الأردن: إعلان النوايا «السيئة»؟

الخميس 16 ديسمبر 2021 04:33 ص

الأردن: إعلان النوايا «السيئة»؟

الجبهة الداخلية الأردنية هي القادرة على إسناد قرارات الحكومة أو إضعافها.

صعوبة إقناع الأردنيين بجدوى مشاريع السلام والتطبيع يستند لتاريخ طويل من عدم الالتزام الإسرائيلي.

سخونة النقاش بالبرلمان أدت لتهديد نواب بإمكانية «طرح الثقة» بحكومة بشر الخصاونة أو بوزير المياه والري للتصويت في البرلمان.

يتوقع أن يتابع الأردن محاولة موازنة ظروفه الاقتصادية الصعبة مع وجود دولة الاحتلال وعدوانيتها وانتهاكاتها بالأراضي المحتلة والضغوط والمصالح الدولية والإقليمية.

اتفاقية وادي عربة أنهت حالة الصراع مع إسرائيل وكشفت عدم التزام العدو بحقوق الأردن المائية إذ انسحبت من مشروع ناقل البحرين مما هدد الأمن المائي الأردني.

إشارة رئيس الحكومة بأن ما وقعته «إعلان نوايا وليس اتفاقا» وأن حكومته ملتزمة «بواجبها الوطني» يظهر تراجعا محسوبا أو محاولة لامتصاص صدمة الاحتجاجات الشعبية والهجمة البرلمانية الواسعة.

*      *      *

يشير تقدم 76 نائبا أردنيا، من أصل 130 من أعضاء الغرفة الأولى للبرلمان، بطلب مناقشة عامة علنية لقرار الحكومة الاتفاق على مقايضة الكهرباء بالماء مع إسرائيل، إلى الصدع الكبير الذي أحدثه إعلان الاتفاق المذكور في الفضاء السياسي الرسمي والشعبي الأردني.

مجريات المناقشات البرلمانية الحادة التي شارك بها 91 نائبا توضح أن جبهة النواب المعارضين واسعة وشملت الإسلاميين المستقلين واليسار واليمين، فالنائب المستقل خليل عطية أعلن رفضه الاتفاقية معتبرا أن «كل تطبيع هو خيانة».

أما النائب فريد حداد فرأى أن مشكلة المياه في الأردن ليست فنية بل سياسية، وأن دولة الاحتلال الإسرائيلي «تسرق المياه» من الأردن منذ عام 1948، وقال النائب المستقل ميرزا بولدا إن إسرائيل «مغتصبة وتقتل الأطفال»، ومع توالي المداخلات كان واضحا أن هناك اتجاها كبيرا في البرلمان يرفض الاتفاقية.

تزامنت هذه المعارضة المتصاعدة مع إعلان وسائل إعلام إسرائيلية بأن جنديا أردنيا أطلق النار على جنود إسرائيليين على الحدود الإسرائيلية المشتركة مع الأردن وسوريا.

وبرغم نفي «مصدر عسكري مسؤول» بالقوات المسلحة الأردنية صحة الخبر فإنه أشار إلى أن إطلاق النار «صادف في الأثناء مرور دورية إسرائيلية في الطرف المقابل»، وهو توصيف لم يؤكد حدث إطلاق النار على جنود إسرائيليين من الجانب الأردني، فإنه يضع المسألة كلها في موضع الشك والالتباس.

سخونة النقاش أدت لتهديد بعض النواب بإمكانية «طرح الثقة» بحكومة بشر الخصاونة، أو بوزير المياه والري محمد النجار، للتصويت في البرلمان.

وكان الرد من الحكومة، على لسان رئيسها الخصاونة، أن الأردن يعاني فقرا «غير مسبوق»، وأن الأردنيين «لا يرتهنون لأحد»، كما رد وزير المياه بأن مخزون سدود البلاد هو 20,5 بالمئة فقط من سعتها التخزينية.

إضافة إلى تأكيد الحكومة للأرقام المعلومة عن الوضع المائي الصعب في الأردن فإن إشارة رئيسها أن ما وقعته مع الإمارات وإسرائيل هو «إعلان نوايا وليس اتفاقا»، وأن حكومته ملتزمة «بواجبها الوطني» يدل على تراجع محسوب أو محاولة لامتصاص صدمة الاحتجاجات الشعبية عليه، وكذلك الهجمة البرلمانية الواسعة.

صعوبة إقناع الأردنيين بجدوى مشاريع السلام والتطبيع يستند إلى تاريخ طويل من عدم الالتزام الإسرائيلي، فاتفاقية وادي عربة التي أنهت حالة الصراع مع إسرائيل، كشفت عدم التزام دولة الاحتلال بحقوق الأردن المائية حيث توقفت عن السير في مشروع ناقل البحرين بشكل هدد الأمن المائي الأردني.

حاجة الأردن لحماية حدوده من عدوان إسرائيلي، وهو الدافع لإنجاز اتفاقية السلام، تقابله حاجة مكافئة للدفاع عن حقوق الأردن وسيادته، كما حصل برفض عمّان تجديد اتفاقية زراعة إسرائيل لأراضي الغمر والباقورة، وكذلك رفضها الانخراط في «صفقة القرن»، ودفاعها عن قضية فلسطين.

المتوقع، بعد هذا الجدل الشديد السخونة، أن يتابع الأردن المحاولة الصعبة لموازنة ظروفه الاقتصادية الصعبة، مع وجود دولة الاحتلال الإسرائيلي وعدوانيتها وانتهاكاتها في الأراضي المحتلة، والضغوط والمصالح الدولية والإقليمية، من دون نسيان الجبهة الداخلية، القادرة على إسناد قرارات الحكومة أو إضعافها.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الأردن، برلمان، الكهرباء، الماء، إسرائيل، الإمارات، إعلان النوايا، دولة الاحتلال، ناقل البحرين، فلسطين،