حسابات انتخابية.. أصداء اضطراب الحكومة الإسرائيلية تتردد بقوة في واشنطن

الأربعاء 13 أبريل 2022 04:33 م

تعرضت الحكومة الإسرائيلية لمزيد من الفوضى السياسية الأسبوع الماضي حيث فقد رئيس الوزراء "نفتالي بينيت" الأغلبية البرلمانية، وبناء على ذلك قد تواجه إسرائيل انتخابات جديدة، أو سنوات أخرى من الجمود، أو عودة "بنيامين نتنياهو" إلى السلطة. وستصل تداعيات ذلك إلى واشنطن.

وقد انسحبت عضو الكنيست "عيديت سيلمان" من الائتلاف الحاكم وتحولت إلى حزب "نتنياهو". وبذلك أصبح للحكومة 60 مقعدًا وللمعارضة نفس العدد. والنتيجة هي أن هذه الحكومة - التي لم تتمكن بالفعل من الاتفاق على الكثير من التشريعات بسبب مزيجها من الجماعات اليمينية واليسارية - لن تكون الآن قادرة عمليًا على تمرير أي تشريع على الإطلاق.

ومع ذلك، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن حكومة "بينيت" على وشك السقوط، لأن 6 من أعضاء الكنيست المعارضين ينتمون إلى القائمة المشتركة (تحالف من أحزاب يسارية عربية في الغالب) ومن غير المرجح أن يتعاونوا في عملية يكاد يكون من المؤكد أن تنتهي بحكومة أكثر يمينية من الحكومة الحالية، وفيما يضمن "نتنياهو" 54 صوتا لحجب الثقة فإن المطلوب للإطاحة بالحكومة هو 61 صوتا.

لكن انشقاق "عيديت" قد يفتح الباب أمام إمكانية انسحاب آخرين من الائتلاف الحاكم خاصة أن انسحابها حدث بالكامل من وراء ظهر رئيس الوزراء.

وكان اليمين الإسرائيلي قد وصف "عيديت" وأعضاء يمينيين آخرين في الائتلاف بأنهم خونة لمشاركتهم في حكومة تضم أحزابًا يسارية وحتى عربية، وواجه هؤلاء الأعضاء مضايقات ونظرة سلبية ​​من المجتمعات الدينية والقومية التي ينتمون إليها.

وقد يتم إغراء أعضاء الكنيست من حزب "الأمل الجديد" بقيادة "جدعون ساعر" وحزب "يسرائيل بيتنا" بزعامة "أفيجدور ليبرمان" بالإضافة إلى أعضاء آخرين من يمينا بزعامة "بينيت" من خلال ضغوط مماثلة، خاصة بعد رؤية الترحيب الحار الذي حظيت به "عيديت" بعد انسحابها.

وحاليا، يعمل "بينيت" ورئيس الوزراء المناوب "يائير لابيد" على الحفاظ على ما تبقى من تحالفهما معًا. ولن يكون الأمر سهلا. وكان عضو الكنيست "نير أورباخ" من "يمينا" قد قدم بالفعل مطالب لـ"بينيت" معتمدا على التهديد بانهيار الحكومة، كما عبرت "أييليت شاكيد" عن عدم ارتياحها للجلوس في حكومة تضم يسارا وعربا.

وتشمل مطالب "أورباخ" إعادة تنشيط المجلس الأعلى للتخطيط والبناء، وهو الهيئة التي تتخذ قرارا بشأن المستوطنات الجديدة التي تقيمها الحكومة. وقد اجتمعت تلك الهيئة آخر مرة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، ولم يكن إعلانها عن بناء 2800 وحدة استيطانية جديدة أمرا مرحبا به من قبل إدارة "بايدن".

ويحتاج التوسع الاستيطاني قرارا رسميا عادة ما يجتذب أكبر قدر من التدقيق العام والدولي، لذلك قام "بينيت" ووزير الدفاع "بيني جانتس" بضبط هذا الأمر مع الاستمرار في بناء المستوطنات التي تم الإعلان عنها بالفعل.

ويدفع اليمين باستمرار من أجل المزيد من التوسع الاستيطاني، وسيواجه "بينيت" الآن صعوبة أكبر بكثير في المقاومة عندما يمكن لأعضاء كنيست مثل "أورباخ" فرصة أن يهددوا بقاء الائتلاف الحاكم. وسيحتاج "بايدن" ووزير خارجيته "أنتوني بلينكين" إلى الاستعداد لاحتمال اتجاه "بينيت" السماح بمزيد من المستوطنات لإرضاء اليمينيين، ما يجعل من الصعب الحفاظ على الحلم الباهت بشأن حل الدولتين.

ومن منظور السياسة الداخلية الأمريكية، وتأثيرها على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، فإن الحالة الهشة للحكومة الإسرائيلية ستطرح مخاوف انتخابية أيضًا.

ومن المحتمل ألا يكون الائتلاف قادرًا على إقرار الميزانية عندما تظهر هذه المسألة مرة أخرى في وقت متأخر من هذا العام، وسيعني الفشل في القيام بذلك أنه يجب حل الكنيست وإجراء انتخابات جديدة. وبالكاد كانت اسرائيل قادرة على تفادي تلك النتيجة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث تم تجاوز عقبة الميزانية بهامش ضئيل (61 مقابل 59 صوتا).

ويعني ذلك أنه من غير المرجح أن يصبح "يائير لابيد"، الذي تربطه علاقات شخصية وأيديولوجية بالديمقراطيين أكثر من "بينيت"، رئيسًا للوزراء في أغسطس/آب 2023، كما هو منصوص عليه في اتفاقية التحالف بينه و"بينيت". ويكاد يكون من المؤكد إجراء انتخابات جديدة قبل ذلك الوقت. وحتى لو كان "لابيد" مرشحا جيدًا، فإنه سيواجه نفس المشاكل التي واجهها المرشحون الآخرون من الوسط ويمين الوسط لسنوات.

وما لم يتغير المزاج العام للجمهور الإسرائيلي بشكل كبير، فسيكون من المستحيل تقريبًا تشكيل ائتلاف مكون من 61 مقعدًا. وفي حين أن "نتنياهو" لن يعود على الفور، فإن خسارة أغلبية "بينيت" تعد خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة له.

وإذا تمكن "بينيت" من إبقاء حكومته على قيد الحياة حتى مواجهة الميزانية في نهاية هذا العام، فسوف يتداخل السباق الانتخابي الإسرائيلي مع بداية سباقات الرئاسة الأمريكية لعام 2024. ومن المؤكد أن علاقات "نتنياهو" العميقة بالحزب الجمهوري ستظهر بقوة في كلا السباقين.

وينبغي أن يقلق هذا "بايدن"، الذي يواجه بالفعل مشكلة في اتخاذ قرارات متعلقة بالسياسة الخارجية لها تأثير على إسرائيل مع وجود أغلبية ديمقراطية محدودة في الكونجرس، خاصة أن عددًا من الديمقراطيين يميلون أيضا إلى سياسات متشددة في الشرق الأوسط.

لكن سيكون لدى "بايدن" مخاوف أكثر إلحاحًا من اقتراب الانتخابات الإسرائيلية. ومع عدم قدرة الحكومة الإسرائيلية على تمرير تشريعات محلية، سيتجه القادة الإسرائيليون إلى القضايا الأمنية والقومية لترك بصمة. ولا ينطبق ذلك على "لابيد" و"بينيت" فحسب، بل ينطبق أيضًا على "نتنياهو" وغيره من القادة البارزين.

على سبيل المثال، قد يحاول وزير الدفاع "بيني جانتس" العودة إلى حلقة الوسط السياسي، ربما من خلال البناء على علاقته مع الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" وعبر قمع "حماس" في غزة. كانت هناك أيضًا تكهنات حول احتمال عودة "جانتس" إلى تحالف مع حزب الليكود بزعامة "نتنياهو"، ما قد يغير اللعبة بأكملها.

وفي حين أن الهجوم الإسرائيلي على غزة قد يعقد الأمور بالنسبة لـ"بايدن"، فإن إيران ستكون محور التركيز في خطاب القادة الإسرائيليين. وسواء تم إحياء الاتفاق النووي أم لا، فستظل إيران مصدر القلق الرئيسي لإسرائيل. وبالرغم مما قد يقوله خبراء الأمن الإسرائيليون، فإن إيران قضية سياسية بالنسبة لمعظم القادة الإسرائيليين الذين يصرون على أن إيران تشكل تهديدًا وجوديًا سواء بصفقة أو بدون صفقة.

ولم تُخفِ حكومة "بينيت" معارضتها لإحياء الاتفاق النووي، ومارست ضغوطا من أجل عزل إيران، وبذلت جهودا تخريبية في هذا الإطار. لكن مع احتمال إجراء انتخابات وشيكة، وحاجة القادة الإسرائيليين إلى تمييز أنفسهم بأنهم متشددون فيما يتعلق بالأمن، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تصعيد في كل من الأقوال والأفعال.

ومع وجود حكومة إسرائيلية تعيش مثل هذا الاضطراب، يحتاج "بايدن" وكبار موظفيه إلى الدفاع عن الاتفاق النووي، وكذلك التأكيد على معارضتهم للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي، ويحتاج الأمر إلى إرسال رسالة مفادها أن هذه هي السياسات التي يدعمها الأمريكيون. وهذه الرسالة، في زمن الحكومة الاسرائيلية المترنحة، هي رسالة يحتاج الإسرائيليون لسماعها.

المصدر | ميتشل بيلتنك | ريسبونسبال ستيتكرافت – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحكومة الاسرائيلية بينيت بايدن لبيد الكنيست لابيد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية

نائبة من حزب بينيت تهدد قبضته على الكنيست

نتنياهو يدعو النواب اليمينيين في ائتلاف بينيت إلى الانسحاب

بعد انسحاب نائبة يمينية.. حكومة بينيت تخسر الغالبية في البرلمان

بايدن يهاتف بينيت بعد العمليات الفدائية الفلسطينية ويعرض "كل المساعدة"

بتعليق الموحدة لعضويتها.. العنف بالقدس يزيد الضغط على الحكومة الائتلافية في إسرائيل

الحكومة الإسرائيلية الهشة تنجو من مقترحين لحجب الثقة 

إسرائيل.. 5 انتخابات في أقل من 4 أعوام