استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انتظرتنا فلسطين طويلا، فهل يطـول الانتظار؟!

الأحد 22 مايو 2022 01:59 م

انتظرتنا فلسطين طويلا، فهل يطـول الانتظار؟

رحل ترامب وتوقع الفلسطينيون أن يتراجع هؤلاء المطبعون الجدد الذين ربما أُكرهوا على التطبيع فإذا بهم يتمادون في تطبيعهم ويستكملون ما بدأه ترامب.

كلما حاول الفلسطينيون إنهاء الانقسام وتوحيد صفوفهم تحديا لقيود وشروط اتفاقيات أوسلو مع العدو الصهيوني، وجدوا أن الأنظمة العربية نفسها تدعم الانقسام وتغذيه وتتواطأ مع (إسرائيل).

حين بدأت أيدي (إسرائيل) تمتد إلى المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية، تصور الفلسطينيون أن الدول العربية والإسلامية لا يمكن أن تتركهم وحدهم بمواجهة العدوان الخطير .

فوجئ شعب فلسطين باستفحال الصمت والتواطؤ العربي الرسمي وتطوره تنسيقا وتطبيعا وتحالفا استراتيجيا كاملا مع (إسرائيل) في ذروة تنفيذها مخطط التقسيم الزماني للمسجد الأقصى.

* * *

فى عام 1948 انتظر الفلسطينيون وعد الدول العربية لهم بتطهير الأرض من العصابات الصهيونية وإعادة الـ ٨٠٠ ألف فلسطينى المُهجَّر والمطرود إلى ديارهم مرة اخرى خلال شهور قليلة، فانهزم العرب وانتصر الصهاينة واحتلوا مزيدا من الأرض وأصبح اللاجئون اليوم بالملايين.

فانتظروا الجولة الأخرى من الحرب بعد النكبة والهزيمة وتوقيع اتفاقيات "الهدنة المؤقتة"، فإذا بالهدنة تطول وتمتد لعقود طويلة، إلى أن تحولت فيما بعد إلى اتفاقيات سلام دائمة.

ومع ذلك قرروا الصبر والانتظار مجددا، فربما تتخلص ثورات وحركات التحرر العربية بعد الحرب العالمية الثانية، من الاستعمار وتحقق الاستقلال والوحدة وتعد القوة العربية اللازمة لتحرير فلسطين، فوقع عدوان ونكسة ١٩٦٧، وقررت الدول العربية تأجيل هدف تحرير فلسطين إلى ما بعد إزالة آثار العدوان.

فانتظرونا حتى نزيل هذه الآثار، فلم نستطع إزالتها إلى اليوم، إلا قليلا.

ثم قامت حرب ١٩٧٣ التي أسقطت أسطورة جيش (إسرائيل) الذي لا يقهر، فانتظروا الفرج. فإذا بمصر تنسحب من الصراع وتصالح العدو الصهيوني وتعترف به.

فانتظروا باقى الدول العربية في جبهة الصمود والتصدي أن تضطلع بهذا الدور، فانهارت الجبهة على صخرة الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 وغزو العراق للكويت 1991، وحرب تحرير الكويت 1992.

وحين حاول الفلسطينيون بناء قوتهم الذاتية والاعتماد على أنفسهم والاستقلال بمقاومتهم بعيدا عن هيمنة الدول العربية وأجنداتها واختراقاتها، وقاموا بالاشتباك مع العدو، تلقوا سلسلة من الضربات القاصمة والغادرة على ايدى الدول العربية بدءا بايلول الأسود 1970 ومرورا بتل الزعتر 1976 ثم بالاجتياح الإسرائيلي للبنان وطرد المقاومة ومذبحة صابرا وشاتيلا مع صمت وتواطؤ عربي رسمي عام 1982.

لتتعرض قيادتهم في المنافي إلى ضغوط عربية هائلة بتوجيهات وتعليمات أمريكية، بان يلقوا السلاح ويعترفوا (بإسرائيل) ويتنازلوا لها عن 78% من فلسطين، ويكتفوا بالمطالبة بالضفة الغربية وغزة فقط. لتنكسر منظمة التحرير وترضخ وتخضع، بينما رفضت غالبية شعب فلسطين وأفرخت أجيالا جديدة وبديلة من حركات مقاومة.

وبدلا من الاحتضان العربي الرسمى لحركات المقاومة الوليدة ودعمها بكل السبل، حاصرتها غالبية الانظمة العربية، وتبنت الموقف الأمريكي الصهيوني بتصنيفها كمنظمات ارهابية.

وحين فرض الاحتلال حصارا قاتلا على غزة منذ 2007، انتظر الفلسطينيون أن نقوم بفك الحصار وكسره ونفتح لهم ابوابنا ومعابرنا، فإذا بِنَا نشارك في حصارهم.

وحين قامت (إسرائيل) بحروبها العدوانية المتكررة على غزة وأسقطت آلاف الشهداء، وانتظر الفلسطينيون الدعم والتضامن العربي. فاذا بهم يصدمون بمواقف عربية منحازة للعدو، وأخرى تكتفى بدور الوسيط.

وبعد ان ينتهى العدوان ويهدأ غبار المعارك، ويطالب الفلسطينيون باعمار ما دمرته الحرب، يتداعى المجتمع الدولي والدول العربية معا، مطالبين بنزع سلاح المقاومة كشرط للاعمار.

وحين ييأس الفلسطينيون من الأنظمة العربية وينظرون إلى الشعوب العربية لعلها تغضب وتثور وتصحح الأوضاع وتسقط المعاهدات على طريقة الشعار الشهير "علشان نحرر القدس، لازم نحرر مصر". فإذا بهم يجدونها مكبلة بالتبعية والاستبداد والفقر ومحظور عليها مواجهة (إسرائيل) أو دعم فلسطين.

فلما قامت الثورات العربية انتظر الفلسطينيون مجددا ان تتحرر الشعوب العربية من التبعية وتصنع الحرية وتبنى دولها الحديثة المستقلة القادرة على العودة لدعم القضية الفلسطينية فاذا بفلسطين تختفى من برامج وأجندات غالبية قوى الثورة تجنبا لاستفزاز الأمريكان ومجتمعهم الدولي! إلى أن قام الأمريكان ومجتمعهم الدولي بقيادة التحالف العربي والإقليمي لإجهاض هذه الثورات.

وبعد تعثر وفشل الثورات العربية، عادت الأنظمة العربية القديمة لتصبح ومعها كل النظام الرسمي العربي، أكثر تجاهلا وتهميشا للقضية الفلسطينية، وأكثر عداءا لحركات المقاومة، وأكثر قربا مع (إسرائيل).

بل حين أطلق الرئيس الأمريكي "ترامب" رصاصة الرحمة على عملية السلام 1993-2021 تحت اسم "صفقة القرن" التي أعطت القدس والجولان وحق الاستيطان بلا حدود (لإسرائيل)، وانتظر الفلسطينيون من النظام العربي الرسمي أن ينتفض ويعلن رفضه وغضبه من غدر الحليف والراعي الأمريكي، ويقرر الانسحاب من كل اتفاقيات ومبادرات السلام، ولكنهم فوجئوا بالعكس تماما، حيث هرولت عديد من الدول والدويلات العربية لمباركة الصفقة وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية مع (إسرائيل) بل والارتماء في أحضانها.

وحين رحل ترامب، توقع الفلسطينيون أن يتراجع هؤلاء المطبعون الجدد الذين ربما أُكرهوا على التطبيع بسبب خوفهم الشديد من غضب الرئيس الأمريكي الراحل، فاذا بهم بعد رحيله، يتمادون في تطبيعهم ويستكملون ما بدأه ترامب ووضع أسسه.

ومن ناحية أخرى، كلما حاول الفلسطينيون إنهاء الانقسام الفلسطينى وتوحيد صفوفهم في تحدى لقيود وشروط اتفاقيات أوسلو مع العدو الصهيوني، وطلبوا دعم الدول العربية لمواجهة الضغوط الإسرائيلية والأمريكية، اكتشفوا ان الأنظمة العربية نفسها تدعم الانقسام وتغذيه وتتواطأ مع (إسرائيل) لإجهاض اى وحدة او توافق.

وحين بدأت أيدى (إسرائيل) تمتد إلى المسجد الأقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية، تصور الفلسطينيون ان الدول العربية والإسلامية لا يمكن ان تتركهم وحدهم في مواجهة هذا العدوان الخطير الذي يمس المقدسات الدينية "المشتركة" التى لا تخص الفلسطينيين وحدهم، وأنها حتما ستقدم كل أنواع الدعم والتضامن والضغط على المجتمع الدولي لإنقاذ القدس والمقدسات من براثن الاحتلال والتهويد، ففوجئوا بدلا من ذلك ان الصمت والتواطؤ العربي الرسمي قد استفحل وتطور إلى تنسيق وتطبيع وتحالف استراتيجي كامل مع (إسرائيل)، في ذروة قيامها بتنفيذ مخطط التقسيم الزماني للمسجد الأقصى.

والقائمة تطول ..

لقد انتظرتنا فلسطين طويلا ولا تزال، فهل يطول الانتظار؟

* محمد سيف الدولة ناشط وباحث مصري في الشأن الصهيوني

المصدر | ذاكرة الأمة

  كلمات مفتاحية

فلسطين، إسرائيل، إزالة آثار العدوان، حرب أكتوبر، الثورات العربية، الشعوب العربية، اتفاقيات أوسلو، العدو الصهيوني، المطبعون الجدد، ترامب،