لوموند: قمة إسطنبول تعزز الاختراق التركي في أفريقيا

الجمعة 17 ديسمبر 2021 06:55 م

"علامة فارقة جديدة في العلاقة بين تركيا وأفريقيا".. هكذا وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية، القمة التركية الأفريقية التي انطلقت في إسطنبول، الجمعة، تحمل عنوان "الشراكة المعززة من أجل التنمية المشتركة والازدهار".

القمة التي قالت عنها "لوموند"، إنها تمثل "تعزيزا للاختراق التركي في أفريقيا"، يحضرها 1140 مسؤولاً أفريقياً رفيعاً، منهم 13 رئيس دولة، ورئيسان للوزراء.

وتبحث القمة تعزيز التعاون على الجبهات الاقتصادية والأمنية والثقافية التي أقامتها أنقرة في السنوات الأخيرة.

وستُعقد القمة تحت رعاية "أردوغان"، الحريص أكثر من أي وقت مضى على تعزيز اختراق بلاده السريع في القارة الأفريقية التي يبدو أنها "باتت اليوم الملعب المفضل لديه".

ووفق الصحيفة، يعوّل "أردوغان" على هذه القمة لاستعادة صورته، خصوصاً لدى أولئك المصدّرين الحريصين على أسواق جديدة في هذه الأوقات من الأزمة النقدية التي تمر بها بلاده، مع الهبوط الشديد للعملة التركية التي فقدت 45% من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري.

وتعود هذه المبادرة إلى الرئيس التركي الذي خلال جولاته المتعددة في القارة (46 زيارة إلى 30 دولة) يجلب دائما في أعقابها العشرات من رجال الأعمال والمقاولين.

وأوضحت "لوموند"، أنه خلال 18 عاما، تضاعف حجم التجارة بين تركيا والدول الأفريقية 5 مرات، من 5.5 مليار دولار في عام 2003 إلى 25.3 مليار دولار في عام 2020.

وأصبح لتركيا اليوم 43 سفارة في أفريقيا، مقارنة بـ12 فقط منذ 20 عاما.

كما تنشط  الخطوط الجوية التركية الآن في أفريقيا، عبر رحلاتها من وإلى 61 مدينة كبرى.

واكتسب رواد الأعمال الأتراك حصة سوقية في أفريقيا من خلال بناء الطرق والملاعب والمطارات وبيع مواد البناء والمنتجات الغذائية الزراعية، وآلات النسيج والمعدات الطبية ومنتجات النظافة.

وتباع المنتجات التركية بسعر أرخص بنسبة 20% إلى 30% من نظيراتها الأوروبية، وغالبا ما تتمتع المنتجات التركية بسمعة أفضل لدى المستهلكين الأفارقة من تلك المصنوعة في الصين.

ومع ذلك، فإن الاستثمارات التركية المباشرة في القارة، والتي تقدر بنحو 6.5 مليار دولار في 18 عاما، لا تُقارن كثيرا بعشرات المليارات التي استثمرتها الصين أو الاتحاد الأوروبي خلال نفس الفترة.

لكن اهتمام أنقرة إستراتيجي في الغالب، كما تقول "لوموند"، حيث أدى تدخل الجيش التركي في ليبيا إلى تحفيز "أردوغان" على تعزيز نفوذه السياسي والأمني ​​في المنطقة.

ففي يوليو/تموز 2020، زار وزير خارجيته "مولود جاويش أوغلو"، النيجر، ووقّع اتفاقيات تعاون عسكري ظلَ محتواها طي الكتمان.

ثم قدّر الخبراء أنه يمكن إنشاء قاعدة عسكرية هناك، بالإضافة إلى تلك الموجودة في ليبيا والصومال.

كما أن طلبات المعدات العسكرية آخذة في الارتفاع، فبعد المغرب وتونس، تريد إثيوبيا الآن الحصول على طائرات بدون طيار من طراز "بيرقدار تي بي 2"، بالإضافة إلى تدريب مشغليها.

وبين شهري يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، بلغت مبيعات المعدات العسكرية التركية لإثيوبيا 94.6 مليون دولار، مقابل 235 ألف دولار للفترة نفسها من العام الماضي.

وزادت أنجولا وتشاد والمغرب طلبيات الأسلحة بنفس النسب هذا العام، وفقا لاتحاد المصدرين الأتراك.

ومضت "لوموند" إلى القول، إن "أردوغان" في علاقاته مع شركائه الأفارقة، يحب تقديم نفسه كبديل للقوى الاستعمارية السابقة، ما يضمن خلو بلاده من أي ماضٍ إمبريالي.

ويشدد على رفض تركيا مقاربات الغرب الاستشراقية للقارة الأفريقية، حيث أشارت الصحيفة إلى ما صرح به "أردوغان"، خلال جولته الأفريقية الأخيرة التي شملت أنجولا ونيجيريا وتوجو، حين قال: "نحن نحتضن شعوب القارة الأفريقية دون تمييز".

كما اكتسبت تركيا جزءًا كبيرا من النفوذ الحالي بفضل وكالة التعاون والتنسيق التركية التي اخترقت أراضي غرب أفريقيا الأكثر تضررًا من ندرة المياه، مثل السنغال وتشاد والنيجر، من خلال بناء آبار وأنظمة من أجل تنقية المياه.

كما قامت بإقراض شركات المقاولات بأسعار معقولة في مواقع البناء الكبرى وإنشاء مجالس أعمال بهدف زيادة التجارة التركية والاستثمارات التركية المباشرة التي تدخل هذا الجزء من القارة.

والتأثير التركي في أفريقيا ثقافي وأيديولوجي أيضا، حسب "لوموند".

وفي هذا السياق، تنقل الصحيفة عن مدير المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول في إسطنبول "بيرم بالسي"، قوله إن "السلطات التركية تعتزم المساهمة في تعاليم الإسلام في العالم.. لا تنشط المؤسسات الدينية التركية في أفريقيا فحسب، بل تقدم أيضا منحا دراسية للأئمة وعلماء الدين الراغبين في القدوم والتدريب في تركيا".

ويدرس أكثر من 5 آلاف شاب أفريقي حاليا في إسطنبول أو أنقرة، حصل خُمسهم على منحة دراسية.

وتشير الصحيفة، إلى أن "القوة الناعمة" لتركيا تعمل في غرب أفريقيا، حيث لم تعد هناك مؤسسات إسلامية تركية لأغراض إنسانية أو ثقافية.

وتأسست مؤسسة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية "IHH" منذ تسعينات القرن الماضي، والتي تعمل في 41 دولة في القارة، وتفخر بتقديم عمليات إعتام عدسة العين المجانية إلى 100 ألف مريض أفريقي.

ويقدم الهلال الأحمر التركي والوكالة التركية لإدارة الكوارث والطوارئ "AFAD" الدعم للسكان فيما يتعلق بالحصول على المياه أو الرعاية الصحية، لا سيما في مالي والنيجر.

وأيضا، تساعد مديرية الشؤون الدينية "ديانت" وهي من أغنى مؤسسات الدولة وأكثرها نفوذاً، في بناء وترميم المساجد في مالي والنيجر وغانا.

وانتهت وكالة التعاون والتنسيق التركية "TIKA" للتو من ترميم مسجد نور الحميدية في كيب تاون بجنوب أفريقيا، وهي الدولة التي تعد أكبر شريك تجاري لأنقرة في القارة.

وتدريب النخب الأفريقية المستقبلية هو أيضا ضمن برنامج الحكومة التركية، إذ تدير مؤسسة المعارف الإسلامية التي تسيطر عليها الدولة 175 مدرسة في 25 دولة في القارة.

وفي الغالب، هذه هي المدارس التي أسسها رجل الدين "فتح الله كولن"، والتي استولت عليها الدولة التركية بعد الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/تموز 2016، والذي دبره بحسب أنقرة، "كولن" وحركته القوية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان أفريقيا تعاون اقتصادي العلاقات التركية الأفريقية

زار 28 دولة.. أردوغان: تركيا شريك استراتيجي للدول الأفريقية

لوموند: فرنسا تنظر بعين الريبة للوجود التركي بالساحل الأفريقي

تبون يجدد تمسك الجزائر ودول أفريقيا بالشراكة مع تركيا