هل سيشاهد الإيرانيون التلفزيون الفارسي الممول سعوديا؟

الأحد 6 ديسمبر 2015 10:12 ص

نشر موقع المونيتور الإخباري مقالا تحليليا حول وسائل الإعلام الفارسية الممولة عربيا، ومدى تأثير هذا النوع من الإعلام في الجمهور الإيراني. ووفقا للمقال فقد تزايدت الدعوات لتصعيد الحملة الإعلامية ضد إيران في الصحافة العربية في الأشهر القليلة الماضية. ففي الأسبوع الماضي، نشرت صحيفة الوطن مقالا للخبير في الشؤون الإيرانية «محمد السلمي»، الذي حث على حملة أكثر نشاطا ضد إيران في وسائل الإعلام العربية، في حين تباكي على استراتيجيات وسائل الإعلام الحالية لدول الخليج العربي. وفي أكتوبر/تشرين الأول، دعت صحيفة إيلاف التي يقع مقرها في لندن، والتي يملكها رجل أعمال سعودي، الدول العربية إلى تمويل القنوات التلفزيونية الناطقة باللغة الفارسية كرد على ما وصفته بـ«السلوك الإيراني المتغطرس» تجاه الدول العربية.

وقد دعت تلك الصحف إلى التركيز بشكل كبير على المشاكل الداخلية لإيران مما يعمل على التأثير على السلوك السياسي لها، ويرى محللون خليجيون أن البث الحالي باللغة الفارسية ضعيف ويحتاج دعم واسع خاصة في وسائل الإعلام الاجتماعي مثل «تويتر» وغيره.

ووفقا للمقال، فإن الاهتمام باللغة الفارسية لم يبدأ حديثا، فقد أطلقت قناة العربية المملوكة من السعودية موقعها الإخباري بالفارسية في 2008، كما أن صحيفة الشرق الأوسط التي تملكها العائلة المالكة ومقرها لندن، أطلقت خدمتها بالفارسية في 2013، كما أن وزارة الثقافة السعودية أطلقت قناة تبث على مدار 24 ساعة باللغة الفارسية في موسم الحج ومن المتوقع أن يتم العمل على استمرار البث بعد موسم الحج. وتخطط الوزارة لإنشاء قناتين فضائيتين جديدتين واحدة بالانجليزية وأخرى بالفارسية.

من زاوية أوسع، فإن وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية بتمويل من مختلف الحكومات الأجنبية ليست ظاهرة جديدة. فقد بدأ القسم الفارسي لهيئة الإذاعة البريطانية البث الإذاعي في عام 1941، و تلتها بفترة قصيرة إذاعة VOA الفارسية في عام 1942. وقد لعبت وسائل الإعلام هذه دورا هاما في المشهد الاجتماعي والسياسي الإيراني من خلال توفير قناة بديلة للمعلومات. ويبدو أن المملكة العربية السعودية تعمل على اتباع نفس النموذج مع التركيز الموسع على وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية. ولكن كيف يمكن أن تنجح هذه المبادرة السعودية؟

ونوه المقال إلى أن العقبة الرئيسية التي تواجهها الرياض في تحقيق هدفها للوصول إلى الجمهور الإيراني هو افتقارها لمزايا القوة الناعمة. فـ«جوزيف ناي»، الذي قدم للمرة الأولى مفهوم القوة الناعمة في العلوم السياسية، يرى أن أي بلد يريد أن يحصل على النتائج التي يريدها في السياسة الدولية يجب أن ينجح في إقناع الدول الأخرى بمتابعته إعجابا بقيمه أو تقليدا لنموذجه، وأن يجعله يطمح إلى مستواه من الازدهار والانفتاح.

وفي حالة المملكة العربية السعودية، فإن الكثير من الإيرانيين، وفقا للكاتب، لا تعجبهم القيم السعودية ولا يسعون إلى الإقتداء بها. السلفية، ليست جذابة لهم. وعلاوة على ذلك، فإن العديد من الإيرانيين يعتقدون أن تراثهم الثقافي والقيمي متفوق على نظيره لدى السعوديين.

هذا المعنى من اللامبالاة تجاه الثقافة السعودية ينبع إلى حد كبير من حقيقة أن السعودية قد حاولت بدلا من تعزيز التراث الثقافي المتنوع بها، مثل الموسيقى والشعر، والتحف والأدب، وتسويقه إلى العالم، فإنها قامت بإنشاء صورة السلفية البحتة لنفسها مما ألقي بظلاله على جميع الجوانب الأخرى من ثقافتها وتراثها.

كما أن القيم السياسية للبلاد والسياسة الخارجية لديها نفس المشكلة، ويكلف هذا الكثير من المصداقية والجاذبية والسلطة الأخلاقية. في المقابل، يشعر كثير من الإيرانيين إيجابيا تجاه الدول الغربية وتراثها الثقافي.

هذا التناقض قد عزاه المقال إلى حد كبير إلى الهيمنة الثقافية الغربية ليس على إيران فقط ولكن على أجزاء كبيرة من العالم. وقد نما لدى العديد من الإيرانيين التعلق بالثقافة الغربية والإعجاب بالقيم الغربية والسعي إلى الاقتداء بها. يجب أن يتم إدراك أن جزءا كبيرا من هذا كان بتأثير وسائل الإعلام الغربية في إيران.

ونوه الكاتب إلى أنه، حتى لو كان تركيز السعوديين على نطاق ضيق جدا من الأخبار والشؤون الجارية، لا تزال هناك عقبات يصعب التغلب عليها. أولا، تشبع سوق وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية: فهناك المئات من المواقع الإخبارية وعشرات من القنوات التلفزيونية داخل إيران وخارجها التي تقدم الأخبار التي تستهدف الجمهور الإيراني. وماذا يمكن لوسائل الإعلام السعودية أن تشكل إضافة إلى هذا الكم الهائل الموجود من المنافذ التي من شأنها جذب هذا الجمهور؟ ما هي الأخبار والشؤون الجارية أو التحليلات السياسية الذي يمكن تعالجها السعودية و لا تشملها وسائل الإعلام الحالية الناطقة باللغة الفارسية؟

المملكة العربية السعودية تدخل سوق منافسة صعبة، ولكن مع ميزة تنافسية قليلا نسبيا. ثانيا، بالنظر إلى المشاعر القومية المعادية للسعودية حاليا في إيران، فإنه سيكون من الصعب للغاية على وسائل الإعلام السعودية إقناع الخبراء الإيرانيين للعمل معهم. بل إن المعارضة السياسية الإيرانية في المنفى سيكون من الصعب إقناعها بذلك أيضا، بغض النظر عن المكاسب المالية التي قد تقدم.

ويعقب الكاتب بالقول أنه حتى لو لجأت السعودية إلى الورقة الطائفية في لعبة وسائل الإعلام، التي تسعى إلى إثارة المشاعر المعادية للحكومة من خلال وسائل تستهدف الإيرانيين السنة، فإن هذا أيضا لن يكون شيئا جديدا. فالمؤسسات الإعلامية التي تمولها السعودية قامت بذلك لفترة طويلة من خلال أنماط لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك قنوات فضائية باللغة الفارسية مثل وصال وكلمة ونور. وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن الحقيقة هي أن هذه القنوات لها تأثير محدود جدا في إيران. الإيرانيون السنة ينأون بأنفسهم عن السلفية ليكونوا أقرب إلى العمل من أجل الحقوق المدنية مع تلك الحركة الحقوقية الإيرانية الأوسع، والتي هي علمانية إلى حد كبير.

وخلاصة القول، وفقا للكاتب، أنه إذا شاءت الرياض الوصول إلى جمهور أوسع في إيران، فإنها تحتاج إلى زيادة قوتها الناعمة. ولن يتحقق هذا الهدف من خلال إنشاء المزيد من وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية، ولكن من خلال إعادة النظر في الرسالة الأساسية للمملكة العربية السعودية لتعكس أكثر من خلال الفن والثقافة ونمط الحياة.

 

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران قنوات فارسية إعلام ناطق بالفارسية

السعودية تطلق قناتين إذاعية وتلفزيونية باللغة الفارسية

إطلاق ثلاث قنوات سعودية جديدة بينها ناطقة بالفارسية

«الأحواز»: القصة الكاملة لمعاناة إقليم عربي في قلب بلاد فارس