خارطة طريق بعيدة المدى.. العلاقات التركية الإيرانية أمام مرحلة جديدة

السبت 11 ديسمبر 2021 11:21 م

في الأشهر الأخيرة، حاولت تركيا وإيران الحد من التوترات طويلة الأمد بينهما.

وبالرغم من الخلافات الجيوسياسية والأمنية، فإن العلاقات الثنائية تزداد قربا عندما يتعلق الأمر بالمصالح الاقتصادية. 

وتعد إيران من بين أعلى مصادر السياحة إلى تركيا.

وأفاد مركز الإحصاء التركي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن الإيرانيين اشتروا 7 آلاف و189 منزلا في تركيا في عام 2020، بزيادة قدرها 25% عن عام 2019.

علاوة على ذلك، حطم الإيرانيون أرقاما قياسية جديدة في شراء المنازل في تركيا خلال الشهرين الماضيين.

وتتصدر إيران حاليا قائمة المستثمرين الأجانب في سوق العقارات التركي.

وبسبب الإمكانات الاقتصادية الكبيرة للبلدين، تعهدت إيران وتركيا عام 2012 بوصول التبادل التجاري بينهما إلى 30 مليار دولار بحلول عام 2015.

لكن هذا المستوى لم يتحقق أبدا.

وفي العام الماضي، بلغت قيمة التبادل التجاري 6 مليارات دولار فقط.

لكن هذا الرقم المنخفض نتج جزئيا عن العقوبات المفروضة على إيران، ووباء "كوفيد-19"، فضلا عن الصعوبات الجمركية.

ومن المتوقع حدوث بعض الانتعاش هذا العام، مع تقديرات بأن التجارة الإيرانية التركية يمكن أن تصل إلى 10 مليارات دولار بحلول نهاية عام 2021.

وفي هذه الأثناء، يتبقى نحو 4 أعوام قبل انتهاء عقد 25 عاما لتصدير الغاز الطبيعي الإيراني إلى تركيا.

وفي ظل هذه الظروف، وقعت باكو وأنقرة مؤخرا عقدا جديدا للغاز، ستسلم بموجبه جمهورية أذربيجان ما مجموعه 11 مليار متر مكعب إضافي من الغاز إلى تركيا بحلول عام 2024.

ولا شك أن مأزق إيران في هذا المجال لا يقتصر على صعود المنافسين الأجانب حيث تواجه إيران نفسها عجزا يوميا قدره 200 مليون متر مكعب من الغاز هذا الشتاء.

ووفقا لوزارة النفط الإيرانية، فإن حقل جنوب فارس للغاز، الذي يخرج منه 75% من الغاز في البلاد، سيصل إلى ذروة إنتاجه في عام 2023 وبعدها سينخفض ​​الإنتاج بمقدار 10 مليارات متر مكعب كل عام.

ولن تنتظر أنقرة حتى تحل طهران مشاكل التصدير لديها.

وتتعلق إحدى أهم نقاط الخلاف الثنائي في الوقت الحالي باستخدام المياه.

وتعتقد إيران أن "سد كاراكوت"، الذي بنته تركيا على نهر آراس، سيلحق الضرر بالبيئة في أرمينيا وجمهورية أذربيجان وإيران نفسها.

وهذا السد، الذي يتسبب بالفعل في خفض سنوي قدره 1.6 مليار متر مكعب من المياه من آراس، يضرب بشكل خاص القطاعات الزراعية في البلدان الثلاثة.

وبالمثل، فإن سد "إليسو" التركي على نهر دجلة، الذي اكتمل بناؤه في عام 2018 وبدأ تشغيله بعد ذلك بعامين، يخلق مشاكل بيئية تهدد إيران والعراق وسوريا.

وحاليا، تتناقص حصة بلدان المصب من مياه النهر وتختفي المناطق الزراعية الواقعة على ضفاف الأنهار ويزداد تلوث الهواء بالغبار الناعم.

وأخيرا، تشعر طهران بالقلق من تعاون تركيا المتزايد مع دول آسيا الوسطى والدول المطلة على بحر قزوين.

ويسعى "أردوغان" إلى توسيع وتطوير طرق العبور من وإلى أذربيجان وتركمانستان وأوزبكستان، وإلى الشرق بشكل عام.

وتنظر إيران إلى هذا النفوذ التركي المتنامي بقلق وتسعى لموازنة ذلك من خلال التواصل مع موسكو.

وبغض النظر عن تلك التوترات الثنائية، تسعى إيران وتركيا حاليا إلى زيادة مستوى تعاونهما في مجالات عدة.

وخلال زيارة وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" إلى طهران في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتفق البلدان على وضع خارطة طريق للتعاون الثنائي طويل الأمد.

وبحسب وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبداللهيان"، فإن الجانبين سيواصلان الحوار حول التفاصيل النهائية لخارطة الطريق لينتهي الأمر بزيارة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلى طهران والتوقيع عليها بمشاركة الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي".

ومن المتوقع أن تتبلور تفاصيل خارطة الطريق قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول الجاري.

ومن المفترض أن تشكل المسائل الأمنية جزءا كبيرا منها بالنظر إلى الوضع في أفغانستان.

لكن الموضوعات الأخرى التي سيتم التركيز عليها ستشمل بالتأكيد مكافحة الإتجار بالمخدرات والبشر، وجهود مكافحة الإرهاب، واستمرار صادرات إيران من الطاقة إلى تركيا.

وبينما يمكن للدولتين حل بعض التوترات على المدى القصير، فإن تنفيذ خارطة طريق للتعاون يتطلب مراجعة أكبر لاتجاه السياسة الخارجية لكل جانب، وخاصة إيران. وحتى لو تم الاتفاق على مجموعة مشتركة من الأهداف في القمة المقبلة دون خلافات كبيرة، سيظل تحقيق خارطة الطريق رحلة طويلة وصعبة.

المصدر | أوميد شكري/جيمس تاون - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الإيرانية خارطة طريق السدود التركية أزمات المياه السياسة الخارجية صادرات الغاز