قيس سعيّد ضد الجميع ويعلن الحرب على الدستور

الأحد 12 ديسمبر 2021 04:58 ص

عندما يقف قيس سعيّد ضد الجميع ويعلن الحرب على الدستور

أبدى قيس سعيّد رغبة قوية في حلّ المجلس الأعلى للقضاء ويعتقد البعض بأنّ قراراته المتوقعة ستكون "مزلزلة" للمشهد السياسي.

وصفه الرئيس يوم 14 يناير بيوم سرقة الثورة رغم كونه تاريخ هروب الرئيس المعزول زين العابدين بن علي من تونس ودخول البلاد مرحلة جديدة.

"الأمر الرئاسي 117 هو بمثابة تعليق وإلغاء كلي لدستور 2014" وقد "استوفينا كلّ مراحل خرق الدستور وتنصيب الحكم الواحد والمزج بين السلطات".

تخلى سعيّد عن تعهداته السابقة باحترام الدستور وأنّ مختلف الإجراءات التي قام بها، بدءاً من 25 يوليو الماضي هي من صلب الدستور وليست انقلاباً عليه.

تصاعدت تصريحات سعيّد مع اقتراب موعد الاحتفال بانطلاق الثورة أهمها إعلانه أنّ دستور 2014 "لا يمكن مواصلة العمل به" بحجة أن "لا مشروعية له".

يحتاج الرئيس دعم القضاء للتخلص من خصومه السياسيين خاصة حركة النهضة لهذا أبدى رغبة قوية بحل المجلس الأعلى للقضاء بحجة أن القضاء ليس سلطة مستقلة بل مهنة كبقية المهن.

*      *      *

تنتظر أحزاب ومنظمات ومؤسسات وإعلاميون ودبلوماسيون أجانب في تونس ما سيعلنه الرئيس قيس سعيد، في 17 ديسمبر/كانون الأول الحالي، الذي أصبح بقرار منفرد، عيداً رسمياً للثورة بعد إلغاء يوم 14 يناير/كانون الثاني.

وهو اليوم الذي وصفه الرئيس بيوم سرقة الثورة، رغم كونه تاريخ هروب الرئيس المعزول زين العابدين بن علي من تونس، ودخول البلاد مرحلة جديدة.

ويعتقد البعض أنّ قرارات سعيّد المتوقعة ستكون "مزلزلة" للمشهد السياسي، مثلما جاء على لسان رئيس حزب "إلى الأمام" الداعم للرئيس، عبيد البريكي.

في المقابل، يتوقع آخرون بأن يواصل رئيس الدولة السير في طريقه نحو تغيير النظام السياسي، والإعلان عن انطلاقة قريبة لاستفتاء إلكتروني الموجه أساساً إلى الشباب، والذي ستعتمد نتائجه للشروع في إنجاز "التنظيم القاعدي" الذي يهيئ له أنصار سعيّد. وحتى يأتي اليوم الموعود، يصر الرئيس على مواصلة فتح الجبهات من أجل الإمساك بكل مفاصل الدولة من دون استثناء.

وكثّف رئيس الجمهورية، خلال الأيام القليلة الماضية، من تصريحاته المثيرة للجدل، والتي أخذت منحى تصاعدياً مع اقتراب موعد الاحتفال بانطلاق الثورة. لعل أهمها إعلانه أنّ دستور 2014 "لا يمكن مواصلة العمل به" بحجة أن "لا مشروعية له".

وبذلك يكون الرئيس قد تخلى عن تصريحاته السابقة، التي تعهّد فيها باحترام الدستور، وأنّ مختلف الإجراءات التي قام بها، بدءاً من 25 يوليو/تموز الماضي، هي من صلب الدستور وليست انقلاباً عليه.

أنهى هذا الإعلان حالة الغموض، وأظهر بوضوح الهدف الذي سعى إليه سعيّد منذ 25 يوليو الماضي، وهو تعليق العمل بدستور 2014.

تعليق وإلغاء كلي لدستور 2014

في هذا السياق، اعتبرت أستاذة القانون الدستوري، منى كريّم، التي كانت زميلة سعيّد في نفس الكلية، أن "الأمر الرئاسي رقم 117 هو بمثابة تعليق وإلغاء كلي لدستور 2014". وأبدت اعتقادها بأنّه حالياً "استوفينا كلّ مراحل خرق الدستور وتنصيب الحكم الواحد والمزج بين السلطات".

وهو رأي تسانده أغلبية أساتذة القانون، بمن فيهم الصغير الزكراوي، الذي دافع بقوة عن الإجراءات الاستثنائية لسعيّد، لكن عندما أدرك بأنّ الأخير مصرّ على تغيير النظام السياسي واستبداله بنظام المجالس، رفض هذا التوجه وأعلن بوضوح أنّ الفترة الحالية "ليست فترة تجارب".

وأكد الزكراوي أنّه "مع حل الأزمة بطرق تقليدية، تبدأ بحوار وطني"، رافضاً صيغة الاستفتاء التي ينوي سعيّد اعتمادها قريباً، لأنّها لا تشكّل "ضمانة للديمقراطية".

في سياق مواز، ولتحقيق هدفه المنشود، يحتاج الرئيس إلى دعم القضاء للتخلص من خصومه السياسيين، وفي مقدمتهم حركة النهضة. ولهذا السبب، أبدى رغبة قوية في حل المجلس الأعلى للقضاء، بحجة أن القضاء ليس سلطة مستقلة، بل مهنة كبقية المهن.

وهو التصريح الذي زلزل القضاة وأشعرهم بأن ما كسبوه بعد الثورة من استقلالية كاملة عن السلطة التنفيذية، أصبح مهدداً أكثر من أي وقت مضى.

ولهذا السبب، سارع المجلس الأعلى للقضاء إلى إصدار بيان في 6 ديسمبر الحالي، رفض فيه "المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية بواسطة المراسيم"، مذكّراً بأن "وجود المجلس في حد ذاته ضمانة أساسية لاستقلال القضاء". وتلقى المجلس دعماً من جهات عدة، بما في ذلك الاتحاد العام التونسي للشغل.

ستكون الأيام المقبلة حاسمة في تاريخ التجربة التونسية، فالذين يعتبرون أنفسهم من أنصار الرئيس يحاولون التأثير عليه، وهو ما جعل الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، يتجرأ ويعلن عن ضرورة "حماية مسار 25 يوليو حتى من رئيس الجمهورية إن لزم الأمر". وبرّر ذلك بقوله "رئيس الجمهورية هو أحد الفاعلين في 25 يوليو وليس الفاعل الوحيد، وعليه أن يعي جيداً أن الشعب التونسي هو الفاعل في 25 يوليو''.

أما اتحاد الشغل، فإن خطواته تتواتر في اتجاه تعميق المسافة بينه وبين القصر الجمهوري، من خلال تبنيه "الخيار الثالث"، الذي ستكشف الفترة المقبلة ماهيته وأطرافه ووسائل عمله.

معارضو قيس سعيّد

أما بالنسبة لمعارضي سعيّد بشكل جذري، فموقفهم يزداد حدة. وإذا كانت حركة "النهضة" لا تزال حريصة على عدم القطع نهائياً مع الرئيس، فإن حزب التيار الديمقراطي الذي يعتبر من بين المخاصمين بقوة للإسلاميين، قد حسم أمره بشأن سعيّد، مع إعلان الأمين العام للحزب غازي الشواشي أن الرئيس "غير قادر على إنقاذ البلاد"، وأن "لا علاقة له بالديمقراطية، باعتبار أنه أصبح يبث الفتنة ويقسّم التونسيين ويقوم بمحاكمات علنية ويرفض الحوار".

وحمّل الشواشي سعيّد مسؤولية "وضع البلاد في أزمة وعزلة تامة"، وبناء عليه "وجب التصدي لقراراته والوقوف ضدها"، معتبراً أنه "لا يحقّ للرئيس استخدام المراسيم لحل أحزاب أو إسقاط قوائم (نيابية)". ووصف الأمر بـ"التدخّل السافر في القضاء ولا يمكن قبوله أياً كان الخصم". وترك الشواشي الباب مفتوحاً أما سيناريو اللجوء إلى الشارع لحسم المعركة مع الرئيس.

في هذه الأجواء، صُدم سعيّد ببيان ثان لسفراء الدول السبع الكبرى في تونس (كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة)، يطالبون فيه بـ"احترام الحريات الأساسية لجميع التونسيين، وبأهمية شمولية وشفافية عملية إشراك كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك الأصوات المختلفة في الطيف السياسي والمجتمع المدني".

ودعا السفراء في البيان إلى "تحديد سقف زمني واضح يسمح بعودة سريعة لسير عمل مؤسسات ديمقراطية، بما في ذلك برلمان منتخب يضطلع بدور هام".

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس، قيس سعيد، انقلاب قيس سعيد، الدستور التونسي، استفتاء إلكتروني، النظام السياسي، التنظيم القاعدي، القضاء،