استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لماذا ترفض اليونان يد تركيا الممدودة إليها؟

الخميس 29 سبتمبر 2022 02:30 م

لماذا ترفض اليونان يد تركيا الممدودة إليها؟

تعتبر اليونان تعاونها مع أمريكا وفرنسا، والدعم الذي تحصل عليه من الاتحاد الأوروبي، بمثابة فرصة لمضايقة الجانب التركي.

يعلم الشارع التركي أن دولا غربية تقف وراء رفض رئيس الوزراء اليوناني ليد يمدها لهم الرئيس أردوغان وهدفها التأثير على انتخابات تركيا في 2023.

بانهيار الإمبراطورية الرومانية وقع تغيير عرقي كبير باليونان جراء غزوات قبائل جرمانية ثم السلاف بالقرن 8 واستولوا على البلد وانتهى بذلك العرق اليوناني.

تنتهج اليونان سياسة استفزاز تركيا وإظهارها «عدوانية» وتقديم شكاوى ضدها لدى أمريكا والاتحاد الأوروبي، هناك جشع وسوء تقدير وراء هذا السعي.

يحاول ميتسوتاكيس فرض مطالب يونانية متطرفة على تركيا بالأمر الواقع ببحر إيجة وشرق المتوسط، ويسلح جزيرتي ميديلّي وسيسام بعربات مدرعة في انتهاك للقانون الدولي.

* * *

عاد التوتر من جديد على العلاقات التركية – اليونانية مؤخرا في ظل سياسة ذات وجهين ينتهجها رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، ضد تركيا.

فهو يحاول أن يفرض المطالب اليونانية المتطرفة على أنقرة بسياسة الأمر الواقع في بحر إيجة وشرق البحر الأبيض المتوسط، فقد قام الجيش اليوناني مثلا قبل أيام بإقفال رادارات المقاتلات التركية المشاركة في مهمة لحلف الناتو، واستمر في تسليح جزيرتي «ميديلّي» و«سيسام» بعربات مدرعة في انتهاك للقانون الدولي من جهة.

ومن جهة أخرى، يتحدث ميتسوتاكيس عن فكرة المصالحة، كما قال في خطابه خلال اجتماع الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وحرص هناك على استخدام خطاب مفاده أن اليونان لا تشكل تهديدا لتركيا، وهي ليست عدوا بل جارة.

وبهذه الطريقة، يحاول أن ينتهج سياسة تضايق وتستفز الجارة تركيا، وأن يظهر الأخيرة بأنها «عدوانية» عبر تقديم شكوى ضدها لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، هناك جشع كبير وسوء تقدير يكمنان وراء هذا السعي.

من الواضح أن السبب الأساسي وراء انزعاج اليونان في السنوات الأخيرة، هو ارتقاء قوة تركيا إلى مستوى أعلى في الساحة الدولية، كما أن توسع وجود تركيا العسكري من سوريا والعراق وليبيا إلى قره باغ في الفترة الماضية، وبروز قيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في جهود الوساطة خلال الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، يعدان من التطورات اللافتة للانتباه في العالم.

وتعتبر اليونان تعاونها مع الولايات المتحدة وفرنسا، والدعم الذي تحصل عليه من الاتحاد الأوروبي، بمثابة فرصة لمضايقة الجانب التركي. وتدعم واشنطن أيضا سياسة حكومة ميتسوتاكيس لتحقيق التوازن بين نفوذ تركيا في المنطقة وترسيخ نفسها بقوة أكبر في غرب البلقان وجنوب شرق أوروبا.

من الضروري في هذا الصدد التطرق إلى التاريخ اليوناني، فعندما يتم ذكر تاريخ بحر إيجة والتاريخ اليوناني، عادة ما يتبادر إلى الذهن تاريخ أجداد اليونانيين الموجودين حاليا، وأول دراسة أجريت لمعرفة حقيقة هذا التاريخ من قبل المؤرخ المعروف في بدايات القرن العشرين جاكوب فيليب فالمير.

عندما نشر فالمير دراسته ضمن كتاب عام 1930، تبين أن العرق اليوناني في أوروبا قد انتهى مع هجرات السلاف بالقرن الثامن، فالغزوات التي جرت إبان انهيار الإمبراطورية الرومانية تسببت أحدثت تغييرا عرقيا كبيرا، وكان الغزاة الأوائل قبائل جرمانية مثل القوط والوندال، تلاهم الهون والآفار.

وفي القرن الثامن، هاجر السلاف إلى اليونان، واستولوا على هذا البلد، وكان لهم دور مؤثر في إفساد العرق اليوناني. لم ينته التغيير في التركيبة السكانية لليونان بغزو السلاف، فقد تعرض هذا البلد للغزو من قبل الفرنجة في القرن الثاني عشر، والألبان في القرن الرابع عشر.

وجاء الأتراك في القرن الخامس عشر وأصبحوا سادة اليونان. وهكذا تعرفت اليونان على الثقافة التركية الإسلامية. وكما يتضح من كل ما ذكرناه، من الصعب التفكير في أن اليونانيين الحاليين هم اليونانيون القدماء نفسهم من حيث العرق والثقافة.

ورغم عدم بقاء روابط أخرى بينهما باستثناء الأحرف الأبجدية واللغة التي يتحدثون بها، فإن اليونان الموجودة في الوقت الراهن هي أرض اليونانيين القدماء. ومثلما كان القدماء، يطلق اليونانيون في يومنا على أنفسهم اسم «إيلين» (Elen)، وأصلها «هيللين» (Hellen). والبلد الذين يعيشون فيه، أي اليونان، حافظ على اسمه منذ فترة اليونان القديمة، وهو «هيلاس»(Hellas) أو «إيلاس» (Ellas) في شكله المعاصر.

لكن المكان الذي وضعت فيه أسس الحضارة اليونانية القديمة، ليس في أراضي اليونان الحالية، بل في المدن الأيونية التي أنشئت في المناطق التركية المطلة على بحر إيجه حاليا، فمثلا، عاش هوميروس، مؤلف الملاحم (الإلياذة والأوديسة) التي تعتبر أولى مؤلفات الأدب الغربي الكلاسيكية، في إزمير التركية، وكانت تُعرف سابقا باسم سميرنا. كما عاش هيرودوت، الذي يعتبر أول مؤرخ بالعالم، في مدينة بودروم التركية.

خلاصة الكلام؛ من الواضح جدا أن دول الغرب تحرض اليونان، التي يبلغ عدد سكانها الحاليين 10 ملايين، ضد تركيا. ومن المعلوم أن الدول الغربية وقفت دائما بجانب اليونان ضد تركيا لأسباب ثقافية ودينية، ويعيش في الأراضي اليونانية حاليا أكثر من 150 ألف تركي، ولم يكن الرأي العام التركي يرى في اليونان خطرا كبيرا حتى وقت قريب، رغم الانطباع الذي تشكل بحقها في حرب الاستقلال التي أطلقتها عام 1920. لكن في المقابل، كانت تركيا ولا تزال في قلب هواجس ومخاوف السياسة اليونانية منذ سنوات طويلة.

ويعلم الشارع التركي جيدا بأن بعض الدول الغربية تقف وراء رفض رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس، لليد التي يمدها لهم الرئيس أردوغان. أمّا الهدف المزعوم لتلك الدول، فهو التأثير على الانتخابات التركية المزمع إجراؤها عام 2023.

*توران قشلاقجي كاتب تركي

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

اليونان تركيا بحر إيجه شرق المتوسط تسليح أردوغان ميتسوتاكيس الغرب الانتخابات التركية فرنسا أمريكا

أنقرة تدعو أثينا للحوار ووقف الاستفزازات: تفضلوا لتركيا أو نأتيكم

وزير الدفاع التركي: استعدادات للقوات البحرية والجوية ردا على انتهاكات اليونان في إيجه