مصر: حوار سياسي وترحّم على مرسي

الخميس 28 أبريل 2022 03:23 ص

مصر: الحوار السياسي والترحّم على مرسي

لا تؤخذ دعوات كهذه على محمل الجد حين تترافق مع استمرار الاعتقالات المجانية لمعارضين وإعلاميين وصحافيين وصانعي محتوى كوميدي.

أكد السيسي أن مساندته لمرسي كانت لحماية مصر، وأن تآمره على مرسي بعد أن تولى الرئاسة سيكون "تآمرا على مصر"، واصفا إياه بالرئيس، ومترحما عليه.

يمكن للنظام المصري وقف الانهيار السياسي الناتج عن استحكام قلّة عسكرية أمنية بمقدرات السلطة والشعب والجغرافيا والتاريخ وهو سبب الانهيار الاقتصادي والاجتماعي.

* * *

بعد أيام من تلميحه عن اعتزامه إطلاق "حوار سياسي شامل"، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن حوار سياسي مع القوى "بدون استثناء ولا تمييز"، كما أعلن عن إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم تعطيلها لسنوات. جرى ذلك بحضور بعض رموز المعارضة المصرية، كحمدين صباحي، وخالد داود، وأُعلن عن إطلاق سراح سجناء قبل أيام.

في الواقعة نفسها التي جرت خلال حفل "إفطار الأسرة المصرية" استفاض السيسي في الحديث عن مسلسل "الاختيار" الذي يعرض أحداث وصوله للحكم، ودافع عما سمّاه "وقوفه" مع مرسي، خلال فترة وجوده كوزير لدفاعه، باعتبارها "وقفة لصالح مصر".

أكد السيسي أن مساندته لمرسي، التي عرضها المسلسل، كانت لحماية مصر، وأن تآمره على مرسي بعد أن تولى الرئاسة سيكون "تآمرا على مصر"، واصفا إياه بالرئيس، ومترحما عليه.

تركّزت وجهة التحليل للتصريحات الأخيرة على ربطها بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني البلاد منها، بالتزامن مع تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، وغلاء الأسعار وخفض قيمة الجنيه، واعتبار النظام في حاجة لمصالحة سياسية مع المعارضة المصرية، وبالخصوص مع جماعة "الإخوان المسلمين"، لاحتواء إمكانية حدوث اضطرابات شعبية وتحوّلها إلى حراك سياسي ضد النظام.

لا يمكن، من حيث المبدأ، تجاهل القوى السياسية المصرية قيام النظام المصري بمبادرات سياسية للحوار، وخصوصا من قبل القوى السياسية المطاردة والمقموعة والتي يقبع رموزها وقياداتها في السجون، كما أن إخراج بعض دفعات المعتقلين من السجون، ولقاء السيسي ببعض قيادات المعارضة أفضل من حصول قمع أكثر وتوسيع قوس الاضطهاد ليشمل الجميع.

يمكن للنظام الإبقاء على الاستعصاء السياسيّ الحاليّ، والعمل على تركيز أكبر لسيطرة أجهزة الأمن، وتوالي الانتهاكات والاعتقالات، وتجاهل مناشدات المنظومة الدولية ومنظمات الحقوق العالمية، فهذا حال أنظمة عربية أخرى، تعاني شعوبها المجازر والمجاعات والأمراض والإفلاس الاقتصادي والتدخلات العسكرية الخارجية.

يمكن للنظام المصري، من ناحية أخرى، وقف الانهيار السياسي الناتج عن استحكام قلّة عسكرية – أمنية بمقدرات السلطة والشعب والجغرافيا والتاريخ، وهو السبب الرئيسي لأشكال الانهيار الأخرى، الاقتصادي منها والاجتماعي.

غير أن وقف الانهيار هذا لا يمكن أن يقوم فقط على إعلان الترحم على مرسي الذي قضى في سجون النظام في ظروف حبس بشعة حُرم فيها من أبسط حقوقه كمواطن، وليس كرئيس سابق فحسب، والتبرؤ من الانقلاب عليه، ولا يقوم على إعلان مبادرة حوار عبر تكليف إدارة "المؤتمر الوطني للشباب" بذلك، وهي جهة ديكورية خفيفة الوزن لا تستطيع تحمّل مسؤوليات حوار "بدون استثناء"، ولا يقوم على تعليقات جانبية حول مسلسل أخرجته المخابرات، وفي حفل "إفطار الأسرة المصرية".

لا يمكن لدعوات كهذه أن تؤخذ على محمل الجد حين تترافق مع استمرار الاعتقالات المجانية ليس لمعارضين بل حتى لإعلاميين وصحافيين وصانعي محتوى كوميدي (كما حصل لفرقة "ظرفاء الغلابة" مؤخرا)، وحين تعاد جثة باحث اقتصادي بعد اعتقاله وعليها آثار التعذيب (كما حصل مع الاقتصادي أيمن هدهود)، دون أن تبلغ أسرته بملابسات وفاته، ويستمر اعتقال عشرات آلاف المصريين الذين تفيض بهم السجون.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر، السيسي، حوار سياسي شامل، مصالحة سياسية، المعارضة المصرية، الإخوان، اضطرابات شعبية، حراك سياسي، النظام المصري، محمد مرسي، أيمن هدهود،