استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أردوغان في قمة سمرقند.. دلالات ورسائل

السبت 8 أكتوبر 2022 01:51 م

أردوغان في قمة سمرقند.. دلالات ورسائل

توازن القوى مع الغرب وأميركا تحديدا ليست في صالح تركيا، التي إن امتلكت بعض أوراق القوة فالطرف الآخر يملك أكثر منها.

لا تريد تركيا الانفصال عن الغرب بالكامل (ولا تستطيعه)، بل تريد تنويع العلاقات بما يمنحها مزيدا من المرونة والاستقلالية في سياساتها الخارجية.

حملت مشاركة أردوغان والوفد التركي الرفيع في قمة سمرقند دلالات مختلفة، لا سيما على صعيد علاقات بلاده بالغرب، والولايات المتحدة خاصة.

تقدمت تركيا لعضوية منظمة شنغهاي في 2012 ومنذئذ هي "شريك حوار" بها لكنها لم تحصل على العضوية التي يؤكد أردوغان أنها الهدف النهائي.

يتموضع تكتل دول منظمة شنغهاي للتعاون في الوسط بين الشرق والغرب وآسيا وأوروبا وعلى خط مبادرة طريق الحرير الصينية وتطل على عدد من البحار.

شاركت تركيا بوفد رفيع برئاسة أردوغان الذي بدروه عكس صورا حميمية مع نظيره الروسي بوتين خلال القمة رغم أنها نظمت في ظلال حرب أوكرانيا.

تتيح المنظمة لتركيا فرصا اقتصادية ونطاق تواصل مع الجمهوريات التركية بآسيا الوسطى؛ فتكتل دول منظمة شنغهاي للتعاون يمثل أسواقا هائلة لتركيا.

ينظر لمنظمة شنغهاي بالغرب كـ"ناتو الشرق" وتمثل أكبر كتلة مناهضة لأميركا، وكتلة بشرية هائلة زهاء نصف سكان العالم وقوة اقتصادية صاعدة تناهز 30% من الناتج العالمي.

تضم المنظمة عدة دول ناطقة بالتركية من جمهوريات السوفيات السابقة وهي أعضاء بـ"منظمة العالم التركي" التي أعلنها أردوغان في نوفمبر الماضي تطورا عن "المجلس التركي".

*   *   *

عقدت في 15 سبتمبر/أيلول المنصرم القمة 22 لمنظمة شنغهاي للتعاون، في مدينة سمرقند الأوزبكية، وشارك فيها قادة 15 دولة من الأعضاء والمراقبين والمدعوين.

ولعل أحد الأمور اللافتة في القمة الأخيرة كان مشاركة تركيا بوفد رفيع على رأسه الرئيس أردوغان، الذي بدروه عكس صورا حميمية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة، رغم أنها نظمت في ظلال الحرب الروسية الأوكرانية.

تركيا والمنظمة

فكرة منظمة شنغهاي للتعاون بدأت في حقبة ما بعد انتهاء الحرب الباردة في صورة "مجموعة خماسية" تضم كلا من الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، لمواجهة التحديات المستجدة آنذاك وفي مقدمتها أمن الحدود ومكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات و"التطرف الإسلامي".

مع الوقت وانضمام أوزبكستان، أُعلنت منظمة شنغهاي للتعاون عام 2001، ووقع ميثاقها عام 2002، لتتوسع المنظمة لاحقا وتضم كلا من الهند وباكستان عام 2017 ثم إيران مؤخرا. كما أن المنظمة تضم 3 دول بصفة عضو مراقب و9 دول بصفة "شريك حوار" من بينها تركيا.

تمثل المنظمة، التي ينظر لها البعض في الغرب على أنها "ناتو الشرق" وأكبر كتلة مناهضة للولايات المتحدة، كتلة بشرية هائلة حيث تضم زهاء نصف سكان العالم وقوة اقتصادية متصاعدة بما يقرب من %30 من الناتج الإجمالي العالمي، مما يجعلها جاذبة لكثير من الدول وهو ما يفسر العدد الكبير من الدول التي على تواصل معها بدرجات متباينة.

ذلك أنه إضافة لعلاقات حسن الجوار والحفاظ على أمن الحدود والتعاون الأمني سالف الذكر، بما في ذلك مناورات عسكرية مشتركة بين بعض أعضاء المنظمة، فإنها تنظم التعاون بين أعضائها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتقنية والتعليم والصحة والطاقة وما إلى ذلك.

تقدمت تركيا لعضوية المنظمة عام 2012، ومنذ ذلك الوقت هي "شريك حوار" بالمنظمة، وشارك أردوغان في القمة الأخيرة بدعوة من نظيره الأوزبكي شوكت ميرزاييف، لكنها لم تحصل على العضوية بعد، بيد أن الرئيس التركي يؤكد أن هذا هو الهدف النهائي لبلاده من مشاركتها.

دلالات ورسائل

خلال مشاركته في القمة وبعدها، صدرت عن الرئيس التركي عدة تصريحات إيجابية تجاه المنظمة وقمتها 22 وعلاقة بلاده بها؛ فقد قال أردوغان إن القمة كانت مناسبة مهمة "لتأكيد أولويات تركيا والتعبير عن المساهمات التي يمكن أن تقدمها في القضايا الأساسية المتعلقة بالمنظمة".

وامتدح أردوغان المنظمة التي "قطعت مسافات مهمة في مجالات الأمن والاقتصاد والتجارة.. وواصلت توسعها في هذا الإطار"، مؤكدا رغبة بلاده في نيل عضويتها. ففي معرض رده على أحد الأسئلة، قال الرئيس التركي إن "المرحلة المقبلة تتمثل في المضي قدما لإحراز خطوات متقدمة" باتجاه عضوية بلاده فيها، مشيرا إلى أن القمة المقبلة في الهند قد تكون محطة مهمة على هذه الطريق.

تمثل المنظمة بالنسبة لتركيا إطارا مهما من ناحيتين، أولاهما ما تتيحه من فرص اقتصادية ونطاق تواصل مع الجمهوريات التركية في آسيا الوسطى؛ فتكتل الدول المنضوي تحت قبة منظمة شنغهاي للتعاون يمثل أسواقا هائلة تحلم بها أي دولة، لا سيما تركيا بموقعها الوسط بين الشرق والغرب وآسيا وأوروبا وعلى خط مبادرة طريق الحرير الصينية وبإطلالها على عدد من البحار.

من جهة ثانية، فإن المنظمة تضم عددا من الدول الناطقة باللغة التركية من جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا، مثل كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان، التي هي في الوقت نفسه أعضاء كذلك في "منظمة العالم التركي" التي أعلنها الرئيس أردوغان في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الفائت، في تطور عن "المجلس التركي" وتطوير له.

لكن هذين السببين، على أهميتهما، لا يكفيان لتفسير المشاركة التركية، لا سيما وأن السياق الأهم للقمة الأخيرة للمنظمة هو عقدها في ظلال حرب أوكرانيا. وبهذا المعنى حملت مشاركة أردوغان والوفد التركي الرفيع في القمة دلالات مختلفة، لا سيما على صعيد علاقات بلاده بالغرب عموما، والولايات المتحدة خاصة.

ففي المقام الأول، لا بد وأن مشاركة تركيا في قمة "ناتو الشرق" في ظل حرب أوكرانيا وتصريحات أردوغان الإيجابية عن المنظمة والقمة ستكون مستهجنة بالنسبة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، إذ يُعَدُّ الأخير في حالة مواجهة مع روسيا في أوكرانيا بما في ذلك الدعم بمختلف أنواعه (ومنه العسكري) والعقوبات الشاملة على موسكو.

ويزيد من وضوح هذه الدلالة حديث الرئيس التركي عن أولويات بلاده وأن المشاركة في القمة أتت بعد أيام قليلة فقط من انتقاده العقوبات الاقتصادية على روسيا، قائلا إنها "مستفزة وغير صائبة"، على هامش مقترح الاتحاد الأوروبي وضع سقف لسعر الغاز الروسي.

ما هو أهم من ذلك أن المشاركة أتت على هامش التوتر التركي اليوناني الأخير، إذ اتهمت أنقرة أثينا بالإصرار على استفزازها واستهدافها مؤخرا مدفوعة بأطراف ثالثة. ففي معرض رده على حادثة التشويش على رادار المقاتلات التركية من قبل منظومة "أس-300" الروسية الموجودة في جزيرة كريت اليونانية، قال أردوغان إن هناك من يستغل اليونان لاستنزاف بلاده في الوقت والإمكانات "كما فعلوا قبل قرن من الآن".

كان واضحا أن أردوغان يقصد فرنسا والولايات المتحدة بشكل أساسي، إذ كان اتهم واشنطن بتحويل اليونان لقاعدة عسكرية أميركية، واتهمها وزير خارجيته بالخروج مؤخرا عن سياسة الحياد التي انتهجتها بين بلاده واليونان بالنظر لقواعدها العسكرية الجديدة والمناورات العسكرية المشتركة معها بالقرب من الحدود التركية.

وعلى علاقة وثيقة بالتوتر مع اليونان، تأتي مماطلة واشنطن بخصوص صفقة مقاتلات "أف-16" التي تراها أنقرة تعويضا جزئيا عن مشروع مقاتلات "أف-35" الأحدث وضمانا لعدم كسر توازن التسلح مع اليونان مستقبلا. ولذلك، ورغم حديثه بإيجابية عن التفاوض مع الولايات المتحدة بخصوص الصفقة، أكد أردوغان أن لدى بلاده بدائل أخرى -من بينها روسيا- إن رفضت الأخيرة إمضاء الصفقة.

أخيرا، يبدو أن التفاهم الذي أبرمه الرئيسان بوتين وأردوغان -في لقائهما على هامش القمة- بتحديد نسبة %25 من قيمة الغاز الروسي المصدّر لتركيا ليدفع بالروبل، يبدو مدفوعا بتثبيت التوجه للتجارة بالعملات المحلية، وهو مسار مفيد للطرفين من زاوية تقوية العملة المحلية، ومن زاوية ثانية فهو مفيد لموسكو التي تتعرض للعقوبات الغربية، مما يعني أنه كذلك قد يشكّل نقطة انزعاج إضافية للولايات المتحدة.

أما وقد فصّلنا في دلالات المشاركة والرسائل التي حرصت أنقرة على إيصالها لحلفائها الغربيين منها، فيجدر ختاما التأكيد على نقطتين إضافيتين:

- الأولى أن تركيا لا تتجه شرقا وترغب في الانضمام لمنظمة شنغهاي للتعاون لتكون بديلا نهائيا عن الغرب، ولا تريد الانفصال عن الأخير بالكامل (ولا تقدر عليه حاليا)، بل من باب تنويع العلاقات بما يمنحها مزيدا من المرونة والاستقلالية في سياساتها الخارجية.

- الثانية أن موازين القوى مع الغرب -وتحديدا مع الولايات المتحدة- ليست في صالح تركيا، التي إن امتلكت بعض أوراق القوة فإن الطرف الآخر يملك أكثر منها،

ولذاك فالغرب لا يشعر أنه في عجلة من أمره للتجاوب مع الرسائل التركية، مراهنا على الفارق الشاسع في موازين القوى وثقل الأوراق التي بين يديه من جهة وعلى حساسية الموقف التركي حتى الوصول للانتخابات التركية صيف 2023 من جهة ثانية.

*سعيد الحاج كاتب وباحث في الشأن التركي

المصدر | الجزيرة نت

  كلمات مفتاحية

قمة سمرقند منظمة شنغهاي ناتو الشرق تركيا أردوغان الغرب أميركا توازن التسلح موازين القوى روسيا اليونان حلف شمال الأطلسي

منظمة الدول التركية.. فرصة فريدة لزيادة نفوذ أنقرة في آسيا الوسطى