«فورين بوليسي»: هل حقا يكره المسلمون الولايات المتحدة؟

الأربعاء 16 ديسمبر 2015 05:12 ص

بينما كان المرشحون الجمهوريون للرئاسة يقفون على مسرح المناظرة في لاس فيغاس، الثلاثاء، فقد تحول السباق إلى ما يشبه الاستفتاء بين ثلاثة ملايين مسلم داخل حدود الولايات المتحدة، وأكثر من 1.6 مليار مسلم آخرين خارج حدودها.

الدلائل على أن الزوجين المتورطين في عملية القتل في سان برناردينو كانا من المتطرفين الإسلاميين، وإن لم يكونا مرتبطين مع مجموعات منظمة، قد حولت وجهات النظر التي يحملها المسلمون خارج الولايات المتحدة إلى أمريكا إلى مادة ثرية للنقاش العام. وقد اقترح «دونالد ترامب» منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، ويرجع ذلك جزئيا إلى المشاعر المزعومة المعادية للولايات المتحدة. غالبية الأمريكيين يعارضون مثل هذه الخطوة، وفقا لأحداث الاستطلاعات التي أجريت بواسطة إن بي سي نيوز / وول ستريت جورنال، وأيضا بواسطة واشنطن بوست / إيه بي سي نيوز. ولكن هذا المسح الأخير الخاص بـ«واشنطن بوست» قد أظهر أن غالبية الناخبين الجمهوريين يؤيدون هذه الفكرة. لذلك فإنه، ومع اشتداد موسم الحملات الانتخابية، فإن من المرجح أن نسمع المزيد حول وجهات نظر المسلمين حول الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

منذ عام 2002، أجرى مركز بيو للأبحاث الاستطلاعات في عدد من الدول التي لديها جاليات مسلمة كبيرة. في كل عام، كان يتم توجيه السؤال إلى الجماهير حول إذا ما كانوا يحملون وجهة نظر إيجابية أو سلبية عن الولايات المتحدة. في استطلاعاتنا الأخيرة، فإن المشاعر المعادية للولايات المتحدة بشدة يمكن أن نلمسها في مصر وفي الأردن.

ولكن مثل هذا الشعور قد انحسر بالفعل بين المسلمين في الأراضي الفلسطينية وباكستان. وفي كل من إندونيسيا ونيجيريا، اللتين تضمان جاليتين إسلاميتين من بين الأكبر في العالم. في الواقع، فإن المشاعر الموالية للولايات المتحدة في كلا البلدين هي أقوى من نظيرتها في ألمانيا.

من الواضح أن المشاعر المعادية للولايات المتحدة تبدو قوية بشكل خاص في الدول ذات الأغلبية المسلمة التي شملها الاستطلاع في الشرق الأوسط. وكما يخبرنا تقرير مركز بيو للأبحاث لعام 2015، فإن أكثر من ثمانية من كل عشرة (حوالي 83%) من الأردنيين يحملون وجهات نظر سلبية تجاه الولايات المتحدة. هذه النسبة تمثل انخفاضا طفيفا عن مثيلتها بعد الغزو الأمريكي للعراق، ولكنها ظلت ثابتة تقريبا طوال عهد إدارة «أوباما».

سبعون في المائة من السكان في الأراضي الفلسطينية يحملون وجهة نظر سلبية حول العم سام. ولكن هذا الشعور السلبي انخفض من 98 في المائة في مايو/أيار 2003 و82 في المائة في العام الأول من ولاية الرئيس «باراك أوباما».

في لبنان، حيث ما يقرب من ستة ملايين من إجمالي 10 ملايين نسمة هم من المسلمين، فإن 74 في المائة من المسلمين يقولون إن نظرتهم سلبية تجاه الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن هناك خلافات حادة بين الطائفتين الشيعية والسنية في البلاد. 95 في المائة من المسلمين الذين يحملون مشاعر معادية للولايات المتحدة هم من الشيعة. في حين أن 52 في المائة فقط من السنة يوافقون على ذلك.

في تركيا، بلغت نسبة الذين لا يحملون آراء إيجابية تجاه الولايات المتحدة حوالي 58 في المائة، ولكن مثل هذا الرأي السلبي انخفض من 83 في المائة في مايو2003 ، و77 في المائة في عام 2008.

في مصر، وخلال الاستطلاع الذي أجراه مركز بيو خلال عام 2014، أعرب 85 في المائة من المستطلعين عن مشاعر معادية للولايات المتحدة. وخلافا لتليين المواقف الذي شهدته بعض المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة الأخرى في المنطقة، فقد كان العداء للولايات المتحدة في مصر في ازدياد. في عام 2009، كان 70 في المائة من المصريين فقط يحملون وجهة نظر سلبية تجاه الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، في باكستان، موطن ثالث أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، فإن 62% من الجمهور يقولون إن لديهم وجهات نظر سلبية حول الولايات المتحدة. ولكن مثل هذه الآراء السلبية قد انخفضت من مستوى أعلى بلغ 73% في عام 2011.

وفي ماليزيا، حيث ما يقرب من ثلثي السكان هم من المسلمين، فإن 56 في المائة من الناس لديهم وجهات نظر سلبية حول الولايات المتحدة.

مع ذلك، فإن الشعور المناهض للولايات المتحدة ليس شعورا عاما في جميع البلدان ذات الأغلبية المسلمة.

أندونيسيا هي الدولة التي تضم أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم. في هذا العام، يقول 62% من الأندونيسيين أن لديهم وجهات نظر ملائمة إلى حد ما حول الولايات المتحدة. فقط 26 في المائة من المسلمين هناك يحملون آراء سلبية. المشاعر المؤيدة للولايات المتحدة في جنوب شرق آسيا آخذة في الارتفاع، في حين أن وجهات النظر المعادية لها آخذة في الانخفاض. قبل عقد من الزمان، في عام 2005، كان 38% في المائة فقط من الأندونيسيين يرون الولايات المتحدة بشكل إيجابي، في حين كان 57% يرونها بشكل سلبي.

وبالمثل، في نيجيريا، رغم أنها ليست دولة ذات أغلبية مسلمة (ما يقرب من نصف السكان فط هم من المسلمين)، ولكنها تؤوي خامس أكبر تجمع إسلامي في العالم. كان 70 في المائة من المسلمين الذين شملهم الاستطلاع يحملون وجهات نظر إيجابية حول الولايات المتحدة. وفي بنغلاديش، رابع أكبر تجمع إسلامي في العالم، فقد كان 76 في المائة من الناس يحملون وجهات نظر إيجابية تجاه الولايات المتحدة.

المواقف تجاه الولايات المتحدة هي نتاج عوامل متعددة. كان الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 والفوضى التي لحقته لا تحظى بشعبية في العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. وقد أضر هذا الأمر بصورة الولايات المتحدة في كل من المنطقة ومناطق بعيدة مثل إندونيسيا وباكستان. لكن الصور النمطية التي يحملها المسلمون للغرب تسهم أيضا في تفسير بعض هذا العداء للولايات المتحدة. ستة من بين كل عشرة من المسلمين (أو أكثر) في 7 دول إسلامية يرون الغربيين على أنهم مجتمع أناني وجشع وغير أخلاقي، وفقا لدراسة مركز بيو للأبحاث في عام 2011، فقط ثلاثة من كل عشرة كانوا يرون الصورة على النقيض من ذلك.

وبينما يتزايد الجدل السياسي حول المسلمين في الأسابيع والأشهر المقبلة، فإنه من المفيد أن نتذكر أن نتائج المسوحات التي يجريها مركز بيو للأبحاث تجد أن معاداة الولايات المتحدة بين المسلمين تختلف باختلاف الأحداث والجغرافيا. وقد أثبتت آراء سلبية تجاه الولايات المتحدة بشكل خاص ودائم في الشرق الأوسط. في حين أن جاليات مسلمة كبيرة جدا في أندونيسيا ونيجيريا تنظر إلى الولايات المتحدة بشكل إيجابي.

كلمة التحذير التي لا بد أن يعيها «ترامب» و الحزب الجمهوري هي أن المسلمين خارج الولايات المتحدة منقسمون في رأيهم حولها، تماما كما ينقسم الأميركيون في وجهات نظرهم تجاه المسلمين.
 

 

  كلمات مفتاحية

المسلمون الولايات المتحدة مصر الأردن نيجريا