ضربة رمزية.. لهذا السبب لن يؤثر اغتيال القرشي على تنظيم الدولة

الأحد 6 فبراير 2022 01:34 ص

ثارت تسؤلات حول مصير "تنظيم الدولة" بعد مقتل زعيمه "أبو إبراهيم الهاشمي القرشي" خلال غارة أمريكية في إدلب، الأربعاء الماضي.

وكان الشيء نفسه قد حدث بعد مقتل زعيم التنظيم السابق "أبو بكر البغدادي" في أكتوبر/تشرين الأول 2019. وكما قلنا آنذاك، تحمل مثل هذه الأسئلة في طياتها الكثير من التبسيط والخطأ.

وسيبقى "تنظيم الدولة" موجودا خاصة أنه يتبنى عدم المركزية في إدارة شؤونه. ولا يعتمد بقاء التنظيم على زعيمه بل على الفوضى التي كانت سببا رئيسيا في ظهور التنظيم.

وظهر التنظيم للمرة الأولى في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية مضطربة. ومع استمرار هذه الظروف، سيستمر تواجد التنظيم في المستقبل.

وتأسست "القاعدة في العراق" (جذور تنظيم الدولة) عام 2004 بقيادة الأردني "أبو مصعب الزرقاوي"، الذي تم قتله في غارة جوية في يونيو/حزيران 2006، وخلفه "أبو أيوب المصري"، المعروف بصانع القنابل المصري، الذي أدرك أن الأنسب إسناد القيادة إلى رجل عراقي في ظل التمرد العراقي، وقام بترقية "أبو عمر البغدادي"، الضابط السابق في عهد "صدام حسين".

ولقي الاثنان حتفهما عام 2010 في غارة مشتركة بين القوات الأمريكية والعراقية بالقرب من تكريت، ما مهد الطريق لـ"أبو بكر البغدادي" ليصبح زعيما للتنظيم. وكانت فترة ولايته طويلة نسبيا (9 أعوام انتهت بمقتله عام 2019).

وكان "القرشي"، الذي تولى القيادة لاحقا، ضابطا في عهد "صدام" أيضا. وينحدر "القرشي" من الجالية التركمانية في بلدة تلعفر العراقية التي انطلق منها عدد من الضباط السابقين للخدمة في المستويات العليا للتنظيم.

السجن مصنع القادة

وكان الإقصاء والحرمان من فرص العمل بعد عام 2003، وإهمال المناطق الريفية في العراق قبل وبعد حكم "صدام"، من بين العوامل الرئيسية وراء صعود "القرشي" إلى قيادة التنظيم. ولعب السجن بعد عام 2003 دورا أيضا.

وتم سجن كل من "البغدادي" و"القرشي" في معسكر "بوكا"، وهو منشأة أمريكية اجتمع فيها نواة قيادة "تنظيم الدولة". وبمجرد إطلاق سراح السجناء، الذين تم صقلهم من خلال سجنهم، أعادوا تنشيط الحركة المتعثرة بعد عام 2010.

وداهم "تنظيم الدولة" مجموعة أخرى من السجون بالقرب من بغداد عام 2013، وأطلق سراح ما يقرب من 500 شخص تم أسرهم. وقدم ذلك مجموعة من القادة والجنود الذين كانوا ضروريين لهجوم التنظيم على الموصل بعد عام.

ويثير ذلك تساؤلات حول طبيعة التنظيم الذي ربما تشكل في السجن الخاضع للحراسة الكردية والذي يحتجز حاليا مقاتلي التنظيم في الحسكة بسوريا، والذين فروا خلال هروب من السجن مؤخرا. ويبقى أن نرى ما إذا كان الفارون سيساهمون في عودة التنظيم من جديد.

وبعد انهيار الدولة التي أعلنها التنظيم، ورد أن الموصل أصبحت ملجأ لقادة التنظيم والرتب العليا. وكانت المنطقة الحدودية الفوضوية بين العراق وسوريا موقعا آخر، فيما تواجد فلول التنظيم أيضا في كهوف "مخمور" جنوب غرب أربيل.

ومع ذلك، تم العثور على قادة للتنظيم في عامي 2019 و2021 في إدلب السورية، التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، فرع القاعدة الذي كان ينافس التنظيم في يوم من الأيام.

ويعد ذلك بمثابة تذكير بأنه في حين أن الحرب الأهلية السورية قد انحسرت، إلا أنها لم تنته، وما زال "تنظيم الدولة" يستغل هذه الحرب المدمرة.

ضربة رمزية

وتسلط هذه النظرة على الماضي الضوء على التدابير التي ينبغي اتخاذها من قبل الفاعلين في الشرق الأوسط وخارجه.

وعلى المستوى التكتيكي المباشر، يجب معالجة دور السجن في تشكيل تنظيم الدولة، لا سيما في ضوء الهروب الأخير. وتحتاج الدول الغربية التي لديها مواطنون في مخيمات الحسكة إلى البدء في إعادتهم، وخاصة الأطفال، الذين يمكن أن يصبحوا جيل المستقبل للتنظيم.

ومع تركيز الاهتمام على التوتر بين روسيا وأوكرانيا، إلى جانب تركيز إدارة "بايدن" على آسيا، لم يتم إعطاء الأولوية لشؤون الشرق الأوسط من قبل الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي.

وعلى المستوى الاستراتيجي، فإن أفضل طريقة لهزيمة التنظيم ليست الغارات الأمريكية، ولكن الحل السياسي للحرب السورية، إلى جانب المساعدة الدولية لإعادة إعمار سوريا والعراق.

ويعد "تنظيم الدولة" اليوم بعيدا كل البعد عن الخلافة التي أعلنها سابقا وامتدت بين العراق وسوريا. ومع ذلك، لا يزال التنظيم قائما.

وظهر "تنظيم الدولة" مع انهيار الدولة السورية بعد عام 2011 وفشل الدولة العراقية بعد الغزو الأمريكي عام 2003، وهي مشاكل لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا. لذلك فإن قتل "القرشي" ربما وجه ضربة للتنظيم لكنها ستظل رمزية، ما يعني أنها لا تعني الهزيمة الكاملة للتنظيم بأي حال من الأحوال. 

المصدر | إبراهيم المراشي - ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تنظيم الدولة الإسلامية داعش أبو إبراهيم القريشي زعيم تنظيم الدولة زعيم داعش مقتل زعيم داعش الحرب السورية تنظيم الدولة أبو إبراهيم القرشي

تفاصيل جديدة عن اغتيال زعيم تنظيم الدولة.. كيف تجسست أمريكا على القرشي قبل قتله؟

بعد نبش قبره.. جثة زعيم داعش في قبضة القوات الأمريكية