قمة طهران الثلاثية.. دوافع مختلفة وانعكاسات غامضة على الواقع السوري

الجمعة 29 يوليو 2022 09:34 م

بعد 3 أيام من رحلة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى الشرق الأوسط، استضافت طهران الرئيسين الروسي "فلاديمير بوتين" والتركي "رجب طيب أردوغان".

وعُقد هذا الاجتماع الثلاثي في إطار القمة السابعة لرؤساء الدول الراعية لمحادثات أستانا بشأن عملية السلام في سوريا. 

وأعلنت الأطراف الثلاثة أن الاجتماع القادم سيعقد في روسيا قبل نهاية عام 2022. ولكن ما هي دوافع تركيا وروسيا وإيران لعقد هذه القمة تحديدا؟ وما هي عواقب هذه القمة على الأزمة السورية؟

العمليات ضد المسلحين الأكراد

بالنسبة لتركيا، كان من المهم حضور هذه القمة في ظل التحضيرات لعملية عسكرية واسعة في الشمال السوري. ومنذ أشهر، يهدد "أردوغان" بشن عملية لإنشاء "منطقة آمنة" من شأنها أن تدفع المسلحين الأكراد على بعد 30 كيلومترًا (19 ميلًا) من الحدود التركية.

وتسيطر "وحدات حماية الشعب" الكردية على مدن تل رفعت ومنبج التي تقع غرب نهر الفرات، وتعتبر أنقرة "وحدات حماية الشعب" جماعة إرهابية وتقول إن المجموعة مرتبطة بالمقاتلين المسلحين المحليين الذين ينتمون إلى "حزب العمال الكردستاني"، الذي تصنفه تركيا أيضًا كـ"منظمة إرهابية".

وخلال الاجتماع، أشار "أردوغان" إلى أن تركيا أبرمت اتفاقًا مع موسكو وواشنطن في عام 2019، وكان من المفترض أن تساعد كل من روسيا والولايات المتحدة على طرد المسلحين الأكراد لمسافة 30 كيلومترًا من الحدود.

لهذا السبب، كان اجتماع طهران فرصة لـ"أردوغان" لتذكير القادة الحاضرين بالتهديدات الأمنية التي تتعرض لها بلاده.

وحاول "أردوغان" تأمين شرعية للعملية المرتقبة بحيث يتم الاعتراف بها علي المستوى الإقليمي والدولي باعتبارها "عملية لمكافحة الإرهاب" وليست "تدخلًا وغزوا للأراضي السورية".

وفي هذا الصدد، قال "أردوغان" لقادة روسيا وإيران إنه "يتوقع دعمهم الكامل في معركة أنقرة ضد الإرهابيين في سوريا".

روسيا تؤكد حضورها

بالنسبة لروسيا، كانت القمة فرصة لإثبات حضورها في المنطقة. فبعد اندلاع الحرب الأوكرانية، انتشرت تقارير حول تقليص القوات الروسية في سوريا وإعادة نشرها في أوكرانيا، ويمكن أن يخلق ذلك فراغًا تستغله إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا.

وفي هذه الحالة، ستزيد إسرائيل من الهجمات الجوية على المواقع والقواعد العسكرية الإيرانية في سوريا، حيث تشعر تل أبيب بالقلق من تقدم إيران ووكلاؤها مثل "حزب الله" اللبناني.

كما يمكن للولايات المتحدة استغلال هذا الفراغ لتعزيز وجودها العسكري شرق الفرات، ويمكن أن تدير تركيا عمليات عسكرية مفتوحة في المناطق الكردية شمالي سوريا.

لذلك، كانت قمة طهران فرصة لـ"بوتين" لإرسال رسالة لجميع اللاعبين في سوريا، مفادها: لم تفقد روسيا تركيزها وقوتها العسكرية في سوريا بسبب أوكرانيا.

وبعد عدة سنوات من الوجود العسكري والنفقات المالية في سوريا، تحاول روسيا الحفاظ على مكانتها ودورها في العملية السياسية في سوريا، ولا تريد أن تخاطر بخسارة مشاريع الاقتصاد والبنية التحتية هناك. وترى روسيا استمرار وجودها العسكري في سوريا على أنه ورقة نفوذ ضد الغرب في أزمة أوكرانيا.

إيران تطرح مخاوفها الأمنية

بالنسبة لإيران، وفرت القمة فرصة لطرح مخاوفها العسكرية والأمنية في سوريا. وعلى وجه الخصوص، كانت طهران قلقة بشأن 3 قضايا: الهجمات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا، والوجود العسكري الأمريكي شرق الفرات، والعمليات العسكرية التركية في المناطق الكردية غرب الفرات.

وخلال اجتماع مع "أردوغان"، ذكر المرشد الأعلى "علي خامنئي" أن أي هجوم عسكري على شمال سوريا سيكون ضارًا بسوريا وتركيا والمنطقة. أما مع "بوتين"، فقد ذكر المرشد الأعلى أن "إيران تعارض الوجود العسكري الأمريكي في الجانب الشرقي الخصيب والغني بالنفط من نهر الفرات".

وفي أعقاب قمة  طهران، أكد الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي"، في مؤتمر صحفي مع "بوتين" و"أردوغان"، أن "الوجود الأمريكي شرق الفرات غير مبرر، لذلك يجب على الأمريكيين الانسحاب". وفي نهاية الاجتماع، وصل وزير الخارجية السوري "فيصل مقداد" إلى طهران للتعرف على نتائج القمة وإبلاغها للحكومة السورية.

العواقب على سوريا

ومع ذلك، فإن الوضع على الأرض في سوريا لا يزال معقدًا بشكل كبير. ويرجع ذلك جزئيًا إلى اختلاف التصورات عن التهديدات في إيران وروسيا وتركيا.

تشترك طهران وموسكو في موقف معارض للعمليات العسكرية التركية في شمال سوريا والوجود العسكري الأمريكي شرق الفرات؛ ومع ذلك، تختلف كلتا الحكومتين في وجهات النظر المتعلقة بالعمليات العسكرية لإسرائيل في سوريا.

وفي السنوات الأخيرة، لم تقدم روسيا حماية للمواقع الإيرانية ضد الغارات الجوية الإسرائيلية. ومع تصاعد الاختلافات بين موسكو وتل أبيب بشأن أوكرانيا، تأمل طهران أن تتعاون كل من روسيا وإيران وتنسقا أكثر في مواجهة العمليات العسكرية الإسرائيلية.

وفي هذا الصدد، أشاد المرشد الأعلى "علي خامنئي" بموقف الرئيس الروسي الأخير "المعادي للصهيونية".

وبالنسبة لتركيا، فإن التهديد الرئيسي هو الأكراد وليس إسرائيل والولايات المتحدة. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت قمة طهران، وكذلك اجتماع  رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء "محمد باقري" مع وزير الدفاع التركي "خلوصي أكار"، سيؤثران على قرار تركيا بشأن العملية العسكرية المرتقبة في المناطق الكردية شمالي سوريا.

وخلال الاجتماع مع "بوتين" ورئيسي"، قال "أردوغان": "أنتم تقولون إنكم تتفهمون مخاوف تركيا، ونشكركم على هذا، لكن الكلمات وحدها ليست كافية". لهذا السبب، فعندما عاد "أردوغان" إلى أنقرة، قال: "إن العملية العسكرية ستبقى على أجندة تركيا طالما أن هناك تهديدًا إرهابيًا قادمًا من دولة مجاورة".

لذلك، يبدو أن تركيا ستستمر في مساعيها لتنفيذ العملية العسكرية في شمال سوريا، ولكن على مستوى أكثر محدودية، ومع زيادة التشاور مع روسيا وإيران.

المصدر | فالي كاليجي/جيمس تاون - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بوتين رئيسي أردوغان قمة ثلاثية قمة طهران عملية أستانا سوريا وحدات حماية الشعب منطقة آمنة حزب العمال الكردستاني حرب أوكرانيا إسرائيل حزب الله الولايات المتحدة