إنترسبت: تواطؤ سعودي روسي يرفع أسعار الطاقة لأعلى مستوياتها

الجمعة 25 فبراير 2022 07:42 م

بينما كانت روسيا تأمر قواتها بالتوغل داخل أوكرانيا، ارتفعت أسعار الطاقة إلى أعلى مستوياتها منذ 7 سنين، وبينما صبت وسائل الإعلام اهتمامها على النزاع في أوكرانيا، لم يلتفت أحد إلى سبب رئيسي آخر وراء هذا الارتفاع الحاد في أسعار الغاز، ألا وهو شراكة روسية سعودية تعززت بشكل دراماتيكي خلال السنين الأخيرة.

هكذا وصف موقع "إنترسبت" الأمريكي، ما اعتبره "تواطؤا سعوديا روسيا" لرفع أسعار النفط والغاز، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الأوكرانية.

وأضاف تقرير للموقع، كتبه الباحث "كين كليبيستين"، أن علاقة المملكة مع الولايات المتحدة تدهورت خلال الفترة الماضية، ولا تزال، كما ظهر في وقت سابق من هذا الشهر، عندما ناشد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" السعوديين زيادة إنتاج النفط، وهي خطوة لم تكن لتساعد فقط في التخفيف من ارتفاع التضخم وأسعار الغاز، لكنها خفضت أيضًا أرباح روسيا الباهظة وسط عدوانها على أوكرانيا، إلا أن الملك السعودي رفض.

وأشار التقرير إلى أن العلاقات السعودية والروسية ازدهرت في ظل الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، الذي عُقد أول اجتماع رسمي له مع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، في صيف عام 2015.

وواصل "بن سلمان"، الاجتماع بعد أن رفض الرئيس آنذاك "باراك أوباما" الاجتماع معه، وذلك وفقا لمصدرين تحدثا للموقع على دراية بالموضوع، رفضا الكشف عن هويتهما باعتبارها أمورا حساسة.

وتابع التقرير: "الآن، بما أن بايدن يرفض لقاء بن سلمان، بسبب مسؤوليته عن القتل المروع للصحفي جمال خاشقجي، فقد يرى ولي العهد مرة أخرى صديقًا في موسكو، والذي يستفيد بشكل كبير من رفض بن سلمان زيادة إنتاج النفط".

ووفق الموقع، ظهرت تلميحات عن استياء "بن سلمان" من رفض "بايدن" مقابلته بين الحين والآخر للجمهور، كما فعل العام الماضي، عندما ألغى ولي العهد اجتماعه مع وزير الدفاع "لويد أوستن" في إشعار قبل يوم واحد، اختار بدلاً من ذلك مقابلة "ليونيد سلوتسكي" أحد كبار المشرعين الروس الذي تمت معاقبته من قبل الولايات المتحدة لدوره في الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم عام 2014.

وحينها، ألغى "بن سلمان" زيارة "أوستن"، لأنه كان "ينتظر مكالمة من الرئيس قبل الرد على توسلات الإدارة"، وفقًا لما ذكره مسؤولون رفيعو المستوى، نقلاً عن زميله في مجلس العلاقات الخارجية "مارتن إنديك" في مجلة الشؤون الخارجية.

وقال الزميل البارز في معهد بروكينجز والمحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية من ذوي الخبرة في الشرق الأوسط "بروس ريدل"، في رسالة بريد إلكتروني للموقع الأمريكي إن "هناك الكثير من القواسم المشتركة بين بوتين وبن سلمان، بما في ذلك قتل منتقديهم في الداخل والخارج، والتدخل في جيرانهم بالقوة، ومحاولة رفع أسعار النفط إلى أعلى مستوى ممكن".

وأضاف: "سوف يقدم بوتين خدمة رائعة لبن سلمان، إذا غزا أوكرانيا، وأرسل أسعار النفط إلى أعلى المستويات".

ونوه التقرير إلى أنه في عام 2015، نقل ولي ولي العهد آنذاك "بن سلمان" إلى المسؤولين الأمريكيين في الرياض "نفاد صبره" بشأن عدم قدرته على تأمين لقاء مع "أوباما"، وفقًا للمصدرين.

حيث كان من الممكن أن يكون لقاء رفيع المستوى مع الرئيس الأمريكي بمثابة انقلاب علاقات عامة لـ"بن سلمان"، الذي كان في ذلك الوقت أصغر من ابن عمه ولي العهد الأمير "محمد بن نايف"، الذي تمتع بعلاقة حميمة مع إدارة "أوباما".

ولفت التقرير، إلى أنه مع طرح هذه الفرصة على الطاولة، اختار "بن سلمان" لقاء "بوتين" على هامش منتدى سانت بطرسبرج الاقتصادي الدولي التاسع عشر في يونيو/حزيران 2015.

وقال أحد المصادر، وهو شخص له علاقات واسعة بمسؤولي استخبارات الشرق الأوسط، إن "بن سلمان"، أخذ رحلة "نكاية أوباما" لتجاهله لقاءه.

وحسب التقرير، فإنه في الشهر التالي، وتحديدا في يوليو/تموز 2015، وبَّخ مدير وكالة المخابرات المركزية آنذاك "جون برينان"، ولي العهد السعودي على اتصالاته الأخيرة مع "بوتين"، وفقًا لدعوى رفعها مسؤول المخابرات السعودي الكبير السابق "سعد الجبري".

وزعمت الدعوى أن "بن سلمان" ذهب إلى حد تشجيع "بوتين" على التدخل في الحرب الأهلية السورية، وفي الصراع الدموي الذي أعقب ذلك، حيث قتلت القوات الروسية آلاف المدنيين السوريين.

وفي سبتمبر/أيلول 2016، وقعت السعودية اتفاقية مع روسيا للتعاون في أسواق النفط العالمية، في تلميح إلى أنها قد تحد من إنتاج النفط في مرحلة ما في المستقبل، حيث  كان هذا نصرًا اقتصاديًا كبيرًا لروسيا، التي لم يتم قبولها مطلقًا في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، وستكون الآن عضوًا في "أوبك بلس"، بالإضافة إلى إشارة لروسيا، ما مكّن حكومة "بوتين" من تنسيق قرارات إنتاج النفط مع دول أخرى، هي الدول الأعضاء في "أوبك".

وبحلول عام 2018، أصبح تحذير السعودية بشأن الحد من إنتاج النفط حقيقة واقعة.

حيث أثار هذا الأمر غضب الرئيس الأمريكي (السابق) "دونالد ترامب"، الذي كان يواجه انتخابات التجديد النصفي وأسعار النفط المرتفعة، مثلما هو الحال مع "بايدن" اليوم.

لكن على عكس "بايدن"، تمتع "ترامب" بعلاقات دافئة بشكل غير عادي مع السعوديين، بعد أن قلب التقاليد الرئاسية الأمريكية القديمة من خلال اختيار الرياض لأول زيارة رسمية له إلى الخارج.

وأشاد بولي العهد الشاب، وأذن بأكبر بيع أسلحة للسعودية في تاريخ الولايات المتحدة، واعترض على التشريع الذي يحظر مبيعات الأسلحة، ودافع عن "بن سلمان" ضد الاتهامات بما في ذلك من مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بالتورط في مقتل "خاشقجي".

وامتثل "بن سلمان" لطلب "ترامب"، ورفع إنتاج النفط بشكل حاد، ما تسبب في انهيار الأسعار إلى أقل من 60 دولارًا للبرميل.

ثم خلال موسم انتخابات 2020. وسط تباطؤ الطلب الناجم عن وباء "كورونا"، طلب "ترامب" من السعوديين خفض الإنتاج لحماية صناعة النفط الصخري الأمريكية المتعثرة.

ومرة أخرى، امتثل "بن سلمان" لطلب "ترامب".

وعلى النقيض من ذلك، لم تتم الاستجابة لطلبات "بايدن" المتكررة للمملكة لزيادة إنتاج النفط.

حيث إنه في وقت سابق من هذا الشهر، ناقش "بايدن" ضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية، في مكالمة مع العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، والد "محمد"، وفقًا لقراءة المحادثة التي نشرها البيت الأبيض.

وفي أحد التفاصيل الرئيسية التي لم يتم تضمينها في قراءات البيت الأبيض للاتصال، ولكن تم ذكرها في النسخة السعودية، هو أن الملك "سلمان" سلط الضوء على دور اتفاقية "أوبك بلس" التاريخية (..) وأهمية الحفاظ على الاتفاقية، في إشارة إلى الاتفاقية مع روسيا لتنسيق قرارات إنتاج النفط.

وفي الأسبوع الماضي، أرسل البيت الأبيض منسقه للشرق الأوسط وشمال أفريقيا "بريت ماكجورك"، إلى الرياض "لمناقشة نهج تعاوني لإدارة ضغوط السوق المحتملة الناجمة عن غزو روسي محتمل لأوكرانيا".

وفقًا لمذكرة سفر صادرة عن مجلس الأمن الوطني، حيث لم تصدر الحكومة السعودية بيانًا مكافئًا حول زيارة "ماكجورك".

وقالت نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي "تريتا بارسي": "بما أن إدارة بايدن تعامل المملكة كشريك. فإن الرياض تبدو أكثر حرصًا على إبقاء بوتين سعيدًا بدلاً من بايدن".

ولفت التقرير إلى أنه عندما كان الكونجرس يناقش فرض عقوبات على السعودية، أصدر "تركي الدخيل" المساعد السابق لـ"بن سلمان"، تهديدًا غير خفي في المنفذ الإعلامي المملوك للسعودية وهو قناة "العربية".

حيث حذر من أن "فرض الغرب لأي نوع من العقوبات على السعودية سيجعل المملكة تلجأ إلى خيارات أخرى"، لافتا إلى أن "روسيا والصين جاهزتان لتلبية احتياجات الرياض العسكرية (..) تداعيات هذه العقوبات ستشمل قاعدة عسكرية روسية في تبوك شمال غرب المملكة".

لكن من الواضح أن السعودية هي بالفعل في الزاوية الاقتصادية لروسيا.

ويقول الخبراء إن أي محاولة من جانب الرياض للترحيب بالوجود العسكري الروسي ستكون معقدة للغاية ومكلفة للسعوديين.

وفي هذا السياق، قال "دوجلاس لندن"، ضابط عمليات كبير متقاعد في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إن "الواقع العملي المتمثل في تحويل السعودية لجيشها من عقود من المعدات والتكنولوجيا العسكرية الأمريكية سيكون مكلفًا للغاية وصعبًا ويستغرق وقتًا طويلاً".

وأضاف "لندن"، الذي خدم على نطاق واسع في الشرق الأوسط خلال 34 عامًا في وكالة المخابرات المركزية، أن "خلط التكنولوجيا العسكرية الروسية والصينية بالمعدات الأمريكية من شأنه أيضًا أن يتسبب في مشكلات كبيرة في التشغيل البيني".

وتابع: "إن مغازلة المملكة لخصوم أمريكا هي إلى حد كبير للتظاهر بقدر أكبر من الاستقلال في القضايا الأمنية وإرسال رسالة".

وعلق التقرير على هذا الأمر، بأن السعودية تفتقر إلى جيش متقدم خاص بها، وتعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة ليس فقط من أجل المعدات العسكرية ولكن أيضًا لصيانتها.

في حين أن هذا يمنح واشنطن الكثير من النفوذ لمعاملة المملكة على أنها "منبوذة".

وكما وعد المرشح "بايدن"، فإن إدارته لم تفعل شيئًا يذكر لمحاسبة السعودية على مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان، من قتل "خاشقجي" إلى المجاعة وقصف عدد لا يحصى من المدنيين في اليمن.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بن سلمان بوتين العلاقات السعودية الروسية بايدن أوباما الأزمة الأوكرانية أسعار النفط أوبك

بوتين وبن سلمان يتفقان على تعزيز التعاون بشأن تخفيضات إنتاج النفط

الأمير هدد الزعيم.. مشادة كلامية كارثية بين بوتين وبن سلمان

حرب أوكرانيا.. أسعار الطاقة تهدد باحتجاجات شعبية وانهيار حكومات حول العالم

السعودية تؤكد التزامها باتفاق أوبك+ النفطي مع روسيا

وزير الطاقة السعودي يعزو ارتفاع أسعار الوقود لنقص الاستثمار