غيمة «الكرم السعودي» لماذا لا تمطر فوق عَمّان وهي تعبر لدعم «نظام السيسي»؟

الأحد 20 ديسمبر 2015 03:12 ص

الإعلان السعودي عن دعم مالي جديد لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يفتح المجال مجددا أمام استدعاء النخب السياسية الأردنية تحديدا لمستودع الذكريات الحزينة بعنوان التجاهل اللافت من الجانب السعودي للأزمة الاقتصادية والمالية في الأردن.

الكرم السعودي المفاجىء بتغطية احتياجات مصر النفطية لخمس سنوات مع استثمار بقيمة لا تقل عن ثماني مليارات يؤسس لمزاج مختلف في العلاقة المصرية السعودية ويعمل على احتواء خلافات معمقة متعددة ولو مرحليا توسعت خلف الستارة والكواليس.

مباشرة قرأت عمان العطاء السعودي على أساس سياسي يمهد الطريق لاستقطاب المؤسسة العسكرية المصرية لصالح خطة موحدة في مكافحة الإرهاب ضمن التحالف الجديد الذي أعلنت عنه السعودية مؤخرا.

الغريب واللافت ان تلك في حد ذاتها مبادرة أردنية، فقد سبق للمؤسسة الأردنية ان دعمت دوما توحيد الصفوف في مواجهة ما يسمى بالإرهاب اعتمادا على الدور القيادي لمصر وخبراتها مع بقية الدول العربية القريبة من المملكة العربية السعودية.

الأردن وبصورة علنية خلف الكاميرات وأمامها اقترح مرات أن يتم الاعتماد على مصر في جانبين هما القوة العسكرية لمحاربة الإرهاب والمعنوية الدينية التي تمثلها مؤسسة الأزهر الشريف.

تلك مقترحات أردنية محضة رافقت الرئيس السيسي منذ توليه الرئاسة واستندت إلى فهم عمان الدبلوماسي لخبايا ما يقوله الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن ضرورة ان يواجه المسلمون وعلى رأسهم العرب القوى الظلامية المتشددة والاصولية.

هنا حصريا يلاحظ مفكر سياسي من وزن عدنان أبو عودة تحدث لـ «القدس العربي» ان الرئيس الأمريكي سبق ان أشار في احدى خطبه إلى ان التحدي الذي تواجهه المملكة العربية السعودية داخلي وليس خارجيا.

بهذا المعنى بادر الأردن قبل الجميع إلى اعتبار الإرهاب في المنطقة مشكلة تخص المسلمين أنفسهم وبرزت هذه المبادرة في سياق أحداث متعددة للعاهل الملك عبد الله الثاني.

ومن هذا المعنى يتحمس الأردن لمشروع التحالف الجديد بقيادة السعودية لا بل يعتبره مشروعه الوطني خصوصا وان عمان تجرأت وسبقت الجميع عمليا في الاشتباك المباشر مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وعلى أساس نظرية تقول ان جميع عناصر النظام الرسمي العربي بما فيها مصر والسعودية والأردن ودول الخليج في مرمى خطر المعطيات الإرهابية.

وفي المعنى نفسه يمكن التحدث عن استجابة سعودية وعربية متأخرة نوعا ما لمقترحات أردنية قديمة تحدثت مبكرا عن ضرورة توحيد الجهود في مكافحة الإرهاب.

ورغم الشروح التي تقدم بها وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان وعدم وجود تفصيلات عملياتية كما يرى الأتراك، إلا ان القيادة الأردنية استبقت الأحداث منذ أكثر من عامين وهي تطالب بجهود موحدة في مواجهة مخاطر التشدد.

بهذا المعنى أيضا فان الحديث السعودي عن تحالف جديد قوامه 34 دولة لن يقف فقط عند حدود محاربة داعش وله بالتأكيد منافع وأغراض أخرى، أي حساسيات في دولة مشتبكة علنا مع أبرز مجموعات التطرف في المنطقة مثل الأردن.

ما يثير الحساسيات في رأي كثير من المحللين هو التجاهل السعودي المتواصل للأوضاع المالية والاقتصادية السيئة في الجوار الأردني أثناء الاندفاع لتغطية وتلبية ولو بعض احتياجات الرئيس المصري وتجربته في الحكم.

لا يعترض الأردنيون اطلاقا على أي مساعدات سعودية يمكن ان تساهم في تجنب اعاقة الاستقرار العام في مصر.

لكنهم يعترضون وبصورة مكتومة على تنامي مشاعر الاحساس بالتنكر له وتجاهل أزمته الاقتصادية. فالحكومة الأردنية كادت تسقط قبل نحو اسبوعين وهي تحاول التخفيف من وطأة عجز الميزانية، والسعودية تعرف أن فاتورة النفط والطاقة تسبب عجزا في ميزانية الأردن حتى نهاية العام الحالي وصل إلى ثماني مليارات.

السعودية في المقابل على اطلاع واسع على حقيقة الأوضاع النفطية والمالية السيئة لجارها الأردني والآمال تضعف طوال الوقت في ان تنتبه الرياض لمعاناة عمان الاقتصادية ولا توجد قرائن أو أدلة على ان الحليف السعودي بصدد الاستدراك والعمل على اسقاط حسابات التجربة المصرية على العلاقات مع الأردن رغم الدور الأمني الحيوي الذي تلعبه عمان في حماية الأمن والحدود مع السعودية والدوران الدائم في فلك القيادة السعودية للنظام الرسمي العربي.

كذلك رغم وجود حدود مشتركة عريضة بين المملكتين.

قبل أكثر من عام اغتاظ الأردن من إعلان السعودية على هامش قمة شرم الشيخ وبصورة مفاجئة عن تقديم أربع مليارات للنظام المصري مع الاستمرار في تجاهل احتياجات حادة للأردن.

اليوم يتضاعف مقدار الدعم السعودي ويتكرر المشهد ويستمر تجاهل الأزمة الحادة اقتصاديا وماليا عند الجار الأردني.

الأردن الرسمي في موقف حرج عمليا فهو يؤيد دعم النظام المصري بل ويقترحه ويطالب به لكن سياسيين كثر في عمان مضطرون لاستمطار مقاربات ومقارنات تحاول تفسير استمرار عبور غيوم الكرم السعودي عبر الأجواء الأردنية باتجاه مصر دون أن تمطر ولو رذاذا على الأرض التي تعبر فوقها وفقا لتوصيف استخدمه رئيس سابق للوزراء في الأردن وهو يحاول تشخيص ما يجري.

  كلمات مفتاحية

الأردن السعودية السيسي مصر العلاقات السعودية الأردنية

الملك «سلمان»: 30 مليار ريال استثمارات إلى مصر والمساهمة في الاحتياجات البترولية لمدة 5 سنوات

40 مليار دولار قيمة الاستثمارات الخليجية في الأردن

«محمد بن سلمان» يبحث مع رئيس الأركان الأردنى تعزيز العلاقات على الصعيد الدفاعي

«الجبير» وزير الخارجية السعودي في عمّان

300 مليون دولار منحة من الكويت والإمارات لدعم الطاقة في الأردن