استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

رقصة حرب أميركية.. فوق حطام "موسكفا"

الأحد 17 أبريل 2022 07:16 ص

رقصة حرب أميركية.. فوق حطام “موسكفا”

هل تقترب أميركا من تدخل مباشر مع اقتراب الانتخابات النصفية؟

لن يكون بايدن أول رئيس أميركي ينكث بوعد عدم إرسال جنوده إلى بلد يشهد نزاعاً مسلحاً، في سبيل تحقيق مكسب انتخابي.

النظام الدولي الذي نشأ قبل أكثر من 30 عاماً، فلم لم يعد له وجود "إلا في أذهان المعلقين الأميركيين وليس في العالم الواقعي"!

هل سيؤثر فقدان روسيا للطراد "موسكفا" على نشاطها العسكري بأوكرانيا وإقليم دونباس تحديداً، أم أن القوات الروسية قادرة على تخطي هذه الانتكاسة؟

قد يندلع صدام مباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) عند أدنى خطأ في الحسابات مما ينقل المواجهة إلى حرب عالمية فعلية وليس بالواسطة.

هذه حرب ليس ميدانها أوكرانيا فقط بل العالم أجمع. وتكفي نظرة إلى عدم انضمام الصين والهند ودول أفريقيا والبرازيل أي أكثر من نصف سكان الأرض للعقوبات الغربية على روسيا قثمة توازن جيوسياسي تتبدى ملامحه عالميا.

* * *

أتي تزايد الخسائر العسكرية الروسية في أوكرانيا، ربطاً بتعزيز الغرب ولا سيما الولايات المتحدة المساعدات العسكرية لأوكرانيا. وهذه مسألة لا يستهان بها وقد تدفع إلى صدام مباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، عند أدنى خطأ في الحسابات، مما ينقل المواجهة إلى حرب عالمية فعلية وليس بالواسطة.

في الوقائع، تقر روسيا بتكبد "خسائر كبيرة" في الحرب، بحسب ما قاله الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". هذا قبل إغراق الطراد الروسي "موسكفا" الذي كان يقود العمليات في البحر الأسود، الأمر الذي اعتبرته أوكرانيا، نقطة مفصلية في الحرب، في وقت كان الجيش الروسي يتأهب لوضع يده على كامل إقليم دونباس.

وإذا ما أخذنا بالإعتبار إغلاق تركيا المعابر أمام السفن الحربية المتوجهة إلى البحر الأسود، لن يكون في إمكان روسيا أن تُعوّض بسهولة القدرة القتالية التي كان يوفرها "موسكفا" الذي كان يُعتبر رمزاً من رموز العظمة البحرية للإتحاد السوفياتي السابق ولروسيا من بعده.

قيل إن صواريخ "نبتون" أوكرانية الصنع هي التي أغرقت الطراد. لكن للتذكير كان الرئيس الأميركي جو بايدن قال في جولته الأوروبية قبل أسبوعين، إن أميركا عازمة على تزويد كييف بصواريخ مضادة للسفن لحماية أوديسا!

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيؤثر فقدان روسيا للطراد "موسكفا" على مجمل نشاطها العسكري في أوكرانيا وإقليم دونباس تحديداً، أم أن القوات الروسية قادرة على تخطي هذه الانتكاسة؟ وتدليلاً على فداحة الخسارة، وجّهت موسكو رسالة تحذير إلى واشنطن، من مغبة الاستمرار في إرسال الأسلحة إلى كييف، لأن ذلك قد يؤدي "إلى نتائج غير معروفة".
في الأيام الأخيرة، كانت التوقعات الغربية تشير إلى أن بوتين، وغداة تعثر جيشه في محيط كييف وخاركيف وتشيرنيهيف، عيّن الجنرال ألكسندر دوفرنيكوف قائداً للقوات في أوكرانيا، واتجه إلى المرحلة الثانية من العملية العسكرية للتركيز على دونباس وشرق أوكرانيا عموماً، على أن يحرز نصراً على هذه الجبهة يمكنه بحلول 9 أيار/مايو المقبل، ذكرى الانتصار في الحرب الوطنية العظمى على ألمانيا النازية عام 1945، من الإعلان عن تحقيق "العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا" أهدافها، وتالياً الإعلان عن وقف للنار.

والربط بين 9 أيار/مايو والسيطرة على دونباس، يُلزم القوات الروسية الدخول في سباق محموم، إما لطرد القوات الأوكرانية الموجودة في المنطقة والمقدرة بمئة ألف جندي، من المتمرسين على القتال على الجبهات منذ 2014، أو على الأقل تطويقهم ومنع خطوط الإمداد عنهم، واعتبار المناطق التي يسيطرون عليها ساقطة عسكرياً، واستخدام ذلك ورقة قوية في المفاوضات في حال استئنافها. المهمة المطلوبة من القوات الروسية ليست سهلة.

لا سيما وأن المساعدات العسكرية الأميركية والأوروبية التي تتدفق على أوكرانيا، هي في تزايد، وآخرها إعلان بايدن عن نقلة في هذه المساعدات، لتتضمن مروحيات قتالية متطورة من طراز "أم آي-17" ومدافع "هاوتزر" بالإضافة إلى مُسيّرات.

وهذا من شأنه أن يضفي مزيداً من التعقيد أمام المهمة الروسية وإطالة أمد الحرب، بما يشكل استنزافاً متواصلاً للجيش الروسي، عبر منعه من تحقيق انتصار ذي معنى يتيح للقيادة الروسية، تبرير وقف العمليات العسكرية. المشهد الميداني الأوكراني يمكن تلخيصه بأمرين: سعي روسي إلى إحراز تقدم على الأرض يعقبه وقف للهجوم، بينما تضغط أميركا من طريق زيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، للحؤول دون تحقيق هذا الهدف وإبقاء الجيش الروسي في مستنقع لا يستطيع التقدم فيه أو الخروج منه.

وهناك ظاهرة أخرى لافتة للانتباه، تتمثل بتمكن المروحيات الأوكرانية في الأيام الأخيرة من اختراق الأجواء الروسية لمهاجمة مواقع داخل روسيا.

وإذا ما أضيف هذا التطور، إلى الانسحاب من محيط كييف وتشيرنهيف وإغراق الطراد "موسكفا"، هل يمكن أن يشكل ذلك بداية تحولٍ حقيقي في مجرى العمليات العسكرية، علماً أن المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا بلغت أكثر من 2.4 مليار دولار في غضون أقل من شهرين، مع زيادة ملحوظة في التعاون الاستخباراتي. ولا يستثنى من مناخات الضغط على روسيا، إندفاع فنلندا والسويد إلى الانضمام لحلف الناتو.

علاوة على ذلك، يدل الخطاب الأميركي المتصاعد حيال روسيا واتهامها بارتكاب "إبادة جماعية" في أوكرانيا، وإلى اتهامها بالإستعداد لشن هجوم كيميائي أو هجوم بقنبلة نووية تكتيكية للخروج من المأزق العسكري الذي تعيشه، على ما ذهب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ("سي آي إيه") وليم بيرنز، على أن أميركا قد تكون تحشد الرأي العام الأميركي لخطوة أبعد من الاكتفاء بإرسال المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا. ولهذا تكثر الأسئلة، التي تُوجه إلى بايدن ومسؤولين آخرين حول ماهية احتمالات الرد الأميركي، في حال أقدمت روسيا على إستخدام السلاح الكيميائي.

فهل تقترب أميركا من تدخل مباشر مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية؟ حتماً، بايدن لن يكون الرئيس الأميركي الأول الذي ينكث بوعد عدم إرسال جنوده إلى بلد يشهد نزاعاً مسلحاً، في سبيل تحقيق مكسب إنتخابي.

وإذا كان فلاديمير بوتين غير قادر على كسب الحرب في الوقت الحاضر، فإن أوكرانيا والغرب، ما زالوا بعيدين عن إلحاق الهزيمة التي يتوخيانها بروسيا. والرأي العام الروسي معتاد بسيكولوجيته في الأوقات المصيرية على تقبل الخسائر الكبيرة.

يدل على ذلك ارتفاع شعبية بوتين من 70 في المئة عند بداية الحرب إلى 84 في المئة الآن. كل ذلك، يؤكد فرضية أن هذه حرب ليس ميدانها أوكرانيا فقط وإنما العالم أجمع. وتكفي نظرة إلى عدم إنضمام الصين والهند ودول أفريقيا والبرازيل، وهؤلاء يمثلون أكثر من نصف سكان البشرية، إلى العقوبات الغربية على روسيا، ليتبين أن توازناً جيوسياسياً بدأت تظهر ملامحه في العالم، يرفض الآحادية الأميركية، ويتجه إلى حتمية التعددية القطبية.

أما النظام الدولي الذي نشأ قبل أكثر من 30 عاماً، فلم لم يعد له وجود "إلا في أذهان المعلقين الأميركيين وليس في العالم الواقعي"، بحسب ما يستخلص عالم السياسة الأميركي أندرو باسيفيتش.

* سميح صعب كاتب صحفي لبناني

المصدر | 180post

  كلمات مفتاحية

أميركا، روسيا، حرب أوكرانيا، موسكفا، الأحادية الأميركية، النظام الدولي، عقوبات، الغرب، الناتو،