السودان: الرجوع إلى نقطة الصفر!

الجمعة 31 ديسمبر 2021 04:50 ص

السودان: الرجوع إلى نقطة الصفر!

الإجراءات الانقلابية التي تمت في 25 أكتوبر الماضي «أرجعت الاقتصاد إلى نقطة الصفر».

يمكن لنظام الانقلاب أن يتباهى فعلا بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وبانجازه «قفزة في الظلام» السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

تسلط الوقائع الضوء على طريقة إدارة قادة الانقلاب العسكري للبلاد وتظهر المآل الخطير الذي ينحدر إليه السودان إذا استمر هذا المنحى.

بمجرّد إعلان الانقلاب حاول القادة العسكريون إعادة عقارب الساعة للوراء كإعادة صلاحيات جهاز المخابرات العامة ويمنحه حق الاعتقال ويحصنه من المساءلة.

نُهب مقر البعثة المشتركة «يوناميد» ومخازن برنامج الغذاء العالمي بواسطة قوات من «الدعم السريع» التي يرأسها حميدتي النائب الأول لرئيس مجلس السيادة.

*      *      *

واجهت سلطات الانقلاب في السودان التظاهرات الشعبية التي انطلقت ضدها أمس الخميس بالقيام باعتقالات مبكرة لقادة في «تجمع المهنيين السودانيين» و«لجان المقاومة» وبإغلاق جسور وشوارع وسط الخرطوم.

ومنعت السلطات «عبور سيارات الإسعاف لنقل المصابين والجرحى المشاركين في المظاهرات» وهو ما يشير إلى احتمال وقوع عدد كبير من الضحايا، وحسب تصريح من وزارة الصحة السودانية فإن القمع في هذا اليوم «تجاوز التخيلات».

تسلط بعض الوقائع الأخرى الضوء على الطريقة التي يدير بها قادة الانقلاب العسكري السودان، وتوضح المآل الخطير الذي يمكن للبلاد أن تنحدر إليه إذا استمر هذا المنحى.

من هذه الأحداث ما حصل في ولاية شمال دارفور غربي البلاد، فبعد نشر وكالات الأنباء العالمية نبأ نهب مقر البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة «يوناميد» ومخازن برنامج الغذاء العالمي، تبيّن أن المسؤول عن هذا النهب، حسب ما كشف «تجمع المهنيين» هو قوات من «الدعم السريع» التي يرأسها النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني، محمد حمدان دقلو «حميدتي» بالتعاون مع بعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا (وكان بعض قادتها مشاركين في دعم الانقلاب على الحكومة المدنية).

يدفع هذا الحدث إلى المقارنة بين عملية النهب الفجة، واستغلال الانفلات الأمني الناتج عنها، للقيام بفرض حظر التجول، وشن اعتقالات، مع ما حصل قبيل عملية الانقلاب من انفلات للأمن في بعض القطاعات الاقتصادية المهمة في السودان، مع الاستخدام البائس لاعتصامات منظمة لحشود تم استقدامها لتبرير الانقلاب على المدنيين، مع التغطية السياسية التي قدمها بعض قادة الحركات المسلحة.

بمجرّد إعلان الانقلاب حاول القادة العسكريون إعادة عقارب ساعة السودان إلى الوراء، كما فعل عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة المنقلب، بإلغاء المؤسسات التي نشأت بدفع من الضغوط الشعبية والحكومة المدنية، وبإجراء سلسلة من التعيينات في مناصب مهمة، وكان آخر تلك الإجراءات، إعلان إعادة الصلاحيات لجهاز الأمن والمخابرات العامة، الذي يحصّن عناصر هذا الجهاز من المساءلة، ويمنحه حق الاعتقال.

بمحاولتهم استلام السلطة المطلقة، يعتقد المنقلبون، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين مدعومين من العسكر أنهم امتلكوا حرية التصرّف بالجغرافيا والاقتصاد والسياسة والمواطنين، لكنهم لا يحتسبون، على الأغلب، ردود الفعل السياسية، المحلية والعالمية، ضدهم، كما لا يحتسبون تداعيات عودة الاقتصاد، بدوره، إلى الوراء.

حسب الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية السودانية، أشرف صلاح نور الدين، فإن الإجراءات الانقلابية التي تمت في 25 تشرين أول/أكتوبر الماضي «أرجعت الاقتصاد إلى نقطة الصفر».

لقد شهد الاقتصاد السوداني تطورات ملحوظة بعد الانفتاح العالمي على البلاد بعد التطمينات السياسية التي قدّمها وجود حكومة مدنية (ولو أنها تسير في ظلال العسكر) وكانت البلاد تأمل بأن يكون العام المقبل، 2022، بداية للنهضة الاقتصادية واستقرار السلع وسعر الصرف وارتفاع دخل المواطن والمنتج وزيادة الإنتاج، لكن الانقلاب أوقف كل هذا.

على صعيد الحريات السياسية وحقوق الإنسان، فقد تقدمت السودان نسبيا في العام الماضي، فزادت حقوق التعبير بسبب انخفاض العنف، واستبدال المسؤولين العسكريين بمدنيين، كما تحسنت الحريات الدينية مع إلغاء الحكومة تشريعات قديمة قيدت تلك الحريات، وحرية المعتقد والضمير، وكذلك تحسنت حرية التجمع، وحرية التنقل وكذلك الحريات الاجتماعية الشخصية، فارتفع تقييم السودان 7 نقاط عام 2019، و12 نقطة عام 2020.

ضمن هذا السياق يمكن لنظام الانقلاب أن يتباهى فعلا بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وبانجازه «قفزة في الظلام» السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان، انقلاب، اعتقالات، الدعم السريع، حميدتي، يوناميد، نهب، برنامج الغذاء العالمي، الحريات، حقوق الإنسان، الاقتصاد السوداني،

بينهم إحدى بنات الصادق المهدى.. اعتقال 2 من قيادات "الأمة القومي" السوداني

السودان.. 4 قتلى و200 إصابة خلال مظاهرات أم درمان الخميس