استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

كيف تُرسم خرائط البلدان؟

الاثنين 23 نوفمبر 2015 01:11 ص

يروِّج عدد من المحللين أن البلاد العربية في صدد إعادة، رسم خريطتها، أو قل إعادة رسم “خرائط دولها”.

ويُغذي رواج هذه الموضوعة ما يحدث في عدد من البلاد العربية من صراعات مسلحة وصلت إلى حد التقسيم الجغرافي لمناطق البلد الواحد، موضوعياً، أو وفقاً لما وصلته موازين القوى في ما بين الأطراف المتصارعة.

ويصطحب موضوعة “إعادة رسم خرائط المنطقة العربية” تأكيدات على وجود أيادٍ دولية خفيّة وراء ما يجري من صراعات، والمقصود الأيادي الأمريكية والصهيونية، وإلى حد أقل أيادٍ فرنسية. وهذه التأكيدات تستعيد بشكل أو بآخر “نظرية المؤامرة” بالرغم من تشديد مُطلقها بأنه “يرفض التفسير التآمري” ولا يقبل بنظرية المؤامرة.

طبعاً هذه التأكيدات ترفض “التفسير التآمري”، وتُعلن عدم قبول “نظرية المؤامرة” وذلك لتسهِّل على من يخوض بالحديث عن المخططات الخلفية، والأيادي الخفية والاختراقات المخابراتية ما شاء له أن يخوض من دون أن يشعر أنه يُعيد إنتاج “التفسير التآمري” وبجانبه “نظرية المؤامرة”، أو يسهّل عليه سلفاً عدم اتهامه بتبني نظرية المؤامرة أو بإعادة إنتاجها بعبارات أخرى.

على أن مشكلة هذا الفريق من المحللين ولنسمّهم، جوازاً، بأصحاب نظرية الأيدي الخفية أو المخططات الخلفية، وليسوا من أصحاب نظرية المؤامرة والتفسير التآمري حتى نحميهم من التجني عليهم.

كل هذا الجدال يظل أقل أهمية إن لم يدخل بالعبثية. ذلك لأن عدم إثبات وجود الأيدي الخفيّة صعب بقدر إثبات وجود الأيدي الخفية. لأن إثبات وجودها يفقدها صفة الخفيّة. كما أن إثبات عدم وجود أيدي خفيّة لا يمكن أن يحدث مباشرة ما دامت “خفيّة”.

أما النموذج الثاني لإعادة رسم الحدود والخرائط. فهو النموذج الذي يتشكل كمحصلة للصراعات وموازين القوى التي تنتهي إليها الصراعات ثم يأخذ وضعه الدائم أو شبه الدائم أو المؤقت من خلال مفاوضات بين القوى المسيطرة مع ما نشأ من حدود أو من خلال تثبيت هدن بين تلك القوى. وهذا هو الحال بالنسبة إلى حدود أغلب دول العالم.

وهذا لا يحصل من خلال مخططات مسبقة وأيدي خفيّة وإنما يتشكل عملياً من خلال الصراع المسلح الذي لا ينتهي بالحسم والذي قد يصل إلى نقطة يتعب فيها المتصارعون ويقتنعون بأن الحسم غير ممكن. ومن ثم تُرسَم الخريطة كأمر واقع لتعكس ميزان قوى محلي وإقليمي ودولي.

من هنا يمكن التأكد من أن ما يحدث الآن من صراعات مسلحة في أكثر من قطر عربي، وما قد ينجم من إعادة رسم للخرائط لا سمح الله، هو الذي سيقرّر أي من التجزئة (تجزيء المجزأ) التي ستنتهي بها تلك الصراعات. فالحكم الفيصل هو لميزان القوى الذي قد لا يتسّم بسيطرة قوّة أو أكثر قادرة على فرض الوحدة من جديد.

فكون وصول الصراعات إلى نقطة أو نقاط تعيد رسم الخرائط لا يعني ذلك أن ما يجري هو تطبيق لخطة تقسيمية أُعدّت قبل عشرات السنين، كما يفعل البعض، إذ يعتبر أن ما يجري هو تنفيذ لخطة مسبقة. وليس محصلة لموازين قوى جديدة قد تلتقي أو تتقاطع مع رؤية سابقة ما أو مخطط أُشيرَ إليه سابقاً.

لكن من دون أية علاقة ومن دون أن تفسّر الصراعات الدائرة الآن باعتبارها تنفيذاً لمقالة أو دراسة أو خطة كانت نتاج سياسات معينة أو أهداف معينة لقوى كانت في يوم من الأيام ترسم الخرائط ولكنها اليوم أصبحت أعجز من أن تؤثر على كل القوى المتصارعة وتفرض عليها ما رسمته أو تمنته من خرائط جديدة لبلادنا.

إن معادلات موازين القوى الآن مختلفة كلياً عما كانت عليه زمن تحكّم الدول الكبرى في رسم خرائط الدول والقارات.

على الأقل هنالك قوى وازنة تشكل طرفاً أساسياً في ما يجري من صراعات، محلية وعربية وإقليمية ودولية. ولا مجال، إن لم يكن من العيب إدراجها ضمن لعبة رسم الخرائط أو اعتبارها من أدوات الأيدي الخفيّة. وهي ولا شك جزء مما قد تنتهي إليه محصلة موازين القوى في ما يجري من صراعات.

  كلمات مفتاحية

البلاد العربية الحدود القوى الكبرى الشرق الأوسط سوريا العراق