تخبط قيس سعيّد وخشية من قادم أعظم

الأربعاء 15 ديسمبر 2021 04:49 ص

تخبط قيس سعيّد وخشية من قادم أعظم

الأغراض الحقيقية لقرارات قيس سعيّد لن تخفى على غالبية أبناء تونس من حيث أنها خطوات مكمّلة للانقلاب الأمّ.

الغائب الأكبر عن هذه الوعود هو إجراء انتخابات رئاسية كفيلة بوضع شخصية الرئيس الانفرادية على محك التحكيم.

سقوف سعيّد الزمنية ليست إلا مناورات واهنة مستهلكة تمدّ في عمر انقلابه سنة إضافية لكنها لا تعيد أو تستعيد الحدود الدنيا من الشرعية.

ما قام على مخالفات قانونية ودستورية في يوليو الماضي ليس له صلاحية إسباغ مشروعيات قانونية أو دستورية بصدد الفروع في يوليو المقبل.

إبقاء مجلس النواب مجمداً بانتظار انتخابات جديدة أواخر 2022 وتنظيم «استشارة شعبية» عبر منصات إلكترونية واستشارات عبر معتمديات الولايات.

هل تهيأ للرئيس أن إجراءات جديدة أعلنها تستجيب لنداءات محلية شعبية ونقابية ودولية طالبته بجدول زمني ينهي استثناء تعيشه البلاد منذ 25 يوليو الماضي؟

«تدابير استثنائية» جمدت أعمال البرلمان وأقالت الحكومة وجمعت السلطات الثلاث بيد الرئاسة عبر تشريعات بمراسيم وتعيين ولاة وتسمية حكومة لا تخضع لرقابة برلمانية أو قضائية.

*      *      *

ربما تهيأ للرئيس التونسي قيس سعيّد أن سلسلة الإجراءات الجديدة التي أعلن عنها إنما تستجيب لنداءات محلية شعبية ونقابية وأخرى دولية طالبته بوضع جدول زمني واضح وتحديد آجال تنهي حال الاستثناء التي تعيشها البلاد منذ 25 تموز/ يوليو الماضي.

وذلك حين لجأ سعيّد إلى تفعيل الفصل 80 من الدستور الراهن واعتبر أن بنوده تخوله افتراض وجود «خطر داهم» يتيح له اتخاذ مجموعة «تدابير استثنائية» بدأت من تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، وانتهت إلى جمع السلطات الثلاث في يد الرئاسة وحدها عبر تشريعات بمراسيم وتعيين ولاة وتسمية حكومة لم تخضع لأي رقابة برلمانية أو قضائية.

الإجراءات الأخيرة التي أشار إليها الرئيس التونسي في خطابه قبل يومين تضمنت إبقاء المجلس النيابي مجمداً في انتظار انتخابات جديدة أواخر العام المقبل، وتنظيم ما أسماه سعيّد «استشارة شعبية» عبر المنصات الإلكترونية، واستشارات أخرى عبر المعتمديات في كل ولاية، الأمر الذي سيمثل في النهاية ما يشبه الاستفتاء على مشاريع إصلاحات دستورية، أواخر يوليو 2022.

لكن الأغراض الحقيقية لهذه القرارات لن تخفى على غالبية أبناء تونس من حيث أنها خطوات مكمّلة للانقلاب الأمّ، خاصة وأن الغائب الأكبر عن هذه الوعود هو إجراء انتخابات رئاسية كفيلة بوضع شخصية الرئيس الانفرادية على محك التحكيم.

والذكاء الشعبي البسيط والتلقائي يدرك أن ما نهض في الأصل على مخالفات قانونية ودستورية في شهر يوليو المنصرم، لن تكون له صلاحية إسباغ مشروعيات قانونية أو دستورية بصدد الفروع في يوليو المقبل، وبالتالي فإن سقوف سعيّد الزمنية ليست إلا مناورات واهنة ومستهلكة تمدّ في عمر انقلابه سنة إضافية، لكنها لا تعيد أو تستعيد الحدود الدنيا من الشرعية.

وصحيح بالطبع أن الدساتير توضع لكي تتجاوب مع حاجات المجتمع والحياة والزمن ويتوجب استطراداً أن تخضع للتطوير والتغيير والتلاؤم مع المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشعوب، لكن مراجعة الدساتير لها أصولها وقواعدها التي لن يكون انتهاكها سوى مدخل إلى الاختلال والفوضى والفراغ.

والدستور الذي جاء بالرئيس الحالي إلى قصر قرطاج وعليه أقسم يمين الولاء، لا يجوز أن يتبدل بجرّة قلم من الرئيس أو باجتماعات شبه مسرحية مع عدد من «الخبراء» القانونيين الموالين للرئاسة، أو بموجب تبريرات خطابية محشوة ببلاغة ولغة خشبية على غرار الحديث عن «الوحوش والكواسر» و«الفرز التاريخي في محكمة التاريخ».

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل في طليعة أبرز منظمات المجتمع المدني التي ساندت انقلاب سعيّد، لكن الاتحاد اليوم يحذر من «انفجارات شعبية» قد يتسبب في اندلاعها رئيس «يسير في الظلام».

المجلس الأعلى للقضاء رفض المساس بالبنية الدستورية للسلطة القضائية اعتمادا على المراسيم الرئاسية، ونقابة الصحافيين رصدت العديد من الانتهاكات بحق الصحافة وحرية التعبير والرأي العام، والمظاهرات الشعبية المتوقعة يوم الجمعة اعتراضاً على إجراءات سعيّد الأخيرة تستكمل مشهد الرفض وتضعه في إطار جماهيري أوسع.

الشعب التونسي هو الضحية الأولى وراء تخبط الرئيس بالطبع، والخشية أن يكون القادم أعظم.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تونس، قيس سعيّد، انفجارات شعبية، المجلس الأعلى للقضاء، الدستور، انقلاب، إجراءات جديدة،