التحوط في الرهانات.. دول المنطقة أمام مقامرة خطيرة مع تصاعد الأزمة الأوكرانية

الجمعة 4 مارس 2022 12:43 ص

احتفى الإماراتيون بتجنب بلادهم إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في مجلس الأمن، باعتباره نهاية حقبة كانت فيها الدولة الخليجية تتبع خطى الولايات المتحدة في سياستها الخارجية. ومع ذلك، قد يكون الإماراتيون فرحوا قبل الأوان.

ومع تولي الإمارات رئاسة المجلس من روسيا هذا الشهر، قال "عبدالخالق عبدالله"، وهو أستاذ علوم سياسية تعكس آراؤه غالبا التفكير في الأوساط الإماراتية الرسمية، إن امتناع الإمارات عن التصويت في الجلسة "كان متسقا مع النشاط الجديد في السياسة الخارجية لدولة الإمارات، والذي ينبع من الثقة بقراراتها ونهجها في السياسة الدولية والإقليمية".

وتابع "عبدالله" قائلا: "أخيرا نتحرك كمستقلين بدرجة تمكننا من اتخاذ هذا النوع من المواقف. وربما لا يتردد صدى ذلك جيدا في واشنطن، ولكن هذه هي الطريقة التي ستسير بها الأمور من الآن فصاعدا".

وليست هذه المرة الأولى التي تراهن فيها الإمارات على خيارات جيوسياسية محفوفة بالمخاطر تؤدي إلى نتائج عكسية بما في ذلك تدخلاتها في اليمن وليبيا. وكانت التدخلات جزءا من جهد إقليمي أوسع لمواجهة ثورات الربيع العربي وصعود الإسلاميين.

ومن المحتمل أن تؤدي أزمة أوكرانيا إلى تحالفات أمنية صارمة مع احتمال اشتعال جولة أخرى من الاحتجاجات الشعبية نتيجة نقص الحبوب وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وبالرغم من ضعف احتمال الاحتجاجات في الإمارات باعتبارها واحدة من أغنى دول المنطقة، يمكن للحكام المستبدين في الشرق الأوسط اكتشاف أنه لا يمكن تخويف الشعوب إلى الأبد. وقد كسرت هذه الشعوب بالفعل حاجز الخوف في ثورات مصر وتونس وليبيا واليمن في 2011 ولبنان والعراق والجزائر والسودان في 2019/2020.

ويُعتقد أن الجفاف وانخفاض الإنتاج الزراعي الذي دفع الناس للانتقال من الريف إلى المدن كان أحد أسباب الاحتجاجات المناهضة للحكومة في سوريا عام 2011، والتي أدخلت البلاد في حرب مدمرة ودموية استمرت لعقد من الزمن. وكان ارتفاع أسعار الحبوب قد أثار أعمال شغب في مصر عام 1977. وقد تجبر الأزمة الأوكرانية مصر مرة أخرى على المخاطرة برفع أسعار الخبز.

وتعتمد دول مثل سوريا وليبيا وتركيا ولبنان ومصر على روسيا وأوكرانيا في تلبية جزء كبير من احتياجاتها من القمح. وقد تعرضت تلك الواردات للخطر بسبب إغلاق الموانئ الأوكرانية والعقوبات القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى على روسيا.

وارتفعت أسعار القمح هذا الأسبوع إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2009. وكانت الأسعار ارتفعت العام الماضي بنسبة 27% بسبب مشاكل سلسلة التوريد وسوء الأحوال الجوية التي أضرت بالمحاصيل المحلية في إيران وسوريا وتركيا ومصر.

وعلى عكس الولايات المتحدة، قد تتفق الإمارات وروسيا على منع أو دحر الانتفاضات الشعبية بما في ذلك الثورات العربية أو الثورات الملونة في أوكرانيا وأماكن أخرى في العالم الشيوعي السابق. ومع ذلك، لن يفيد ذلك كثيرا في تلبية الاحتياجات الأمنية الإقليمية لدولة الإمارات إذا مضت الإمارات والولايات المتحدة كل منهما في طريق مختلف بشكل متزايد.

وكانت التوترات بين الولايات المتحدة والإمارات واضحة قبل الأزمة الأخيرة. على سبيل المثال، علقت الإمارات في ديسمبر/كانون الأول المحادثات بشأن شراء طائرات "إف -35" الأمريكية والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها أكثر الطائرات المقاتلة تقدما في العالم.

وفي اليوم الذي عبرت فيه القوات الروسية إلى أوكرانيا، أعلنت الإمارات أنها اشترت 12 طائرة قتالية من الصين.

ومع تشديد الولايات المتحدة وأوروبا الخناق حول موسكو، قد تجد الإمارات أن تنويع العلاقات الاقتصادية شيء، وتنويع التحالفات شيء آخر. وإذا خرج الجيش الروسي منتصرا من الحرب السورية، فإنه أهدر تلك السمعة في أوكرانيا في أقل من أسبوع من القتال. ومن غير المرجح أن يتغير ذلك بغض النظر عن نتيجة معركة كييف، خاصة إذا انجرفت روسيا إلى محاربة تمرد طويل الأمد.

بالإضافة إلى ذلك، أثبت التخطيط العسكري الروسي في أوكرانيا خطأه، وقد تعثر التقدم ليس فقط بسبب المقاومة الأوكرانية ولكن أيضا بسبب فشل المعدات.

وقد تفتخر الإمارات بشجاعتها في رسم مسارها الخاص. لكن السؤال هو ما إذا كان بإمكانها أن تبتعد كثيرا عن الولايات المتحدة، بالنظر إلى أن البدائل هي روسيا، دولة منبوذة دوليا وضعيفة الأداء، أو الصين، وهي دب متردد وغير مستعد بعد للعب دور الضامن الأمني ​​وسيطلب في النهاية نصيبه من الثروة.

وكفل امتناع الإمارات عن التصويت في مجلس الأمن عدم استخدام روسيا حق النقض ضد تمديد حظر الأسلحة المفروض على اليمن ليشمل المتمردين الحوثيين. ولكن تحتاج الإمارات ودول الشرق الأوسط الأخرى إلى التحوط في رهاناتها بطرق تساعدها على صد التهديدات المباشرة، مع الاعتراف أن إعادة توزيع موازين القوة العالمية هي مسألة وقت.

المصدر | جيمس دورسي/أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مجلس الأمن تصوبت الأمم المتحدة الغزو الروسي غزو أوكرانيا تصويت الإمارات مجلس التعاون الخليجي الدول الخليجية دول الخليج الأمم المتحدة

واشنطن تسحب برقية تقول إن حياد الإمارات والهند يجعلهما بمعسكر روسيا

ماذا تعني حرب أوكرانيا بالنسبة لاقتصاد دول الخليج؟

معهد إسرائيلي: السقف الأمريكي مفتوح في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا