«هجمات» دبلوماسية: تطبيع وجيوش وتجارة ورياضة!

الخميس 2 ديسمبر 2021 04:08 ص

«هجمات» دبلوماسية: تطبيع وجيوش وتجارة ورياضة!

تحرّكات دبلوماسية تبرز رغبة بالخروج من استعصاءات كبيرة واستراتيجية أمريكية جديدة فرضت انسحابا من أفغانستان وتراجع الاهتمام بالمنطقة العربية.

تغيّرات أعمق تعطي أولوية لقضايا محلّية وتتراجع فيها الأيديولوجيا وتعلو المصالح ومحاولات حلّ الإشكالات بأسرع وأوفر الطرق وهي سياسات قد تخفّف حدّة التوتّرات الهائلة خاصة أن سماء العالم تتلبّد بغيوم أزمات كبرى.

*     *     *

شهد العالم العربي خلال عامي 2020 و2021، «هجمات» تطبيع دبلوماسية ضروس من قبل إسرائيل، وبرعاية إدارتين أمريكيتين، ودول عربية، مما أسفر عن تطبيع شامل واتفاقات متلاحقة بين أبوظبي وإسرائيل، وغيرها مع البحرين، وتقارب وزيارات متكررة وتدخلات سياسية وأمنية في السودان.

مما كان له دوره، حسب مصادر عديدة، في حصول الانقلاب العسكري الأخير ضد حكومة عبد الله حمدوك، وصولا إلى زيارة وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس إلى المغرب مؤخرا، والتي أسفرت عن «مذكرة تفاهم» عسكرية وأمنية، وكان ذلك خلفية سعي المغرب لإقرار دولي بسيادته على الصحراء الغربية.

شهدنا كذلك «هجمة» دبلوماسية عالميّة باتجاه قطر، الدولة الخليجية الصغيرة التي كانت محاصرة ومقاطعة من أربع دول عربية لسنوات، وذلك بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية ودول التحالف العديدة الأخرى من افغانستان.

ونتج عنها توكيل واشنطن، وعواصم أخرى، للدوحة بمهامها الدبلوماسية في كابول، كما نشهد حاليا قدوم زعماء عرب إلى قطر، على خلفية مسابقة «كأس العرب» بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس اللبناني ميشال عون.

وهناك حديث عن قرب وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الدوحة، لبحث الشأن اللبناني المتدهور مع عون، ولابد أن حدوث اللقاء في الدوحة يعني أن هناك استشرافا لدور لها تلعبه بعد استعصاء الأزمة بين بيروت ودول الخليج الأخرى.

راقبنا أيضا «هجمة» دبلوماسية مفاجئة من ملك الأردن عبد الله الثاني باتجاه النظام السوري، وذلك بعد عودة من زيارة ناجحة إلى الولايات المتحدة إثر تشكيل إدارة الرئيس جو بايدن، قيل بعدها أن العاهل الأردني استعاد مركز الزعيم العربي «المفضّل» للإدارة الأمريكية.

وتبع ذلك إعلان عن موافقة أمريكية لتأمين الوقود المصريّ (أو الإسرائيلي كما قالت إسرائيل) عبر الأراضي السورية نحو لبنان، في تخفيف لإجراءات قانون «قيصر» والعقوبات الأمريكية على نظام دمشق.

تبعت ذلك زيارة «مفاجئة» لوزير خارجية أبوظبي، عبدالله بن زايد آل نهيّان، إلى دمشق، التقى فيها بشّار الأسد، وتزامنت معها تصريحات مرحّبة من قبل الجزائر، تحت إطار إعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية للنظام.

وإذا كان موقف أبوظبي من النظام السوريّ قريبا للاستيعاب، حيث أن الإمارات، أكثر من أي دولة خليجية، تركت أبوابا عديدة للتعامل مع النظام السوري حتى في الفترة التي جرى فيها اصطفاف خليجي عام ضدّه.

كما أن علاقاتها مع إيران، راعي وحليف النظام السوري، شهدت تحسنا متزايدا بعد إعلان انسحاب قواتها من اليمن، فإن زيارة بن زايد إلى أنقرة كانت أكثر مفاجأة واستدعاء للتحليلات المضنية حول معاني إعادة تموضع أبوظبي ضمن المعادلات الإقليمية التي لعبت فيها دورا رئيسيا في أكثر من ساحة عربية، وكانت على مواجهة شبه دائمة مع تركيا.

بل إن أبوظبي، رغم استقبالها رئيس أفغانستان الهارب أشرف غني، ورصيدها الطويل من القتال ضد أي أشكال الحركات الإسلامية، المسلحة منها والمدنية، فقد باشرت مباحثات مع حركة طالبان، وعرضت عليها إدارة مطار كابول.

تعكس بعض التحرّكات الدبلوماسية الحاصلة رغبة في الخروج من استعصاءات كبيرة في المنطقة العربية، كما تعكس التغيّرات العالمية التي مثّلتها الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي فرضت انسحاب واشنطن من أفغانستان، وتراجع اهتمامها بمجمل المنطقة العربية.

لكنّها أيضا تعكس، على الأغلب، تغيّرات أعمق، تعطي الأولوية للقضايا المحلّية، وتتراجع فيها القضايا الأيديولوجية، وتعلو المصالح ومحاولات حلّ الإشكالات بأسرع وأوفر الطرق، وهي سياسات قد تخفّف حدّة التوتّرات الهائلة، وخصوصا فيما سموات العالم تتلبّد بغيوم أزمات كبرى عديدة.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

دبلوماسية، تطبيع، جيوش، تجارة، رياضة، بن زايد، أبوظبي، إسرائيل، البحرين، تدخلات سياسية وأمنية، السودان، المغرب،