استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بايدن رئيس حرب مع روسيا والصين

الخميس 26 مايو 2022 02:10 م

بايدن رئيس حرب مع روسيا والصين

هل يعقل أن تعود هذه البلاد إلى سياسة انعزالية مع امتلاكها 750 قاعدة عسكرية منتشرة في جميع القارات؟

تسارع مسار تفكك العولمة أحد المفاعيل الرئيسية لاستراتيجية الاستقطاب وتسعير الصراعات المتبعة من قبل الإدارة الأميركية.

كيف لا تسعى أميركا لشن الحروب عندما تُعَرّف مهمة قواتها العسكرية بتأمين السيطرة الشاملة في جميع ميادين الحرب برا وبحرا وجوا وفضاء والفضاء السيبراني؟

«حكماء» المؤسسة السياسية العسكرية الأميركية، وآخرهم هنري كيسنجر، لم يكلوا من تكرار التحذير من مغبة الصدام مع العملاقين، دون أن يلقوا آذاناً صاغية.

إعلان بايدن عن استعداد بلاده للتصدي عسكريا لأي تدخّل صيني في تايوان أنهى سياسة الغموض البناء المعتمدة من قبل الإدارات الأميركية بما فيها إدارة ترامب، حيال مسألة تايوان.

يفاقم جموح الإمبراطورية العسكرية يقين نخبها الحاكمة بالتراجع المستمر والمتسارع لهيمنتها وقدرتها على السيطرة، وصعود قوة منافسة بكل المجالات كالصين أو سياسيا وعسكريا كروسيا.

* * *

مع إعلانه عن استعداد بلاده للتصدي عسكرياً لأي تدخّل صيني في تايوان، أنهى الرئيس جو بايدن سياسة «الغموض البناء»، المعتمدة من قبل الإدارات الأميركية المتعاقبة، بما فيها إدارة ترامب، حيال «مسألة تايوان».

فريزر نيلسون، ناشر مجلة «سبيكتايتور» البريطانية المحافظة، لفت، في مقال على موقعها، أن بايدن حرص في المؤتمر الصحافي الذي عقده في طوكيو على الرد بالإيجاب على سؤال حول إمكانية مشاركة الولايات المتحدة مباشرةً في مواجهة عسكرية مع الصين، وعلى التأكيد، بعد تكرار السؤال، إلى أنها ستقوم بذلك «بناءً على التزاماتها»، رغم «عدم وجود مثل هذه الالتزامات»، يضيف نيلسون.

لم يصدر أي موقف عن مسؤولين أميركيين بهذا المعنى في الماضي. اعتقد العديد من الخبراء أن سياق الحرب الأوكرانية سيدفع الإدارة الأميركية لتخفيض حدة التوتر، ولو مؤقتاً، مع بكين، للتركيز على مجابهة روسيا، واستندوا في ذلك إلى اللقاءات والمكالمات بين مسؤولين من البلدين حض خلالها الأميركيون نظراءهم الصينيين، باسم المصالح المشتركة الضخمة بين البلدين، وبداعي الحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي العالمي، على ضرورة عدم دعم التدخل الروسي في أوكرانيا. تأتي الوقائع مرة أخرى لتكذب مثل هذه التحليلات.

التصريحات التي أطلقها بايدن خلال جولته الآسيوية تظهر مضيه باستراتيجية احتواء «حامية» ضد بكين، ورغبة في زج القارة الآسيوية في خضم المعركة الدائرة على الأرض الأوكرانية، ما يثبت مجدداً طابعها العالمي.

واشنطن تبادر إلى محاولة إعادة رسم الخط الفاصل بين الحلفاء والأعداء على النطاق الدولي، أو بين «الديمقراطيات والأنظمة السلطوية» بحسب خطابها الأيديولوجي الأجوف، غير آبهة بتداعيات هذا الأمر على العولمة الاقتصادية و«تداخل المصالح» بين بلدان المعمورة الذي نجم عنها.

بين المؤشرات البارزة على هذه التداعيات تحول «منتدى العولمة» في دافوس إلى ناد غربي شبه حصري. سارع البيت الأبيض، بعد كلام بايدن في طوكيو، إلى التعقيب عليه، لنفي ما تضمنه من قطيعة مع المقاربة الرسمية السابقة حيال تايوان، والتأكيد على تمسك واشنطن بسياسة «صين واحدة».

لن تنجح جهود التأويل التي يبذلها موظفوه في إقناع القادة الصينيين بأن ما جرى هو مجرد هفوة من الرئيس الأميركي لأن «هفواته» السابقة تجاه روسيا ورئيسها، عندما وصف بوتين بالقاتل أوّل العام الماضي، وبمجرم الحرب الذي ينبغي إزاحته عن السلطة منذ أكثر من شهر، رغم التوضيحات التي تلتها من البيت الأبيض، اتضح أنها سياسة الولايات المتحدة الفعلية.

بيان الخارجية الصينية، الذي توعد واشنطن بأنها «ستدفع ثمناً لا يطاق إذا واصلت السير في الطريق الخطأ بشأن تايوان»، وبأنها «أخلت بالوعود وحرضت سرّاً وعلناً ودعمت الأنشطة الانفصالية فيها»، عكس قناعات هذه القيادة.

تزامن هذا البيان مع دورية مشتركة لقاذفات روسية وصينية فوق بحر اليابان وبحر الصين الشرقي، هي بمثابة رسالة لا تحمل الالتباس لمن يهمّه الأمر في واشنطن.

«حكماء» المؤسسة السياسية-العسكرية الأميركية، وآخرهم هنري كيسنجر في منتدى دافوس المنعقد حالياً، لم يكلوا من تكرار تحذيراتهم من مغبة الصدام مع العملاقين الصيني والروسي في الآن نفسه، من دون أن يلقوا آذاناً صاغية.

يرى وليم أستور، الضابط المتقاعد في سلاح الجو الأميركي وأستاذ التاريخ، في مقال على موقع «توم ديسباتش»، أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تتخلص مما يسميه «إدمانها على الحرب» لأسباب مرتبطة بموقع المجمع الصناعي-العسكري المركزي في بنية السلطة فيها، وارتباط قطاع عظيم من نخبها السياسية به.

يقول أستور إن «الحرب استثمار يحقق أرباحاً هائلة، مع أن الكثير من الأميركيين لا يعون ذلك… عندما تحلل سياسة الحرب الشاملة، ينبغي النظر إلى بنية الجيش الأميركي ومهامه.

هل يعقل أن تعود هذه البلاد إلى سياسة انعزالية مع امتلاكها 750 قاعدة عسكرية منتشرة في جميع القارات؟ كيف لا تسعى لشن الحروب عندما تعرف مهمة قواتها العسكرية على أنها تأمين السيطرة الشاملة في جميع ميادين المعركة براً وبحراً وجواً وفضاء وكذلك في الفضاء السيبراني؟

ماذا تتوقعون عندما تكون ميزانيتها العسكرية مساوية لميزانية 11 دولة التي تليها في تراتبية القوة العسكرية مجتمعة، وعندما يقوم البنتاغون بتقسيم مختلف أنحاء العالم إلى مناطق خاضعة لقيادة غرف عسكرية أميركية بإشراف جنرالاته، كما درجت عليه الحال في زمن الإمبراطورية الرومانية؟ كيف لا تريدون في مثل هذه الظروف ألا يؤمن المسؤولون في هذه البلاد بأن مصلحتها تكمن في الحرب في كل مكان؟».

وما يزيد من جموح الإمبراطورية العسكرية هو يقين نخبها الحاكمة بالتراجع المستمر والمتسارع لهيمنتها وقدرتها على السيطرة، والصعود الصاروخي لقوة منافسة في جميع المجالات كالصين، أو في الميادين السياسية والعسكرية كروسيا.

تسعير الصراع معهما، والدفع نحو الاستقطاب على صعيد دولي بين معسكرين، بخاصة بعد أن رأت نزوعاً لدى غالبية دول الجنوب للنأي بالنفس حيال الحرب الأوكرانية، هما بين السبل التي تعتمدها لمحاولة الحد من تراجع موقعها المهيمن وتثبيته مجدداً.

قد يكون تسارع مسار تفكك العولمة بين المفاعيل الرئيسية لاستراتيجية الاستقطاب وتسعير الصراعات المتبعة من قبل الإدارة الأميركية. فما تتطلبه هذه الاستراتيجية من فسخ للشراكات في المجالات الاقتصادية والمالية، وفي ميدان الطاقة، بين الغرب وبين روسيا، وعلى الأغلب في المستقبل القريب مع الصين، نتيجة للارتفاع التدريجي، ولكن المستمر، لحدة التوترات معها، سيفضي إلى إعادة صياغة العلاقات الاقتصادية الدولية والشراكات وحركة المبادلات.

ستطغى الاعتبارات الاستراتيجية لدى أفرقاء الصراع على ما عداها. ومن النافل قوله إن التظاهرات الاستعراضية التي راجت في زمن العولمة السعيدة، كمنتدى دافوس، قد فقدت جاذبيتها اليوم. من يقارن بين الخطاب الحماسي للرئيس الصيني في هذا المنتدى منذ 5 سنوات، وبين ضعف مشاركة بلاده في ذلك المنعقد حالياً، يدرك عمق القطيعة التي شهدها العالم.

عندما كان مرشحاً رئاسياً، وعد جو بايدن الأميركيين، بأنه، في حال فوزه، سيعتمد سياسة خارجية تخدم مصالح الطبقات الوسطى في بلاده. شرح كيفية خدمة سياسته الحالية لهذا الهدف ستكون مهمة بالغة الصعوبة.

* د. وليد شرارة كاتب وباحث في العلاقات الدولية

المصدر | الأخبار

  كلمات مفتاحية

أميركا، الصين، روسيا، تايوان، رئيس حرب، بايدن، الغموض البناء، استقطاب،

افتتاح جسر عبر الحدود بين روسيا والصين

هل تفشل الصين مساعي بايدن لتحسين علاقات أمريكا مع السعودية؟