استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بين أوروبا وروسيا.. لحافنا وغازهم

الاثنين 7 فبراير 2022 05:11 م

بين أوروبا وروسيا.. لحافنا وغازهم

ما دامت روسيا في حالة حرب اقتصادية بسبب العقوبات القائمة والقادمة، فستلجأ إلى عسكرة الغاز وكل ما تصدره لأوروبا.

ليس أمام العاقل، رجل الدولة الناظر لبعيد، وليس رجل السياسة الذي تسجنه مدة حكمه، إلا تعميق مقولة «نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع».

طوال 3 عقود من بدء تصدير الغاز الروسي لأوروبا إذ لم يحدث أن تم التهديد بقطعه وتوقيفه مما يعكس جدية ومخاطر الصدام الغربي ـ الروسي مؤخرا.

*      *      *

أمثالنا الشعبية غالباً ما تكون قواعد وقوانين في السياسة الدولية، فكثير مما ينطبق على الأفراد ينسحب على الدول، ما دامت الأخيرة في جوهرها ومآلاتها نتاج الذاكرة الجمعية والخبرات التراكمية للأفراد. وفي هذه المناسبة يحضرني ما كان يردده أجدادنا وأسلافنا من قبل «على قدّ لحافك مدّ رجليك» وقالوا أيضاً: «المتغطي بلحاف غيره بردان».

تذكرت ذلك وأنا أتابع تهديدات روسيا بوقف غازها المصدَّر لأوروبا، في هذا الشتاء القارس، كعقوبة لها، إن هي وقفت مع أوكرانيا المهددَّة بالغزو الروسي، ولم تتوقف عن ضمنها لحلف النيتو.

هذا الاستيراد بين دول خاضت حروباً ومعارك وسقط خلالها ضحايا، وخلّفت معاناة لا تزال حافرة بالذاكرة، بل ولا تزال تحكم علاقاتها مرارات الماضي، وخلافات التشوّف للمستقبل، من الطبيعي والمنطقي أن يجعل السلع المستوردة محلّ ابتزاز، وربما عبودية دولية مقنّعة، ووصاية حقيقية على القرار السيادي والمستقل.

فالفرد العادي حين يعتاد على رفاهية يتنعم بها صباح مساء، يغدو غير مكترث بقضايا بلاده الاستراتيجية بعيدة المدى، ذاك ما رسخته في الحقيقة سياسة الدولة التي أقرّت منذ البداية استيراد هذه السلعة، مما يفرض التعايش السلمي بين أعداء الأمس، فيغدو تطبيعاً مجتمعياً، وهو في الواقع أقوى من أي تطبيع سياسي ودولي.

أتذكر حين توترت الأجواء في أفغانستان بين حكومة طالبان الأولى والحكومة الإيرانية على خلفية مقتل 11 دبلوماسياً إيرانياً في حادث بشمالي أفغانستان لا يزال الغموض يلّفه، هددت حينها طهران باجتياح أفغانستان، كنت يومها في ندوة إذاعية مع أحد المحللين من طهران الذي كان يتهدد ويتوعد بالاجتياح الإيراني وضرب الأهداف الاستراتيجية في أفغانستان.

وحين طُلب مني التعليق على ما قاله، ذكرت أن لا أهداف استراتيجية في أفغانستان في بلد دمرته الحروب ودمرت حتى بناه البدائية، بخلاف إيران، ولعل الهدف الاستراتيجي الوحيد المتبقي في أفغانستان اليوم، هو زعيم طالبان الملا محمد عمر نفسه، فإن قُتل فلربما يعتبر ذلك تدميراً لهدف استراتيجي.

أما في إيران فثمة آلاف الأهداف التي إن ضربت فستشكل انتفاضة ربما اجتماعية، كاستهداف المراكز الاقتصادية والكهرباء والمياه والجسور، وما ينطبق على إيران ربما ينطبق على غيرها من الدول.

قدرات الدول العسكرية ربما يتم تخصيص أكثر من نصفها لحماية هذه المقرات والأهداف الاستراتيجية التنموية، من جسور وأسواق وكهرباء ومياه ونحوها، وقد يُساوم البعض، وقد يُبتز في سيادته خلال أي توتر مع دولة أقوى منه.

فكيف إن كانت السلع الاستراتيجية التي تستهلكها قادمة من عدوها كحال أوروبا مع روسيا اليوم، والعاقل هنا هو الذي يعمل على نسج لحافه بيديه، وعلى قدّ حجمه يتصرف، وفي أحايين كثيرة يلجأ بعض العقلاء إلى تنويع مصادر سلعه بحيث لا يضع البيض في سلة واحدة، فيكون عرضة للابتزاز والمساومة.

في الحب والحرب يجوز كل شيء، وما دامت روسيا في حالة حرب اقتصادية بسبب العقوبات المفروضة عليها، إلى جانب العقوبات المهددة بها من قبل الغرب، فستلجأ إلى عسكرة الغاز وكل ما تصدره لأوروبا، وهو ما لم يحصل طوال 3 عقود من بدء تصديره، وحتى يوم سقط الاتحاد السوفياتي لم يحدث أن تم التهديد بقطعه وتوقيفه، مما يعكس جدية ومخاطر الصدام الغربي ـ الروسي هذه الأيام.

ليس أمام العاقل، رجل الدولة الناظر لبعيد، وليس رجل السياسة الذي تسجنه مدة حكمه، إلا تعميق مقولة «نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع»، ورحم الله الفاروق رضي الله عنه القائل «اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم».

* د. أحمد موفق زيدان كاتب وإعلامي سوري

المصدر | الشرق

  كلمات مفتاحية

روسيا، أوروبا، الغاز، العقوبات، حرب اقتصادية، الصدام الغربي - الروسي،

بأكثر من 17%.. قفزة بأسعار الغاز في اليوم السادس للغزو الروسي لأوكرانيا