استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الجاهل لا يراجع ولا يغير

الجمعة 31 ديسمبر 2021 08:19 ص

الجاهل لا يراجع ولا يغير

هل في المجتمعات العربية المدنية من إمكانيات علم وفهم وتعاضد وتكتل قومي لمعادلة ذلك البؤس الرسمي؟

الجاهل لن تخوله قدراته العلمية والفكرية والقيمية، على التعلم مما ارتكب من أخطاء وخطايا إبان السنة الماضية المنتهية.

واجهت أمريكا توترات وتراجعات ديمقراطية وما أخذته من قرارات تنم عن جهل وتخلف، إبان ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب.

استحالة تحقيق إصلاح أو نهوض من قبل نظام حكم جاهل، يقوده حاكم جاهل يسوس حياة الشعوب والمجتمعات، كل حياتهم، دون رقيب أو حسيب.

لا بوادر، مجرد بوادر، على أن أنظمة الحكم العربية، مجتمعة ومتعاونة، ستنظر مثلا في الهجمة الصهيونية مترامية الأطراف، لاختراق كل مجتمع عربي!

الحاكم الجاهل لا يملك عقلانية أو حكمة أو ضمير يقظ واعي ولا قيم روحية ونفسية وسلوكية لممارسة حكم بما يؤدي لبناء وإنجاح ما كتب عنه مفكرون ومصلحون.

النظام السياسي الأمريكي يجعل ظاهرة الجهل وتداعياتها ظاهرة مؤقتة خاضعة لنتائج انتخابات دورية بينما تقوم أنظمة التسلط في بلاد العرب بترسيخها وتأبيدها.

*      *      *

كل الذين كتبوا عن مشروع نهضوي أو خطوات إصلاحية تغييرية، أو بناء شخصية ثقافية عربية أو عربية إسلامية وصلوا إلى نتيجة واحدة مؤداها، استحالة تحقيق ذلك من قبل نظام حكم جاهل، يقوده حاكم جاهل يسوس حياة الشعوب والمجتمعات، كل حياتهم، من دون رقيب أو حسيب.

فالحاكم الجاهل لا يملك العقلانية، أو الحكمة، أو الضمير اليقظ المحاسب الواعي، ولا يملك الكثير من القيم الروحية والنفسية والسلوكية، من أجل ممارسة حكم بشكل يؤدي إلى بناء وإنجاح ما كتب عنه أولئك الكتاب المفكرون الإصلاحيون.

للذين سيعتقدون بأن ذلك ينطبق فقط على حالة الأمة العربية، نحيلهم إلى ما واجهته أمريكا من توترات وتراجعات ديمقراطية، وما أخذته من قرارات تنم عن الجهل والتخلف، إبان ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

الفرق الأساسي هو أن النظام الديمقراطي الأمريكي يجعل ظاهرة الجهل وتداعياتها ظاهرة مؤقتة، خاضعة لنتائج انتخابات دورية، بينما تقوم أنظمة التسلط في بلاد العرب بترسيخها واستمراريتها لسنين طويلة.

نخوض في موضوع قوة تأثير جهالة الحكم، بمناسبة انتهاء سنة وبداية سنة جديدة. ذلك أن الجاهل لن تخوله قدراته العلمية والفكرية والقيمية، على التعلم مما ارتكب من أخطاء وخطايا إبان السنة الماضية المنتهية، حين يحاول أخذ الدروس والعبر، ولا تمده بالشجاعة والحكمة والإرادة لقطع الوعود على نفسه لتغيير منهجيات ومنطلقات حكم بلاده، وذلك في احتفالات ليلة رأس السنة الجديدة.

من هنا لن تشهد الأيام القليلة المقبلة دموع الندم وتواضع تعلم دروس الحياة، ولا مشاعر الفرح بمجيء أيام أجمل وأصفى. ومن هنا أيضًا دعنا من جدلية وثرثرة التشاؤم والتفاؤل التي تلوكها الألسن عند نهاية كل عام وبداية عام آخر.

القضية هي في شلل إرادة التعلم والفهم والفعل من قبل أغلب أدوات الحكم في بلاد العرب، ولذلك لا توجد بوادر، مجرد بوادر، على أن أنظمة الحكم العربية، مجتمعة ومتعاونة ومتناغمة، ستنظر، مثلا، في الهجمة الصهيونية المترامية الأطراف، لاختراق كل مجتمع عربي، من دون استثناء، على مستويات التحكم بالاقتصاد والقرار السياسي والمسموح والممنوع في الثقافة والدين والإعلام، ولاختراقه وإدارته على المستوى الأمني والمخابراتي.

وهي لن تفعل شيئاً، حتى ولا مناقشة الأمر، تجاه الحرائق الهائلة التي تحرق الأخضر واليابس في كل بلاد العرب، والتي لن تطفئها المحاولات البائسة المضحكة من قبل هذا القطر العربي أو ذاك.

وستترك شعوب سوريا وليبيا والسودان واليمن ولبنان وفلسطين مثلا، تواجه الأخطار والأهوال والتفكك وحدها. ولن تنفخ الروح في الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والتجمعات الخليجية والمغاربية.

ولن يجرؤ أحد على الكلام عن رجوع الاستعمار، بألف شكل وشكل، إلى أرض العرب، ولن ينتبه أحد إلى خطر ضياع هوية العروبة والوجود العربي في الخليج العربي، من جراء تعاظم هجرة غير العرب وتجنيسهم المتعاظم وتثبيتهم لإدارة الاقتصاد والأمن على الأخص. هل في المجتمعات العربية المدنية من إمكانيات علم وفهم وتعاضد وتكتل قومي، لمعادلة ذلك البؤس الرسمي؟

هل فيهم القدرة ولديهم الحرية لمراجعة أخطاء وخطايا السنة المنتهية، بل السنوات المنتهية، والانتقال إلى سنة جديدة بروح جديدة وعلم نافع وعزل لكل قوى الانتهازية والعبودية المشتراة فيها؟ الجواب كبير ومتشعب ومبثوث في كل مكان ينتظره فعل، فعل وليس ثرثرة مملة.. وكل عام وأنتم.

* د. علي محمد فخرو كاتب بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

الحكم الجاهل، الديمقراطية، السنة الجديدة، مراجعة الأخطاء، إصلاح، عقلانية، قيم، ترامب، أنظمة التسلط، بلاد العرب، حكمة، استعمار، الصهيونية،