استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل تتحول أوكرانيا إلى ساحة جديدة لـ“الجهاد العالمي“؟

السبت 12 مارس 2022 06:06 م

سؤال بدأ يتسلل، وإن بخجل، إلى بعض التغطيات والتحليلات التي تتناول الأزمة الأوكرانية في ضوء 3 تطورات لافتة:

أولها؛ التقديرات بشأن استطالة أمد الحرب، فالحديث عن حرب خاطفة، والتنبؤات بشأن سقوط أوكرانيا في أقل من أسبوع، ذهبت أدراج الرياح، فمقاومة الأوكرانيين، لم تفاجئ الكرملين وحده، بل أصابت بالدهشة البيت الأبيض، ومراكز صنع القرار في الغرب كذلك..

استطالة أمد الحرب، وتدفق السلاح "النوعي" والمقاتلين إلى أوكرانيا بغزارة، فتح شهية بعض المحللين لاستحضار "المستنقع الأفغاني"، للتبشير أو التحذير من سيناريو تحول أوكرانيا إلى أفغانستان ثانية.

ثانيها: حماسة الإسلاميين الفائضة لنصرة أوكرانيا بمواجهة "الغزو الروسي"، ففصائل الإسلام السياسي، الإخواني بخاصة، وداعموها، لا تُخفي انحيازها لكييف، ورهانها على "تحطم" روسيا على صخرة أوكرانيا، كما حصل للاتحاد السوفيتي من قبل، بل ويمكن استشفاف "نوستالجيا" مبثوثة في ثنايا خطاب هذه الحركات للحرب الباردة وتحالفاتها آنذاك..

هذا الأمر ألهب مخيلة مراقبين، ودفعهم لإطلاق نبوءات "رغائبية" عن انبعاث موجة "جهادية" جديدة، ولكن في أوكرانيا هذه المرة.

ثالثها؛ الأنباء التي تتحدث عن نقل مقاتلين من سوريا إلى أوكرانيا، وبعضهم من أصول آسيوية (شيشان، تتار)، وتدريب آخرين في قاعدة "التنف" الأمريكية جنوب شرق سوريا، توطئة لنقلهم إلى أوكرانيا.. مصادر هذه الأنباء روسية حصرًا، ولم يتسنَ تأكيدها من مصادر أخرى، حتى الآن على الأقل.

هذه المعطيات، وبفرض أنها صحيحة تمامًا، لا تصمد طويلًا أمام الوقائع العنيدة، التي تجعل استعادة "التجربة الأفغانية" في أوكرانيا، ضربًا من المستحيل..

وهذا ليس لأن أوكرانيا "دولة مركز" في قلب أوروبا، ونسبة المسلمين فيها لا تصل إلى 1% فقط، بل لأن تجربة الغرب، والعالم بأسره، مع "الجهاديين"، تجعل التفكير بزرع بؤرة "جهادية" على حدود "الناتو" و"الاتحاد الأوروبي" ضربًا من الجنون.

لقد رأينا "عنصرية طافحة" في التعامل مع الطلبة والمقيمين الأجانب من أفارقة، وآسيويين، وعرب مسلمين، في أوكرانيا وعلى حدودها، وتابع العالم بقلق المعاملة التمييزية ضد هؤلاء من قبل رجال الشرطة وحرس الحدود، فكيف يمكن لمن يتوافر على هذا القدر من العنصرية والتمييز ضد الأجانب، أن يوفر "حاضنة شعبية" لأصحاب اللحى المرسلة، والدشاديش القصيرة، والقبعات الأفغانية؟

كما أن السؤال عن "الدافعية الجهادية" التي ستأتي بألوف المقاتلين إلى ميادين الحرب والمواجهة، يبدو ملحًا وجوهريًا في هذا السياق، صحيح أن كثيرًا من قيادات هؤلاء، تحركهم أجهزة استخبارية و"مصادر التمويل"، لكن قدرتهم على الحشد والتجييش، إنما تستند إلى شعارات عقائدية من نوع "نصرة المسلمين" و"استئناف الخلافة"، فكيف يمكن لهذه المادة التعبوية أن تفعل فعلها في واحدة من أهم قلاع "الأرثوذكسية" في العالم؟

لا يعني ذلك أن الغرب سيكف عن ابتداع "نظائر" للجهاد العالمي..

ثمة ما يشي بأن الاستراتيجية الغربية الجديدة في أوكرانيا تقوم على توفير بنية تحتية مستدامة، لحرب استنزاف وعصابات، طويلة الأمد، تُنهك روسيا وتُغرقها في مستنقع أوكراني، لا مخرج سهلًا منه..

بيد أن أدوات الغرب هذه المرة، ستكون مغايرة تمامًا، وستعتمد بالأساس على "الشركات الأمنية" و"المرتزقة حليقي الرؤوس"، وجماعات اليمين المتطرف في أوروبا وجيوش المتقاعدين العسكريين الذين قتلهم الملل، وربما الحاجة للمال والمغامرة.

روسيا تدرك ذلك تمام الإدراك، ولذلك نراها تحاذر في اقتحام مراكز المدن الكبرى، وتتفادى حروب الشوارع والأزقة الضيقة، دون أن نستبعد إقدامها على إعادة انتاج سيناريو "جدار برلين"، فنكون أمام أوكرانيا شرقية (أرثوذكسية – روسية في الغالب) وأخرى غربية (كاثوليكية – أوكرانية في الغالب أيضًا).

أوكرانيا أزمة مفتوحة، ما زالت في بواكيرها، ومن الصعب التنبؤ بكيفية انتهائها، فكل الاحتمالات واردة، باستثناء حكاية تحول أوكرانيا إلى ساحة جديدة لـ"الجهاد العالمي".

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني/فلسطيني

المصدر | facebook.com/o.rantawi

  كلمات مفتاحية

روسيا، أوكرانيا، أرثوذكسية، الجهاد العالمي، استنزاف، المستنقع الأوكراني، الغرب، الشركات الأمنية، المرتزقة، اليمين المتطرف، أوروبا،