ما حدث في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما أحبطت كتائب "القسام"، الذراع العسكري لحركة "حماس"، عملية لقوة خاصة بوحدة "جوالة الليل-سييرت متكال"، التي تسللت شرق خانيونس (جنوبي قطاع غزة)؛ بهدف زرع منظومة تجسس للتنصت على شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة.

وسجلت استخبارات كتائب القسام مفاجئة بكشف القوة، وما تلا العملية من إعلان هوية ونشر أسماء وصور عناصر الوحدة الخاصة؛ ما دفع لإخراجهم من الخدمة.

ومع مرور 3 سنوات على العملية، كشف الإعلام العسكري التابع لـ"القسام"، الخميس، عما أسماه "غيض من فيض"، ومنها أحراز تمكنت الكتائب من الحصول عليها خلال العملية.

وفي مقطع مصور، استعرضت الكتائب جزءا مما استطاعت عناصر القوة الأمنية التابعة لها من الحصول عليه، بعد اشتباكات عنيفة وقعت في حينه، وأسفرت عن استشهاد 7 منهم، كان على رأسهم القيادي "نور بركة".

ويشير الفيديو إلى ما جرى في هذه اليوم، عندما تسللت القوة الإسرائيلية مستخدمة مركبة، قبل أن يتم اكتشافها من قبل القوة الأمنية التابعة لـ"القسام"، والتحقق من هوية ركابها، ليتبين لاحقا أنها وحدة إسرائيلية خاصة، حاولت تنفيذ عمليات اغتيال داخل القطاع.

وفي الوقت ذاته، أدت الاشتباكات التي أعقبت كشف كتائب "القسام" عن الوحدة العسكرية، إلى مقتل قائدها، فيما لاذ الباقون بالفرار وسط غطاء من الطائرات المروحية العسكرية الإسرائيلية.

وتضمن المقطع المصور نشر صور لنوع خاص من طلقات رصاص، قال الإعلام العسكري إنها صنعت خصيصا للمهمات الأمنية الخاصة، والتي تؤدي لارتكاب جرائم دون ترك أدلة.

وتابع: "فرّت القوة الإسرائيلية تُجر أذيال الخزي بين قتيل وجريح خائب، لكنها تركت خلفها كنزا معلوماتيا واستخباريا كبيرا".

وأشار إلى أن الكنز المقصود يتضمن لوحات إلكترونية وأجهزة كانت تستخدم كمنظومة اتصال وملاحة بين القوة الخاصة لـ"متكال" وبين القيادة المركزية لجيش الاحتلال.

ولفت الفيديو إلى أن استيلاء "القسام" على الألواح المذكورة، مكّن مهندسيها من استخراج تسجيلات ومقاطع فيديو تخص العملية التي حاولت القوة الخاصة تنفيذها، فضلا عن معلومات وصفها الإعلام العسكرية بـ"الثمينة"، مؤكدا أنه تم فك الشيفرة الخاصة بتلك اللوحات، وهو ما مكنها من اختراق منظمة عمل سير "سيرت ميتكال" والولوج إلى شبكتها الخاصة.

وأردف: "ما جُمع من أرض الميدان أحدث ضررا استراتيجيا بالعدو، وسيجبره على إعادة التفكير في أساليب عمله".

وزاد: "هو لم يكن مجرد أحراز أو معدات بل هو غيضُ من فيض"، وختم: "وما خفي كان أعظم"، في إشارة إلى أن ما كُشف عنه في المقطع المذكور ربما لن يكون الأخير، وأن ثمة أسرار يمكن الكشف عنها لاحقا.

يشار إلى أن "حد السيف" مثلت أول اختبار فعلي لتطور المنظومة الصاروخية الفلسطينية، بعدما شغلت المقاومة، لأول مرة، خلالها، منظومة تحكم في القدرة الصاروخية تستطيع عبرها إطلاق أعداد كبيرة من الصواريخ بالتزامن على منطقة واحدة.

إذ ردت، في اليوم الثاني للعملية، وبعد دفن 6 شهداء من "القسام"، بقصفٍ مكثف على مدينة عسقلان؛ حيث وصل عدد الصواريخ في إحدى الرشقات إلى 45 صاروخا.

وبعدما استفادت المقاومة من هذا الاختبار للمنظومة الصاروخية، تمكّنت من استخدام التكتيك الجديد في معركة "سيف القدس"، في مايو/أيار الماضي؛ الأمر الذي مثل تحديا كبيرا وحقيقيا لمنظومة "القبة الحديدية"، التي بدت عاجزة أمام الأعداد الكبيرة من الصواريخ.

ومطلع الشهر الماضي، كشفت وسائل إعلام عبرية عن تفاصيل أخرى حول آثار وعواقب فشل العميلة الإسرائيلية.

ونقلت القناة "12" العبرية في حينه عن مسؤول كبير في جيش الاحتلال قوله إن بعض جنود الوحدة التي كشفتها المقاومة رفضوا الوظيفة بعد تلك العملية.

وبحسب قائد فرقة المخابرات في جيش الاحتلال "تامير هايمان"، الذي أعلن أنه سينهي مهامه قريبا، فإن عملية "سيرت ميتكال" كادت تنتهي بمعضلة ستشغل الاحتلال لسنوات.

وحول الصدمة التي تعرض لها جنود الوحدة وترددهم في العمل بعد ذلك، قال: "نحن نتحدث عن عملية معقدة للغاية، وليس كل من شارك في تلك العملية عاد إلى العمليات لأسباب غير طبيعية؛ حيث إن البعض منهم تعرضوا لصدمة نفسية بعد ذلك، وقدمنا المساعدة ​​لمن كانوا بحاجة لمساعدتنا، لقد خرجت سيرت ميتكال من موقف صعب للغاية، وتجنبت كارثة ستشغلنا لسنوات مقبلة".

وتحدث "هايمان" عن العملية، وقال: "مررنا بثلاث دقائق صعبة للغاية انتهت بتقرير تلقيناه من الشاباك بأن سيرت ميتكال عبرت السياج".

وبشأن طبيعة هذه العملية، قال "هايمان" إنها تتطلب درجة كبيرة من المخاطرة مع فرصة تعقيد الأمور، مشيرا إلى أن الجيش نفذ عدة عمليات في أماكن متفرقة بعد تلك العملية، وأن التحقيق في ملابسات العملية، وانكشاف الوحدة سمحت للجيش باستخلاص الدروس لعمليات لاحقة.

وأضاف: "عملية كهذه دفعتنا إلى طرح أسئلة عميقة، وكانت جميع أقسام ووحدات شعبة المخابرات معنية بالبحث والتطوير الذاتي".

وبشأن قدرات مخابرات الاحتلال في الميدان، كشف "هايمان" عن أوجه قصور كبيرة ونقاط ضعف خطيرة رغم التطور التكنولوجي.

وقال: "أذكر أنني أتيت إلى شعبة غزة في إحدى الجلسات، وكان من بين الحاضرين ممثل الوحدة 504 من شعبة المخابرات، ناقشنا إمكانيات وحدة سيرت ميتكال، وطلبنا الاستماع إلى المندوب، ومن المعلومات التي جلبوها من مصادرهم، من عملاء في غزة،  بدت أساسية، وإنها معلومات كان من الصعب الحصول عليها بالوسائل التكنولوجية".

واختتم "هايمان" مقابلته بالإشارة إلى الحاجة إلى التواضع الدائم وعدم الغرور في تقديم المهارات، قائلا: "من المهم الحفاظ على التواضع في العرض وفهم أننا لا نعرف كل شيء، نحن نتفهم جيدا أهمية الاستخبارات وخصائصها وحدودها".

ولا تزال الرقابة الإسرائيلية، تفرض حتى اليوم "وبشكل غير مألوف" تعتيما مشددا على تفاصيل العملية الكاملة، كما تمنع نشر أي تفاصيل عن الضابط القتيل الذي لا زال مجهول الاسم ويرمز له بالرمز "م".

يشار إلى أن الفشل في هذه العملية، وفشل أهداف إسرائيل في عملية "حد السيف"، أطاحت برؤوس كبيرة في شعبة الاستخبارات العسكرية.

كما أسقطت العملية الحكومة الإسرائيلية بعد استقالة وزير الدفاع حينها "أفيجدور ليبرمان"، بعد أيام معدودة من العملية، وبالتالي تم إسقاط حكومة رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، والدعوة لانتخابات جديدة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حد السيف إسرائيل فلسطين غزة المقاومة الفلسطينية حماس القسام سييرت متكال

القسام تعلن تفاصيل عملية حد السيف خلال 24 ساعة