استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انعطافات أوروبية… فمتى انعطافاتنا؟

الخميس 17 مارس 2022 03:25 م

انعطافات أوروبية… فمتى انعطافاتنا؟

انعطافات سياسية وأمنية واقتصادية كبرى مباشرة في المشهد الأوروبي وغير مباشرة في العالم كله.

كل الدلائل تشير إلى عدم وجود مبادرات عربية من أي نوع كان وانشغال كل قُطر عربي بمواجهة الأهوال لوحده وبمعزل عن أشقائه.

رغم المآسي والفواجع التي واجهتها الدول العربية ومن بينها أقطار محورية فاعلة، لكننا لم نسمع بحدوث أي انعطاف أو قرب مجيئه!

بدأ الناتو نشاطاً محموماً لمراجعة استراتيجياته ويخطط للتوسع وأخذ خطوات كانت في الماضي القريب ضمن الخطوط الحمر غير المسموح بتخطيها.

أحدثت ألمانيا زلزالاً سياسياً وعسكرياً عندما قررت بناء جيش ألماني قوي وصناعة حربية واسعة دون أية تحفظات التزمتها عبر السبعين عاما الماضية.

هل نشهد دخول الأمة في غيبوبة تاريخية عمل الاستعمار الغربي وأمريكا والكيان الصهيوني عشرات السنين، ليدخل هذه الأمة فيها دون نجاح يذكر؟

عاد الاتحاد الأوروبي وتماسك مجددا واتخذ قرارات استراتيجية بشأن مستقبله واستقلاله وقيامه بأدوار أكبر دوليا ومراجعة علاقاته بالدول الكبرى على الأخص.

الانعطاف الكبير الذي قادته الشباب والجماهير العربية المليونية منذ عقد وأفشلته قوى الخارج وأخطاء الداخل الكثيرة يعاني الأمرين حتى في أقطار عربية كانت واعدة.

* * *

مأساة واحدة في أوكرانيا تقود خلال شهر واحد إلى انعطافات سياسية وأمنية واقتصادية كبرى، بصورة مباشرة في المشهد الأوروبي، وبصورة غير مباشرة في العالم كله.

فحلف الناتو، الذي وصف حالته الرئيس الفرنسي منذ شهور قليلة بأنها قريبة إلى حالة الموت السريري البطيء، بدأ نشاطاً محموماً لمراجعة استراتيجياته العسكرية والسياسية، ويخطط للتوسع، ولأخذ خطوات كانت في الماضي القريب ضمن الخطوط الحمر غير المسموح بتخطيها.

والاتحاد الأوروبي الذي امتحنت قواه وتماسكه أحداث مثل، الخروج البريطاني المفاجئ من الاتحاد، ومواجهة بعض أعضائه أزمات مالية بالغة الخطورة، تحتاج إلى إنقاذ مالي مكلف، والانتشار الشديد لوباء فيروس كورونا في بعض دوله، عاد وتماسك من جديد، واتخذ قرارات استراتيجية بشأن مستقبله، من حيث استقلاله ولعب أدوارا أكبر في المسرح الدولي ومراجعة علاقاته مع الدول الكبرى على الأخص.

ومنذ بضعة أيام أحدثت ألمانيا زلزالاً سياسياً وعسكرياً عندما قررت أن تعود لبناء جيش ألماني قوي، ولدخول مسرح الصناعة الحربية من أبوابه الواسعة ومن دون أية تحفظات كانت قد راعتها عبر السبعين سنة الماضية.

وهناك دلائل إرهاصات مقبلة في المزاج الشعبي الأوروبي، التي قد تأتي بما لم يكن بالحسبان، وتغير المشاهد السياسية في العديد من دول الاتحاد الأوروبي المحورية.

هكذا هو حال الحكومات المسؤولة التي تخضع لمحاسبة قوى مجتمعاتها، وإمكانيات إصدار أحكام قاسية عليها في ساحات كل أنواع الانتخابات.

لكن المنظر في كل أرض العرب يختلف عن ذلك المشهد الأوروبي كل الاختلاف.

فرغم عشرات المآسي والفواجع التي واجهها العديد من الأقطار العربية، ومن بينها أقطار محورية فاعلة في الحياة العربية، إلا أننا لم نسمع بحدوث أي انعطاف، أو قرب مجيء أي انعطاف، سواء في الحياة السياسية التضامنية العربية، أو في مواجهة الانتعاش المذهل لعدد ونوع أعداء هذه الأمة، أو في إيقاف النزيف الهائل لثروات وأمن وسلام المجتمعات العربية.

وكان هناك بصيص أمل في أن تكون اجتماعات مؤتمر القمة العربي المقبل في الجزائر مدخلاً لمبادرات عربية مشتركة، سواء في السياسة التضامنية، أو الأمن العربي المشترك أو التنسيق الاقتصادي، أو اتخاذ مؤقف استراتيجي موحد من تغيرات العالم الهائلة.

لكن كل الدلائل تشير إلى عدم وجود مبادرات من أي نوع كان، وإلى انشغال كل قُطر بمواجهة الأهوال لوحده وبمعزل عن أشقائه. حتى رجوع سوريا العربية الشقيقة، أحد الأقطار المفصلية في الحياة العربية عبر القرون، أصبح مشكوكاً في حدوثه.

إذ ما زالت بعض الحكومات تنتظر صدور التوجيهات من واشنطن، ومعرفة رد الفعل الصهيوني في العهد التطبيعي التآمري الذي نعيشه، وما يجعل المشهد العربي أكثر بؤساً وتشاؤماً ويأساً هو أن الانعطاف الكبير الذي فجرته قوى الشباب والجماهير العربية المليونية منذ عدة سنوات، والذي أفشلته قوى الخارج وأخطاء الداخل الكثيرة، هو الآخر يعاني الأمرين حتى في الأقطار العربية التي كانت واعدة.

إذا لم تقم بعض أنظمة الحكم، أو قوى المجتمع المدني العربية بمبادرات جديدة في الحال، ومن دون تأخير، فإننا سنشهد دخول هذه الأمة في غيبوبة تاريخية، عمل الاستعمار الغربي وأمريكا والكيان الصهيوني، عبر عشرات السنين، من أجل دخول هذه الأمة فيها من دون نجاح يذكر.

وها أننا، نحن العرب، نقف على أبوابها ونمسك بيد بعضنا بعضا لدخولها، وذلك بفضل بلاداتنا وانقساماتنا العبثية وجنون بعضنا. يا شاعر العرب العظيم، أينك من رؤية تحقق ما تنبأت به منذ قرون: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.

* علي محمد فخرو سياسي ومفكر بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

أوروبا، الاتحاد الأوروبي، انعطافات، العرب، الناتو، ألمانيا، القمة العربية، الكيان الصهيوني، الاستعمار، الغرب،