استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أوكرانيا وأولويات البشرية

الجمعة 29 أبريل 2022 05:48 م

أوكرانيا وأولويات البشرية

تداعيات حرب أوكرانيا ستسفر على المدى الأطول عن ضحايا مدنيين آخرين بالملايين في كل مكان بالعالم.

الاحتباس الحراري وصل لـ«نقطة اللاعودة» وبلغ بالفعل مستويات لا يحتملها البشر في مواقع كثيرة من العالم.

صعود تيار العنصرية بشمال العالم معناه المزيد من القضاء على فرص التعاون بشأن المناخ وغيره، وكأننا ندور في حلقة مفرغة لا فكاك منها.

المواجهات بين روسيا والصين من ناحية وأمريكا وأوروبا من ناحية أخرى ستجعل فرص التعاون الدولي الحقيقي بعيدة المنال، على الأقل في المستقبل المنظور.

الفيضانات التي غمرت جنوب العالم كانت أشد وطأة بكثير بجنوب إفريقيا منها في أستراليا الأكثر تقدمًا، حيث راح ضحيتها المئات وشردت عشرات الآلاف.

لا تقتصر آثار كارثة المناخ لا على مجاعات وأوبئة وانهيار اقتصادي بل ستجعل مناطق بأكملها بجنوب العالم الفقير، غير قابلة لحياة الإنسان أي هجرات جماعية للشمال.

معالجة قضية المناخ مستحيلة دون التعاون الدولي لأنها تتطلب تخصيص إمكانات علمية ومادية هائلة لإيجاد مصادر طاقة نظيفة وإعادة تأهيل المناطق المأهولة وبنيتها التحية للتأقلم مع تغير المناخ.

* * *

الضحايا المدنيون الذين يعيشون مأساة الغزو الروسي لأوكرانيا لن يكونوا وحدهم ضحايا الحرب الدائرة اليوم. فتداعيات الحرب ستسفر على المدى الأطول نسبيا عن ضحايا مدنيين آخرين بالملايين في كل مكان بالعالم.

فبغض النظر عما سيؤول إليه الصراع الدائر في أوكرانيا، فإن المواجهات بين روسيا والصين من ناحية وأمريكا وأوروبا من ناحية أخرى ستجعل فرص التعاون الدولي الحقيقي بعيدة المنال، على الأقل في المستقبل المنظور. وهو التعاون الذي يتحتم وجوده لمواجهة كارثة المناخ التي تستعصى على الحل بعد ذلك الأمد المنظور ذاته!

ففي الشهرين الأخيرين وحدهما، أصدرت الأمم المتحدة تقريرين يجسدان حجم كارثة المناخ التي يقدم عليها كوكب الأرض. ففي تقرير صدر في فبراير، قال إن الاحتباس الحراري قد وصل لـ «نقطة اللاعودة»، وإنه بالفعل بات في مستويات لا يحتملها البشر في مواقع كثيرة من العالم.

ومعالجة قضية المناخ مستحيلة دون التعاون الدولي، لأنها تتطلب تخصيص إمكانات علمية ومادية هائلة من أجل إيجاد مصادر طاقة نظيفة وإعادة رسم المناطق المأهولة وبنيتها التحية للتأقلم مع تغير المناخ، وخلق وظائف بديلة للذين ارتبطت مهنهم بالانبعاثات الحرارية، وتحتاج الدول النامية، ناهيك عن المتقدمة، ما لا يقل عن 100 مليار دولار لمساعدتها على مثل ذلك التأقلم.

وبينما الحرب الدائرة في أوروبا تستحوذ على الاهتمام العالمي، كانت هناك أحداث تدق أجراس الخطر لمن يريد أن يسمعها. فالفيضانات التي غمرت جنوب العالم كانت أشد وطأة بكثير في جنوب إفريقيا منها في أستراليا الأكثر تقدمًا، حيث راح ضحيتها المئات وأدت لتشريد عشرات الآلاف.

ويتزامن مع ذلك فقدان المزارعين في كينيا والصومال محاصيلهم ومعها قطعان كاملة من الماشية بسبب موسم الجفاف الطويل، وما يعنيه ذلك من فقر وجوع ومرض.

وتشير التقارير الدولية إلى أن مئات الآلاف في شرق إفريقيا برمتها على شفا المجاعة ويعانون الفقر المدقع. أكثر من ذلك، تشير التقارير الدولية إلى أن واحدًا من بين كل ثمانية أشخاص يعانى الجوع في مكان ما من هذا العالم بسبب ندرة الغذاء..

لكن حالة جنوب إفريقيا ربما تجسد أكثر من غيرها الدور الحيوى للتعاون الدولي الذي بدونه يستحيل مواجهة الكوارث الناتجة عن تغير المناخ.

فقد استطاعت النماذج العلمية التي صممتها مراكز البحوث الأوروبية التنبؤ بفيضانات جنوب إفريقيا قبل حدوثها بأيام، بينما فشل في ذلك النموذج الذي صممته جنوب إفريقيا.. معنى ذلك أن إنقاذ حياة البشر بات رهن التعاون الدولي الحقيقي وليس فقط بين الحكومات لإعادة تصميم المدن وهياكلها، وإنما بين مراكز البحوث والجامعات التي تملك المعلومات والبيانات الأدق.

والحقيقة أن آثار كارثة المناخ لا تتوقف فقط على المجاعات والأمراض والانهيار الاقتصادي، لأنها ستجعل مناطق بأكملها، خصوصا في جنوب العالم الفقير، غير قابلة لحياة الإنسان، مما يعنى هجرات جماعية للشمال بدأت بالفعل بأمريكا اللاتينية وإفريقيا.

والتنظيمات العنصرية المتطرفة بأوروبا وأمريكا تستخدم أصلا قضية الهجرة لتجنيد المزيد من الأتباع، حتى صارت أكثر قوة بكثير في العقد الأخير. فقد صار لها، مثلا، وجود معتبر بالكونغرس الأمريكي، قد يحظى بالأغلبية في نوفمبر.

وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، فإن أهم ما أسفرت عنه هو أن خطاب مارين لوبان المتطرف لم يعد على هامش الحياة السياسية وإنما في قلبها أكثر من أي وقت مضى. وصعود تيار العنصرية بالشمال معناه المزيد من القضاء على فرص التعاون بشأن المناخ وغيره، وكأننا ندور في حلقة مفرغة لا فكاك منها.

* د. منار الشوربحي أستاذ العلوم السياسية المساعد، باحثة في الشأن الأمريكي.

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

أوكرانيا، أولويات البشرية، الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لوبان، العنصرية، المناخ، روسيا، الصين، وأمريكا، أوروبا، التعاون الدولي، الاحتباس الحراري،