استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

من «مسافة السكة» إلى «تمام يا فندم»

الجمعة 4 ديسمبر 2015 05:12 ص

(إحنا دايماً بنعلن موقفنا بوضوح: إن إحنا مستعدين دائماً للمشاركة في كافة الجهود لمكافحة هذه الظاهرة المعادية للإنسانية [الإرهاب]، المعادية للإنسانية، وللدين كمان..). 

هكذا أعلن المنقلب عبد الفتاح السيسي يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فجاءه الجواب الآمر بعدها بيوم من لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي على لسان جون ماكين وليندسي جراهام: (يجب تجنيد 100 ألف مقاتل سني لقتال داعش، وحشدهم لن يكون صعباً على مصر). ماكين الذي كان قد قال في لقاء مع حازم الببلاوي: إنه انقلاب، والانقلاب هو الانقلاب، كما أن البطة هي البطة، يقول له اليوم: جهز نفسك، وعد وأعد واحشد رجالك، عندك مهمة ليست صعبة عليك: ستقاتل داعش، ومعك قليل من العرب؛ لأن أميركا قرّرت ألا تقاتل بعد اليوم. وأضاف أن حشد هذه القوة "لن يكون صعباً على مصر، سيكون صعباً على السعوديين، كما سيكون صعباً على الدول الأصغر". 

ولا تحسبن أن ذلك للثقة في قدراتنا، وأننا الجيش الأكثر جاهزية وخبرة بالقتال، لا، بل لأننا الأرخص ثمناً، ودماؤنا لا تساوي شيئاً بفضل الانقلاب العسكري الدموي، حتى أصبحت أخبار القتل والاغتيال والتصفية للجنود والمواطنين خارج القانون، وبلا أدنى تحقيق حقيقي، عادية متكررة. لذا، يقول جراهام: هذه القوة قد تشتمل كذلك على نحو 10 آلاف جندي أميركي "يوفرون قدراتٍ لا يملكها العرب"، مضيفاً: "متى كانت آخر مرة قام بها جيش عربي بمناورة"؟ وأضاف "هذه المرة، ستتألف القوات من جيش إقليمي كبير مع قوة غربية صغيرة، في حين أنه، خلال الحربين في أفغانستان والعراق، كانت القوات الغربية كبيرة، والقوة الإقليمية صغيرة جداً".

ها هي السكة تنفتح أمامه وبغير استئذان. لا يتكلم الأميركيون عن محادثات أو اتصالاتٍ، سوف يجرونها مع الانقلاب، للاتفاق أو الحوار حول الأمر. يتحدثون عن مصر، كما لو أنها ولاية أميركية، أو أن الاتفاق تم/ أو مضمون ومؤكد؛ لأن لا رأي للمنقلب، ولا قول له إلا: تمام يا أفندم (يس سير).

ظل المنقلب يتوسل إلى الغرب: الأميركان ثم الأوروبيين، خصوصاً بريطانيا، كي يعلنوا أن "الإخوان المسلمين" جماعة إرهابية، وأنفقت الدولة الخليجية الراعية للانقلاب من جيبها الكثير لهذا الغرض، لكن الغرب اكتفى برفع الحرج عن كون المنقلب منقلباً، وتعامل معه، ولكن باعتباره مجرماً يتسترون عليه، وذا خيبة ثقيلة، وعلى رأسه بطحة دامية، عليه أن يتحسسها كل حين. من هنا، قامت المعادلة: خذ ما آتيناك، وقف مكانك حتى نطلبك. وهو يقول: مسافة السكة، تعالوا فتشوا مطاراتي، إن شئتم، أنا حارس أمين لجارتي التي تعرفونها، وأنسق أمنياً معها ليل نهار، وأحاصر المقاومة الفلسطينية بلا انقطاع، وأطارد الأحرار الذين حاولوا الخروج عن طوعكم، وكسر طوق التبعية لكم. أجر ورائي جيشاً وشعباً. 

حاول المنقلب أن يرد على رفض الغرب إدانة "الإخوان" بالإرهاب بأنه لا يذكر غالبا اسم داعش التي يصفها الغرب بالإرهاب، على طريقة: واحدة بواحدة. يريد، أولاً، أن يقول للغرب إن الإسلاميين كلهم، وفي مقدمتهم "الإخوان" مثل داعش، لتكون الحرب واحدة، على النحو الذي تفعله وروسيا ودولة الخليج الصغيرة المتكبرة. لذلك، يتلجلج في المشاركة في الحرب الغربية على داعش، واليوم يأتيه الأمر المباشر؛ أمر قتال: استعد وأعد. ولن تراه معترضاً على ذلك، بل سيحاول أن يستغلها فرصةً ليضم "الإخوان" إلى القائمة. هذا أمله الأكبر.

لا يعلق الانقلابيون على فكرة التدخل الأميركي في أحشاء المنطقة، ولا على التقسيم على المكشوف الذي يتحدثون عنه، ولن يقول أحدهم: لن نستجيب لأميركا الإخوانية على النحو الذي صرخوا به عامين ماضيين. وإن فعلوا، فلتشويش الوعي الشعبي، والتمويه على العمالة المفتضحة، واللغة المتجاوزة الآمرة في حديث الأميركيين عن مصر.

أما من خبير عسكري من الخوابير الذين يملأون الشاشات، جهلاً وتجهيلاً، يقول: لماذا تكلم ماكين بهذا الخطاب المكين؟ أما من متحدث عسكري يعلن أن هذا الكلام مرفوض شكلاً ومضموناً، وأن شرف العسكرية المصرية يأبى أن نكون "خدماً" و"عبيداً" للأميركان، وتحيا مصر حرة مستقلة. لن تجد، ولن تسمع، إلا كلاماً فضفاضاً.

لا ينكر الجمهوريون على الرئيس باراك أوباما الديمقراطي سياسة الخطوة إلى الوراء، واستخدام العرب وقوداً لهذه المعركة، إنما يريدون تفعيلاً لهذا الاستخدام؛ ويحرّضون على إصدار الأوامر لتجنيد عشرات الآلاف من الجيش المصري لمحاربة داعش، فعلى الرغم من أن هذا التنظيم ضرب الطائرة الروسية، ثم باريس، إلا أن الجندي الذي يجب أن يواجههم على الأرض، وبعشرات الألوف، جندي الانقلاب، لأن الانقلاب يرخّص الدماء.

تراجع المتبرّع بمسافة السكة، مرات، عن طلبات تأجير الجيش لمعارك الآخرين، ولم يرسل إلا أعداداً بالمئات إلى أصدقائه في الخليج ومعركة اليمن، فماذا سيفعل إذا جاءته الأوامر من أسياد أسياده؟ أخشى أن تتحول مسافة السكة التفاخرية إلى (تمام يا أفندم) الكارثة.

  كلمات مفتاحية

مصر الإرهاب السيسي الإخوان مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين ليندسي غراهام الانقلاب العسكري

دبلوماسي كويتي لـ«السيسي»: أين مسافة السكة؟