مناورات عربية على خلفية أزمة أوكرانيا!

الخميس 10 مارس 2022 04:38 ص

مناورات عربية على خلفية أزمة أوكرانيا!

مناورات تحاول الاستفادة من تطوّرات أزمة أوكرانيا وانعكاساتها السياسية والعسكرية والاقتصادية على العالم.

تقوم الرياض وأبوظبي بمناورة أخرى أحد جوانبها رفضهما مطالب بايدن بضخ مزيد من النفط في الأسواق لتهدئة أسعار الوقود.

سفر البرهان للإمارات يشير إلى قلقه من تقديم «المحور الروسيّ» وحلفائه العرب غطاء لتمكين نفوذ نائبه حميدتي مما يخفي قلقا آخر من تبدّل موازين القوى بينهما.

أعلن السيسي وبن سلمان ردّا بليغا على خطوة حميدتي من إقامة قاعدة روسية بالتأكيد على «أهمية ضمان أمن البحر الأحمر» وقلق مصريّ سعوديّ من الخطوة.

حياد عربي بأزمة أوكرانيا يظهر إعجاب نخب عربية حاكمة بهجوم روسيا وسيادة الحاكم المطلقة والقوة القاهرة واحتقار رغبات الشعوب بنظم سياسية ديمقراطية مدنية.

تتشارك الإمارات وروسيا رهاب الديمقراطية وعضوية نادي الاستبداد لكن مناورات الاستثمار والملاذات الآمنة وغسيل الأموال لا تقل أهمية عن مناورات السياسة.

* * *

حاولت «الجامعة العربية»، في بيانها الصادر إثر «اجتماع طارئ» عقدته في القاهرة الاثنين الماضي لإعلان موقفها من الحرب الروسية على أوكرانيا، إمساك العصا من المنتصف، فتحدثت عن قلقها من «تدهور الأوضاع الإنسانية» في أوكرانيا، وطالبت الدول الأعضاء العمل لحل الأزمة «عبر الحوار والدبلوماسية»، وهو موقف عبّر عنه بشكل أوضح، حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة، بالقول إن «موقف الجامعة من الأزمة الروسية – الأوكرانية يتّسم بالحياد».

منطق الحياد في قضايا بهذه الخطورة عالميا يظهر، في جانب منه، طريقة فهم للعلاقات بين الدول، كما يظهر، في جانب آخر، إعجابا لدى قسم كبير من نخبها الحاكمة (والمعارضة أحيانا) بالهجوم الروسي، نابعا من الإيمان بسيادة الحاكم المطلقة، وبمنطق القوة القاهرة، وباحتقار رغبات الشعوب بنظم سياسية ديمقراطية ومدنية.

إضافة إلى ذلك فقد وجدت بعض الدول العربية في الأزمة الروسية – الأوكرانية مناسبة لتسديد حسابات داخلية وخارجية، والقيام بمناورات تحاول الاستفادة من تطوّرات تلك الأزمة وانعكاساتها، السياسية والعسكرية والاقتصادية على العالم.

إحدى المناورات الداخلية – الخارجية الملفتة كانت عودة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، للتلميح إلى قبول السودان إنشاء قاعدة روسية على البحر الأحمر (ومكافأة روسية على مجمل هذه المواقف، تمثلت باستلام الخرطوم سفينة قمح روسية).

استدعى موقف «حميدتي» ردود فعل من قبل شريكه في السلطة، الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي أعلن أمس عن سفره للإمارات، وهو ما يمكن أن يشير إلى قلق لدى البرهان من إمكانية تقديم «المحور الروسيّ»، وحلفائه العرب، غطاء لتمكين نفوذ نائبه، مما يخفي قلقا آخر من تبدّل موازين القوى بين الشخصين.

قبل وصول البرهان إلى الإمارات كان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد طار سريعا إلى السعودية، والتقى ولي عهدها محمد بن سلمان، حيث أعلنا ردّا بليغا على موقف «حميدتي»، بالتأكيد على «أهمية ضمان أمن البحر الأحمر»، في إشارة أيضا للقلق المصريّ – السعوديّ من خطوة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني.

يمثّل الموقف المصري – السعودي جزئيّة ضمن المشهد العربي العام، الذي تقوم فيه الرياض وأبوظبي، بمناورة أخرى يمثل رفضهما مطالب الرئيس الأمريكي جو بايدن بضخ مزيد من النفط في الأسواق أحد جوانبها لتهدئة أسعار الوقود.

تعليق أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيين، الجمهوري ماركو روبيو، ربط هذا الأمر باقتراب واشنطن من إعادة إبرام الاتفاق النووي مع طهران، حيث خاطب بايدن بالقول: «إذا كنت ستطالبهم بممارسة ضبط النفس عندما يتعرضون لهجوم من إيران فسوف يمارسون» ضبط النفس «عندما تهاجم روسيا دولة أوروبية»!

لم توفّر أبوظبي فرصة للاستفادة من تداعيات الأزمة الأوكرانية، فبعد رفضها إدانة الهجوم الروسي في «مجلس الأمن»، حظيت بمكافأة من الكرملين تمثلت بالموافقة على اعتبار الحوثيين منظمة إرهابية.

وفي سياق شد الخيوط ورخيها مع واشنطن، سمحت أبو ظبي، لعيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني بلقاء مع السفير الروسي على أراضيها «حيث ناقشا جهود السلام في اليمن»!

مسلسل الفوائد المرتقبة من الأزمة الأوكرانية يبدو واعدا لأبوظبي على ما يظهر، فحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية فإن رجال الأعمال الروس يجدون في الإمارات ملاذا آمنا، وأن الدولة الخليجية ستصبح مركزا للالتفاف على العقوبات الغربية ضد موسكو، وأنها تستثمر في أصول روسية استراتيجية تشمل قطاعات النفط والبتروكيماويات والدفاع والخدمات اللوجستية، وفي حين تقول الصحيفة إن الطرفين يتشاركان «رهاب الديمقراطية»، وأنهما أصبحا جزءا من نادي الحكومات المستبدة، فالواقع أن مناورات الاستثمار الضخم والملاذات الآمنة وتنظيف الأموال لا تقل أهمية عن مناورات السياسة.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الجامعة العربية، مناورات عربية، أزمة، أوكرانيا، الحرب الروسية، سيادة الحاكم المطلقة، البرهان، حميدتي، السيسي، بن سلمان، قاعدة روسية،

حرب أوكرانيا.. اليوم الخامس عشر لحظة بلحظة