هل عدل «الناتو» سياساته التركية؟

الخميس 30 يونيو 2022 05:22 ص

هل عدل «الناتو» سياساته التركية؟

أعادت حرب أوكرانيا صياغة أولويات الجميع مانحا تركيا مجال مناورة أوسع.

قمة الحلف، التي بدأت أمس الأربعاء، في العاصمة الإسبانية مدريد، ستشهد، أخيرا، موافقة تركيا على دخول هذين البلدين إلى الحلف.

رفعت حرب أوكرانيا رصيد تركيا في المعادلات الجديدة وأعطت قيادتها أوراقا كبيرة لتسديد حسابات مفتوحة مع بعض دول أوروبا وخاصة أمريكا.

بوتين اعتبر خذلان «البيت الأبيض» والناتو لتركيا في 2015 ضوءا أخضر له للتوسع العسكري بأماكن أخرى من العالم، وهو ما أدى، بالنتيجة، لاجتياح أوكرانيا.

تجاهلت أمريكا مصالح تركيا الحيوية في قضايا إقليمية وأمنية وشهدت علاقات البلدين، بعد 2011، توترا عاليا حول دعم أمريكا حزب العمال الكردستاني في سوريا.

ليس واضحا إن كانت الأولويات دفعت أمريكا وأوروبا لتقدير أهمية تركيا كمجال حيوي لعلاقات إقليمية وعالمية أو لتخفيف انحيازات الغرب الأيديولوجية والدينية ضد تركيا.

واشنطن ما تزال تجمد صفقة الطائرات المقاتلة أف 16 التي تحاول أنقرة إتمامها منذ سنوات، كما أن الموقف الأمريكي بالنسبة لـ«حزب العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» التابعة له في سوريا لا يبدو محسوما بعد.

* * *

عطلت تركيا، العضو في حلف الأطلسي منذ عام 1952 قرار انضمام السويد وفنلندا وذلك على خلفية دعم البلدين لنشاطات حزب العمال الكردستاني، وفروعه العديدة، بمسميات مختلفة، في سوريا، والذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية، غير أن الأنباء الواردة تقول إن قمة الحلف، التي بدأت أمس الأربعاء، في العاصمة الإسبانية مدريد، ستشهد، أخيرا، موافقة تركيا على دخول هذين البلدين إلى الحلف.

جاء تغيير السويد وفنلندا موقف الحياد الذي اتبعته الدولتان تجاه الانضمام للحلف، والذي دام قرابة سبعين عاما، كرد فعل من حكومتيهما على الغزو الروسي لأوكرانيا، الأمر الذي اعتبرته الدول الأوروبية كافة خطرا كبيرا عليها، وحدثا غيّر معادلات السياسة المستقرة نسبيا منذ الحرب العالمية الثانية.

رفعت الحرب الأوكرانية، من جهة أخرى، رصيد تركيا في المعادلات الجديدة المتشكلة، وأعطت قيادتها أوراقا كبيرة لتسديد حسابات مفتوحة مع بعض الدول الأوروبية، وعلى الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية، التي تجاهلت مصالح أنقرة الحيوية في قضايا إقليمية وعسكرية وأمنية، وقد شهدت العلاقات بين البلدين، وخصوصا بعد عام 2011، الكثير من التوتر العالي، سواء في مجال دعم «الكردستاني» في سوريا، أو في قضايا خطيرة أخرى.

كان إسقاط أنقرة لطائرة مقاتلة روسية، عام 2015، ومعالم المواجهة مع الكرملين، مناسبة لإظهار التناقض في موقف واشنطن من حليف رئيسي، وغضا للنظر عن سيطرة الكرملين المتزايدة على الجغرافيا السورية التي تجسدت في تحول مطار احميميم ومرفأ طرطوس إلى قاعدتين متقدمتين مطلتين للجيش الروسي على البحر الأبيض المتوسط.

من غير المعلوم، إن كان لهذا القرار الخطير دور في محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي جرت في تركيا عام2016، لكن المعلوم الأكيد هو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتبر خذلان «البيت الأبيض» وحلف الأطلسي لتركيا ضوءا أخضر له للتوسع العسكري في أماكن أخرى من العالم، وهو ما أدى، بالنتيجة، إلى الاجتياح الروسي لأوكرانيا.

في سياق موافقة تركيا، أخيرا، على انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف أعلن الرئيس رجب طيب اردوغان أن «تعاونا كاملا» قد حصل من البلدين بخصوص الموقف من «حزب العمال الكردستاني»، وأن البلدين قاما برفع حظر تصدير الأسلحة منهما لأنقرة.

تعتبر هذه التطورات تغييرا مهما لصالح تركيا، غير أن الطريق للوصول إلى تقدير حقيقي من قبل «الناتو» للدور الحيوي التركي في معادلات السياسة العالمية المستجدة لا يبدو محسوما، فواشنطن ما تزال تجمد صفقة الطائرات المقاتلة أف 16 التي تحاول أنقرة إتمامها منذ سنوات، كما أن الموقف الأمريكي بالنسبة لـ«حزب العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» التابعة له في سوريا، لا يبدو محسوما بعد.

لدى أنقرة، تحفظات متبادلة مع واشنطن، والمنظومة الأوروبية، غير أن الحدث الأوكراني أعاد صياغة الأولويات لدى الجميع، وأعطى تركيا مجالا أوسع للمناورة، وإذا كان من غير الواضح أن هذه الأولويات دفعت أمريكا وأوروبا إلى تقدير أهمية تركيا الكبرى كمجال حيوي للعلاقات الإقليمية والعالمية، أو لتخفيف الانحيازات الغربية، الأيديولوجية والدينية، تـجاه تركيا.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تركيا، الناتو، السويد، فنلندا،سوريا، أمريكا، أوروبا، حزب العمال الكردستاني، حرب أوكرانيا،