استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اقتصاد قطر في مواجهة 3 هزات

الخميس 25 نوفمبر 2021 01:04 م

اقتصاد قطر في مواجهة 3 هزات

تمكّنت قطر من الخروج من الأزمة الخليجية محقّقة معدلات نمو إيجابية فاقت 1.5%، ولم تُحدث فراغاً لأي سلع أساسية في السوق.

أثناء الحصار الرباعي اتجهت قطر لتمكين الحكومة والقطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي لإنشاء صناعات غذائية ودوائية متميزة.

مع شمول قطاع الصناعة في قطر للغاز والبترول لكنه لا يشكل أكثر من 50% من الناتج المحلي، ما قلّل من الاعتماد على صادرات الغاز والنفط ككل لما دون 42%.

بموجب المؤشرات والمقاييس المالية الدولية بلغ تقدير ستاندرد آند بورز لقطر من حيث الإقراض AA وبحسب "موديز" فإن تقديرها Aa2 وهذا تقدير متميز.

كيف استطاع اقتصاد قطر أن يتجاوز الصدمات ويخرج منها بعدما انتهت المقاطعة وزالت آثار هزّة 2008 المالية العالمية وتتجاوز هذه المحن وتحافظ على منزلتها؟

*     *     *

حسب تقارير صندوق النقد والبنك الدوليين، أثبت اقتصاد قطر مرونة وقدرة على التكيف مع الهزّات التي واجهها خلال السنوات الأخيرة. وقد سجلت له في هذا المجال ثلاثة نجاحات واضحة.

الهزة الأولى كانت عام 2008، عندما تراجعت أسواق المال عقب اندلاع الأزمة المالية العالمية، وأثبت قطاع قطر المالي أنه استوعب تلك الصدمة باقتدار، حتى أن تقرير وكالة الاستخبارات الأميركية يقول: "إن القطاع المالي القطري قد نجا من تلك الهزة بدون أية خدوش أو علامات".

الهزة الثانية تمثلت في المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها أربع دول عليها، السعودية والإمارات والبحرين ومصر. وقد استطاعت دولة قطر أن تستوعب تلك الهزّة التي جاءت على شكل إعلان مفاجئ يوم الخامس من يونيو/ حزيران عام 2017.

لكن قطر سرعان ما لملمت جهودها، واتّحدت الإرادة السياسية مع الإرادة الشعبية، وتمكّنت دولة قطر من الخروج من الأزمة، محقّقة معدلات نمو إيجابية فاقت 1.5%، ولم تُحدث فراغاً لأي سلع أساسية في السوق.

ولما تضافرت أزمة كورونا مع استمرار الحصار عام 2020، تمكّنت قطر من تحقيق معدل نمو بلغ 0.4%، على الرغم من تراجع الاقتصاد العالمي كله بنسبة فاقت 6%.

وجاءت الهزّة الثالثة على شكل "وباء كورونا" الذي صدع له العالم بأسره، وقد استطاعت الدولة أن تسارع في اتخاذ الإجراءات الاحترازية المطلوبة، وتُحدث نظماً متكاملة متناغمة من أجل ضبط مصادر الفيروس كوفيد 19 واحتوائها، وأن تعمّم استخدام الكمّامات، وتسرع في الفحوص.

وتبادر إلى تزويد المطاعيم وتعميمها، ما مكّنها من أن توازن بين نمط النشاط الاقتصادي والاجتماعي من ناحية، وأن تبقي عدد الإصابات والوفيات بين القاطنين على أرضها، والبالغين أقل من ثلاثة ملايين نسمة، ضمن الحدود الدنيا الممكنة.

ويقدّر أن معدّل النمو لهذا العام سيبلغ 1.5%، وهو معدّل جيد جداً بالمقارنة مع الدول الأخرى، وبذلك تعود إلى معدل النمو الذي حققته في العامين اللذين سبقا أزمة كورونا.

لذلك يجب أن نطرح السؤال الكبير: كيف استطاع الاقتصاد القطري أن يتجاوز هذه الصدمات، ويخرج منها بعدما انتهت المقاطعة، وزالت آثار الهزّة المالية للعام 2008، وأن تتجاوز كل هذه المحن وتحافظ على منزلتها.

وبموجب المؤشرات والمقاييس المالية الدولية، فإن تقدير وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيف الائتماني (S&P) لدولة قطر من حيث الإقراض هي AA، وبحسب وكالة "موديز" فإن تقديرها Aa2. وهذا تقدير متميز.

حصلت دولة قطر على استقلالها رسمياً عن الاستعمار البريطاني في ديسمبر/ كانون الأول من العام 1971. وسعت لكي تنوع اقتصادها بعيداً عن النفط والغاز. وقد فعلت ذلك في البدايات عن طريق استعمال الغاز والنفط في الصناعات المعتمدة بكثافة على الطاقة مصدر تشغيل للصناعات، أو مادةً أوليةً.

ومن هذه الصناعات، الأسمدة والأمونيا، التي تعود بداياتها إلى عام 1969، أي قبل الاستقلال. وهنالك صناعة الحديد، وصناعات البتروكيماويات التي نمت وازدهرت بشكل كبير.

وفي أثناء الحصار الرباعي، اتجهت قطر إلى تمكين الحكومة والقطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي لإنشاء صناعات غذائية ودوائية متميزة.

ومع شمول قطاع الصناعة في قطر للغاز والبترول، إلا أنه لا يشكل أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي، ما قلّل من الاعتماد على صادرات الغاز والنفط ككل إلى ما دون 42%.

في المقابل، تطوّر قطاع الخدمات كثيراً. ولعل أبرز القطاعات التي شهدت نمواً متسارعاً القطاع المصرفي والمالي، حيث أنشئت في قطر بنوك تقليدية، وبنوك تعمل على الطريقة الإسلامية.

وأقامت قطر "بورصة قطر" التي تعتبر واحدة من الأنشط في المنطقة العربية، وكذلك أقامت منطقة مالية حرّة. ولكن الإنجاز الكبير جاء في إنشاء جهاز قطر للاستثمار الذي يرأسه أمير البلاد، ويقوم بالاستثمار محلياً ودولياً بنجاعة وإنجاز كبير في السوق المحلية والاقتصادات الدولية.

وكذلك طورت قطر صناعاتها السياحية، فأكملت البنى التحتية والفوقية وانشأت المرافق التقليدية (سوق واقف)، وأنشأت المتاحف والمكتبات ومركز التوثيق، وأقامت الفنادق والمرافق الرياضية التي ستشهد قريباً انطلاق كأس العرب، ومن بعد ذلك الحدث الأكبر عام 2022، وهو سباق كأس العالم الكروي، والذي سيبقي دولة قطر أمام أعين أكثر من نصف سكان العالم شهرا.

ويدعم كل هذه الجهود الجبارة شركة الخطوط الجوية القطرية (القطرية)، التي تعتبر من الأفضل في العالم بخدماتها وانتظامها وتنوع خطوطها.

أما سياسة قطر الخارجية، والتي مكّنت دولة بحجم قطر من أن تتجاور حدود قيد المساحة إلى العالمية، وأن تنال التعاطف من دولٍ كثيرة، هي قدرتها على أن تتخذ سياسة خارجية تسعى إلى حل الأزمات والتوفيق بين الدول.

وقد ساهمت قطر في حل نزاعاتٍ كثيرة، وتوسطت لِفَضِّها. ولا أدل على ذلك من الوساطة التي ساهمت في إنهاء الحرب في أفغانستان، ودورها في حل صراعات عربية. وكونت قطر صداقات متينة مع دول هُرِعت للتعاون معها، ودعمتها كما حصل مع تركيا.

ولا شك أن الذي دعم سياستها الخارجية ودورها المؤثر وسائل الإعلام العالمية التي تحسب على دولة قطر، والتي تتمتع بدرجةٍ عاليةٍ من المشاهدة والتأثير.

دولة قطر تستحق أن تهنأ بعيد استقلالها الخمسين، كما تفعل كل من دولة الإمارات ومملكة البحرين. وأنا واثق كل الثقة أن دولة قطر ستحقق مزيدا من التعاون. وأن الخمسين عاماً المقبلة ستبقي المنافسة بين دول الخليج، وكلها ستحقق إنجازات، وقطر بالذات سائرةٌ، بخطى واثقة بدون تفريط في علاقاتها مع جيرانها في الخليج أو الوطن العربي، نحو مزيد من النجاح والمرونة العالية.

ويشكّل هذا كله رصيداً متميزاً ليس لدولة قطر وحدها، أو دول الخليج وحسب، ولكن للوطن العربي بمشرقه ومغربه.

* د. جواد العناني سياسي وخبير اقتصادي، نائب رئيس الوزراء رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر، اقتصاد قطر، صندوق النقد الدولي، السعودية، الإمارات، كورونا، الحصار الرباعي، الأزمة الخليجية،

قطر تتوقع نمو اقتصادها حتى 2.9% في 2022