ف. بوليسي: 5 قضايا كبرى تؤثر بسياسة 2022 الدولية

الأحد 2 يناير 2022 09:47 ص

أحداث عاصفة شهدتها المنطقة العربية والعالم خلال العام الماضي، على رأسها سيطرة حركة "طالبان" على السلطة في أفغانستان وما يوصف بالانقلاب على الدستور في تونس واستحواذ العسكر على الحكم في السودان.. وكلها ذات تأثير بالتطورات المتوقعة للسياسة الدولية حسبما تستشرفها مجلة "فورين بوليسي".

وسلط الباحثان "ستيفن كوك" و"إيني إنريكو ماتي" الضوء على 5 قضايا، توقعا أن تكون مؤثرة في السياسة الخارجية الدولية، على رأسها تطورات الشرق الأوسط، والمصير النهائي لإعادة تأهيل النظام السوري، برئاسة "بشار الأسد".

فبعد "توقعات بأن يكون مصير الأخير مماثلا لما حدث لكل من "زين العابدين بن علي" في تونس أو "محمد حسني مبارك" في مصر، بدأت الشكوك تظهر بإمكانية استمراره بعد بقائه في سدة الحكم منذ انطلاق الاحتجاجات ضد حكمه في مارس/آذار 2011.

ولفت الباحثان إلى أن سوريا تعاني أزمات اقتصادية، ورغم ذلك فإن "الأسد" بدأ يشعر بالأمل في إعادة تأهيله لا سيما بعد تواصله مؤخرا مع العاهل الأردني الملك "عبدالله الثاني"، ومن بعدها زيارة وزير خارجية الإمارات "عبدالله بن زايد" إلى دمشق، "وكلا الأمرين لم يواجها برد قوي من إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن".

مستقبل الإسلاميين

وفي السياق، يترقب "كوك" ما إذا كانت انتخابات الرئاسة ستجرى مبكرا في العام الجاري عوضا عن العام القادم 2023، مضيفا: "لماذا قد يرغب الرئيس رجب طيب إردوغان، وهو في موقف ضعيف نسبيًا، في ذهاب الأتراك إلى صناديق الاقتراع مبكرًا.. أظن ذلك أمرا لا معنى له".

وتابع: "ولكن يبدو أن مجموعة من الصحفيين والمحللين الأتراك ومع بعض الشخصيات المعارضة مقتنعين بإمكانية حدوث ذلك، وفي حال جرت فعلا تلك الانتخابات فلن تكون المرة الأولى التي تخيب فيها توقعاتي".

"كيفية استجابة الأحزاب الإسلامية في المنطقة للتغييرات التي طرأت في العام الماضي وأثرت عليهم" محور اهتمام "كوك"، الذي أشار إلى أن حزب العدالة والتنمية المغربي كاد "أن يقضي على مستقبله نهائيا في انتخابات سبتمبر/أيلول الماضي التي تعرض فيها لخسارة قاسية جدا".

وتابع: "وعلى نفس المنوال تعرضت حركة النهضة في تونس لانتكاسة كبيرة بعد تجميد الرئيس قيس سعيد أعمال البرلمان في يوليو/تموز الماضي، بينما لم يتمكن حزب العدالة والتنمية التركي من وقف الانحدار الكبير في شعبيته رغم أنه لا يزال يحظى بدعم ثلث الأتراك".

وانتهى "كوك" إلى أن رضوخ الحكومة التركية لمطالب مصر بالتخلي عن دعم جماعة "الإخوان المسلمون" مقابل علاقات ثنائية أفضل، يكشف قدرات الأحزاب وجماعة الإسلام السياسي على التكيف مع الظروف وأنهم أصحاب نفس طويل، وبالتالي سوف يعملون على التكيف مع الظروف وإعادة تجميع صفوفهم بعد عام من الانتكاسات، وبالتالي فإن ذلك سيكون من أكثر القصص إثارة للاهتمام بشأن التطورات بالشرق الأوسط خلال 2022.

الانتخابات الأوروبية

وتعد الانتخابات المقررة في عدد من دول القارة العجوز ثاني قضايا التأثير في السياسة الدولية لعام 2022، وهو ما سلطت عليه مراسلة "فورين بوليسي" في أوروبا "كارولين دي جروتر" الضوء، مشيرة إلى أن "إحدى المشاكل الرئيسية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي هي أن السياسيين المحليين يستخدمونه باستمرار كبش فداء للفوز بالانتخابات في بلادهم".

وأوضحت: "ستكون أوروبا في وضع أفضل بكثير إذا بدأ السياسيون في التحلي بالصدق بشأن الاتحاد الأوروبي ودورهم الكبير في صنع القرار في بروكسل".

وضربت "كارولين" مثالا من عام 2016، عندما أخبر أحد المستشارين أستاذ الاقتصاد النمساوي "ألكسندر فان دير بيلن"، الذي كان حينها مرشحًا لرئاسة البلاد، أن يكثر من الانتقادات للاتحاد الأوروبي، لأن ذلك سيجعله أكثر شعبية، ولكن "دير بيلن"، العضو الهادئ والمؤثر في حزب الخضر النمساوي، رفض تلك النصيحة، معتبرا أن الناس قد عهدوه وهو يدافع عن التكامل الأوروبي وأي تغيير في ذلك سوف يفقده مصداقيته.

وفي المقابل أعلن المفوض الأوروبي السابق "ميشيل بارنييه" ترشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة، مهاجما محكمة العدل الأوروبية وسياسات الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن مصير الاتحاد قد يظل على المحك في ظل تصاعد المطالبات "القومية" بالانفصال عنه على غرار ما جرى في إنجلترا.

ولاية أوتار براديش

تعد ولاية أوتار براديش (وتعني باللغة الهندية: المقاطعة الشمالية) الأكثر اكتظاظا بالسكان حيث يبلغ عدد سكانها 241 مليون نسمة، وهي على موعد في مارس/آذار المقبل لانتخاب مجلس تشريعي جديد وكذلك رئيس وزراء لها، وستكون نتيجة الانتخابات ذات أهمية كبيرة تنعكس على مستقبل الهند وديمقراطيتها.

وفي هذا الصدد يقول الباحث وأستاذ العلوم السياسية "سوميت جانجولي" إن رئيس الوزراء الحالي للولاية "يوجي أديتياناث"، وهو كاهن هندوسي ينتمي إلى حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، قد ركز، منذ توليه منصبه في مارس/آذار 2017 على شيطنة مواطنيه المسلمين والأقليات الأخرى عوضا عن التركيز على التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

الولاية تتمتع بأكبر عدد من المقاعد في غرفتي البرلمان الوطني الهندي، وبالتالي فإن الحفاظ على أغلبية بمجلسها التشريعي يظل ضرورة حتمية لحكومة حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي برئاسة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي".

ولتحقيق هذه الغاية، دأب "مودي" على العمل بشكل دؤوب لتعزيز الفرص الانتخابية لـ "أديتياناث"، فكلاهما ينتميان إلى القومية الهندوسية اليمنية، ولديهما رؤية مشتركة لتحويل الهند إلى دولة إثنوقراطية، وبالتالي فإن نتائج الانتخاب في أوتار براديش ستكون جديرة بالمراقبة لمعرفة مصير النظام الديمقراطي في الهند.

أزمة الشحن البحري

وترى "إليزابيث براو"، الكاتبة الصحيفة في "فورين بوليسي"، أن قضية نقص الكوادر البشرية المتوقعة في مجال الشحن البحري التجاري تستحق المراقبة خلال العام الجديد، باعتبار أن 80% من التجارة العالمية تنقل عبر السفن.

وتبلغ حصة كل شخص على كوكب الأرض من البضائع التي يجري شحنها عن طريق البحر 1.5 طن، ما يعني أنه في حال توقفت السفن فإن ذلك سيؤثر على حياة البشرية بشكل كبير.

ولذا تقول "براو": "في حين يشهد النقل البحري نموًا هائلاً نتيجة للعولمة، أصبح الناس أقل رغبة في العمل على أسطح تلك السفن، فهناك حاليا نحو 50 ألف سفينة شحن يعمل عليها بحارة وعمال من الصين والفلبين وإندونيسيا وروسيا وأوكرانيا والهند، وفي مقابل ذلك لم يعد يرغب الكثير من مواطني الدول الغربية في العمل بذلك القطاع"، والذي يعد حيويا لنقل الكثير من البضائع الاستراتيجية لا سيما النفط.

وتشير الباحثة إلى أن جائحة فيروس كورونا المستجد أضعفت الرغبة الخافتة بالأساس للعمل في هذا مجال الشحن البحري، ولا سيما بعد أن اضطر الكثير من عمال السفن للبقاء في البحر لعدم قدرتهم على النزول إلى البر بسبب فرض الحجر الصحي على مراكبهم.

وتتوقع "براو" أن تؤدي استقالة عشر البحارة في العالم (يقدر عددهم بنحو 1.6 مليون شخص) إلى اضطرابات هائلة في سلسلة التوريد.

انتخابات أمريكا اللاتينية

الباحث "كريستوفر ساباتيني" سلط الضوء على خامس أكبر قضايا التأثير على سياسة 2022 الدولية حسب رأيه، وهي انتخابات دول أمريكا اللاتينية، ومدى تأثرها بالانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية القاسية لجائحة فيروس كورونا المستجد.

وأشار إلى أن الانتخابات الرئاسية الرئيسية في تشيلي والإكوادور وهندوراس وبيرو والانتخابات التشريعية النصفية في الأرجنتين والمكسيك والسلفادور أظهرت "نكهة مميزة مناهضة للنظام"، مرجحا استمرار هكذا اتجاه خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2022 في البرازيل وكولومبيا حيث يُظهر الناخبون معدلات رفض عالية للرؤساء الحاليين.

ومن شأن التقلبات في الإدارات والاستقطاب السياسي المحلي بدول أمريكا اللاتينية أن يؤدي إلى "تحولات صارخة في السياسات الخارجية والعلاقات التجارية والتماسك الإقليمي والقدرة على معالجة التحديات الأمنية والجيوسياسية الأوسع" حسبما يرى "ساباتيني".

وأشار إلى أن "تلك التقلبات فتحت المزيد من الفرص لبكين لفرض نفوذ دبلوماسي واقتصادي أكبر، في حين تبدو فيه الولايات المتحدة مصممة بشكل متزايد على إعادة تأكيد نفوذها ومكانتها في مواجهة التنين الصيني".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

طالبان أفغانستان تونس السودان الهند