استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بولونيز كوي.. قرية البولنديين في إسطنبول

السبت 26 مارس 2022 12:32 م

بولونيز كوي.. قرية البولنديين في إسطنبول

الإمبراطوريات التي أسسها المسلمون، وليس العثمانية فقط، ساعدت شعوبا مضطهدة هاجرت من الخارج، وقامت بحماية الأقليات داخل أراضيها.

من أكثر المناطق اللافتة للانتباه بإسطنبول بولونيز كوي التي يسكنها البولنديون بكثافة. فقد كانت هناك هجرات كبيرة نحو أراضي الدولة العثمانية.

كانت الأزقة الموجودة بمنطقة تقسيم مكتظة بمهاجرين روس وأوروبيين ولا يزال حي بي أوغلو معروفًا بحي «الشوام اللاتين» أو «المشرقيين» حتى يومنا الحاضر،

كانت مملكة بولندا إحدى الممالك الحليفة المهمة للإمبراطورية العثمانية في القرن السابع عشر وشملت في تلك الحقبة بولندا وليتوانيا وبيلاروسيا وأوكرانيا.

يعيش الأفغان بكثافة بحي زيتين بورنو، والبوشناق بحي بيرم باشا، والألبان بحي علي بي كوي وأيوب، والعرب بحيي بيليك دوزو واسنيورت، والأوروبيون بحيي أورطا كوي وبيبك، والأفارقة بحي بي أوغلو.

* * *

تعد إسطنبول واحدة من أكبر المدن التركية استقبالا للمهاجرين منذ القدم. والعديد من أحياء إسطنبول اليوم أصبح بما هو أشبه بمراكز الغيتوات، بسبب الهجرة من الخارج. فعلى سبيل المثال، يعيش الأفغان بكثافة في حي زيتين بورنو، والبوشناق في حي بيرم باشا، والألبان في حي علي بي كوي وأيوب، والعرب في حيي بيليك دوزو واسنيورت، والأوروبيون في حيي أورطا كوي وبيبك، والأفارقة في حي بي أوغلو.

شهدت الفترة الأخيرة من الإمبراطورية العثمانية، هجرة كبيرة من البلقان والقوقاز إلى الأراضي العثمانية. وقام السكان المهاجرون من تلك المناطق ببناء قرى في ضواحي إسطنبول، وأطلقوا أسماءهم عليها.

المنطقة التي هاجر إليها الشركس بكثافة، كانت قد سميت شركس كوي (قرية)، والمنطقة التي هاجر إليها الأرناؤوط (سكان ألبانيا) بكثافة سميت أرناؤوط كوي.

وسميت المنطقة التي هاجر إليها البوشناق بكثافة على اسم غازي عثمان باشا، الذي قاتل لفترة طويلة لحماية شعوب البلقان. وإلى اليوم، تُعرف هذه المنطقة باسم غازي عثمان باشا.

ومن أكثر المناطق اللافتة للانتباه في إسطنبول أيضا، بولونيز كوي التي يسكنها البولنديون بكثافة. فقد كانت هناك هجرات كبيرة نحو أراضي الدولة العثمانية، في فترتها الأخيرة من بولندا وأوكرانيا وليتوانيا وروسيا والدول المجاورة.

وكانت الأزقة الموجودة في منطقة تقسيم، التي يتجول فيها العرب اليوم بكثافة، مكتظة بالمهاجرين الروس والغربيين. ولا يزال حي بي أوغلو معروفًا باسم حي «الشوام اللاتين» أو «المشرقيين» حتى يومنا الحاضر، وذلك نسبة إلى المجريين والروم والإيطاليين والروس والإسبان الذين عاشوا هناك منذ سنوات بعيدة.

يقع حي بولونيز كوي داخل حدود منطقة بيكوز في إسطنبول، وهو أحد الرموز المهمة للصداقة البولندية - التركية. كانت مملكة بولندا إحدى الممالك الحليفة المهمة بالنسبة إلى الإمبراطورية العثمانية في القرن السابع عشر. وشملت في تلك الحقبة دولا مثل بولندا وليتوانيا وبيلاروسيا وأوكرانيا.

وعندما تم حل مملكة بولندا على يد روسيا القيصرية في القرن الثامن عشر، هاجر عدد كبير من أفراد شعبها إلى أراضي الدولة العثمانية التي كانت حليفتها الوثيقة. ومع تزايد أعداد البولنديين القاطنين في موقع مهم على مضيق البوسفور في إسطنبول، أطلق العثمانيون على هذا الموقع اسم بولونيز كوي.

واستقر حينها العديد من المهندسين والأطباء والضباط البولنديين في إسطنبول، وأظهرت هذه الشخصيات المهمة أيضا جهدا كبيراً في أوروبة وتحديث الإمبراطورية العثمانية. جوزيف بيم، المعروف بأنه بطل عظيم لدى البولنديين والمجريين، اشتهر باسم «مراد باشا» في الدولة العثمانية، وقد ذهب إلى حلب بعد قمع الحراك الشعبي في المجر بين عامي 1848- 1849، ليؤسس فيها مصفاة ومصنعا للبارود.

العديد من الشخصيات الغربية المهمة التي هاجرت إلى الأراضي العثمانية واعتنقت الإسلام، شغلت في ما بعد مناصب مهمة للغاية، من بينهم جان كيرداج (سعيد بك) الذي كان سفيراً للسلطان سليمان القانوني.. ويواكيم ستاسز (إبراهيم بك) كان مترجم القصر العثماني، وكذلك وجسيخ بوبوجوسكي (علي بك) أحد المترجمين المهمين، وكانت له أعمال أيضا في مجالي الموسيقى والرسم..

ألفّ علي بك الموسيقى التركية بأسلوب أوروبي لأول مرة، وشغل الكاتب البولندي الشهير ميخات زايكوفسكي (سمي محمد صادق باشا) منصب قائد فوج في العديد من الحروب، وتولى ابنه فلاديسلاف، الذي سمي لاحقاً مظفر باشا، منصب والي لبنان.

ومن الشخصيات البولندية التي تولت أيضا مهام في الجيش والبيروقراطية لدى الدولة العثمانية، أنطوني إيلينسكي (إسكندر باشا)، وفلاديسلاف كوسيلسكي (سفر باشا)، وزيجمونت فرويند (محمود حمدي باشا)، وسيورين بيلينكي (نهاد باشا)، وفيليكس برينسكي (شاهين باشا).

خلاصة الكلام؛ جميع الإمبراطوريات التي أسسها المسلمون، وليس العثمانية فقط، ساعدت الشعوب المضطهدة التي هاجرت من الخارج، وكثيرا ما قامت بحماية الأقليات داخل أراضيها، بل إنها فتحت لهم أبواب إدارتها، ولم تكتف بحمايتهم. هل هناك مثال أفضل للديمقراطية والتضامن من هذا في التاريخ؟

مصطفى جلال الدين باشا (الضابط كونستانتي بورزيكي) جد الشاعر التركي الشهير ناظم حكمت، هو أيضا بولندي الأصل. وكان ناظم حكمت يقول إنه يشبه جده الذي أخذ منه لون شعره الأشقر وعينيه الزرقاوين.

* توران قشلاقجي كاتب تركي

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تركيا، إسطنبول، العثمانية، المهاجرون، قرية البولنديين، الشعوب المضطهدة،