تقارب أنقرة ودول الخليج.. لهذه الأسباب تنزعج أحزاب المعارضة التركية

الأحد 9 أكتوبر 2022 10:41 ص

حالة من الانزعاج أثارها التقارب الأخير بين أنقرة ودول الخليج في أوساط المعارضة التركية، خاصة بعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" إلى أنقرة في يونيو/حزيران الماضي، واستقباله بحرارة من جانب الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ووزرائه.

وتوجت الزيارة ببيان مشترك، دعا إلى زيادة التعاون الاقتصادي والسياسي الثنائي على أساس "الأخوة التاريخية" بين البلدين، وذلك في إطار تقارب أوسع بين تركيا ودول الخليج العربية، ما اعتبرته أحزاب المعارضة التركية مثار انتقاد، وهو ما قدمت الكاتبة التركية "بتول دوغان أكاس" مقاربة تحليلية له، في مقال نشرته بموقع "ميدل إيست آي".

وأورد المقال أن انتقادات المعارضة التركية لتغيير سياسة أنقرة نحو دول الخليج العربية استندت إلى اتهام "أردوغان" وحزبه بالخروج من سياسة الانحياز للدولة إلى "الاندماج مع الغرب"، في إشارة إلى الرضوخ لضغوط أمريكية وأوروبية.

وهنا تشير "بتول" إلى أن المعارضة التركية تنظر إلى الممالك العربية في الخليج باعتبارها "خائنة" لتاريخ تركيا العثماني، حيث تحالفت ضد العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى.

لكن تلك النظرة إلى دول الخليج العربية بدأت في التغير بعد وصول حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه "أردوغان"، إلى السلطة، حيث بدأ حقبة جديدة في علاقات أنقرة مع الشرق الأوسط، تقوم على التوفيق بين الرواية الرسمية للدولة والتاريخ العثماني وعضويتها في العالم الإسلامي الأوسع.

وأتاح الربيع العربي عام 2011 فرصة لحزب العدالة والتنمية كي يعيد صياغة السياسة الخارجية لتركيا عبر إعادة العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الدول العربية. 

لكن مآلات هذا الربيع بعد الحرب في سوريا والتدخل العسكري في ليبيا، والإطاحة عسكريا بالرئيس المصري "محمد مرسي"، دفعت علاقات أنقرة مع السعودية والإمارات إلى حالة من التقلب.

وفي السياق، ركزت الكثير من انتقادات المعارضة التركية لجهود "أردوغان" الأخيرة باتجاه المصالحة مع دول الخليج، على الإمارات تحديدا، وسط اتهامات من بعض الدوائر في الدولة بأن أبوظبي مولت محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.

بل إن "أردوغان" نفسه اتهم الإمارات بتعطيل الشؤون الداخلية لتركيا وتشويه سمعة التاريخ العثماني، وانتقد توقيعها اتفاقات إبراهيم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

لكن الأشهر الأخيرة شهدت توقيع تركيا والإمارات اتفاقيات تعاون في مختلف القطاعات، ولذا تطالب أحزاب المعارضة بالكشف عن تفاصيل تلك الاتفاقات، باعتبارها موقعة من طرف سبق اتهامه في قضية تمس الأمن القومي للبلاد.

كما أثار أعضاء في المعارضة التركية تساؤلات حول الاستراتيجية الكامنة وراء تقارب أنقرة مع السعودية والإمارات بحجة أن تركيز هكذا تقارب ينصب على "مصلحة الاقتصاد" دون اعتبار لأسس السياسة الخارجية السليمة.

وفيما يتعلق بالتقارب مع الرياض، استغل أعضاء المعارضة نقل تركيا المحاكمة الخاصة بجريمة قتل الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي" إلى السعودية وتساءلوا عن سبب تخلي تركيا عن موقفها القضائي المتميز، باستمرار المحاكمة في إسطنبول، وهو الموقف الذي كان يحظى بدعم المجتمع الدولي.

وتركزت أسئلة المعارضة التركية حول المصالحة مع السعودية على قضايا الكرامة الوطنية والسيادة والاستقلال واتساق السياسات، حسبما أشار المقال.

وعندما زار "أردوغان" السعودية، في أبريل/نيسان، انتقد أعضاء المعارضة جهود المصالحة، وأثاروا سجل الرياض السيئ في مجال حقوق الإنسان، واتهم "كمال كيليجدار أوغلو"، زعيم حزب الشعب الجمهوري، الرئيس التركي بـ "الانحناء أمام من يقتل الناس".

وهنا تشير "بتول" إلى أهمية السياسة الداخلية في ردود أفعال المعارضة التركية، مشيرة إلى أن الرأي العام التركي يبدو منقسمًا بشأن مسألة التقارب مع السعودية والإمارات.

واستندت الكاتبة التركية في تقييمها إلى استطلاع أجرته شركة "مترو بول" في مايو/أيار الماضي، أظهر أن 30% يؤيدون المصالحة مع الرياض، بينما يعارضها 60%. وأيد 42% إعادة العلاقات مع الإمارات، وعارضها 49%.

وأضافت أن المثقفين والناشطين المعارضين في تركيا وجدوا أرضية مشتركة في قضية "خاشقجي"، واعتبروا أن زيارة "بن سلمان" الأخيرة إلى أنقرة بمثابة عودة لـ "القاتل إلى مسرح الجريمة".

وفي السياق، شددت "خديجة جنكيز"، خطيبة "خاشقجي"، عبر تويتر، على أن زيارة ولي العهد السعودي إلى تركيا "لا تغير حقيقة أنه مسؤول عن جريمة قتل"، وأن "الشرعية السياسية التي يكتسبها من خلال الزيارات التي يقوم بها إلى بلد مختلف كل يوم لا تغير حقيقة أنه قاتل".

ونوه المقال إلى أن أحزابا متحالفة مع "أردوغان" تدعم استراتيجية السياسة الخارجية لـ "أردوغان" إلى حد كبير، ومع ذلك انتقدت سياساته تجاه دول الخليج العربي.

وأشارت "بتول" إلى زعيم حزب الحركة القومي "دولت بهجلي" كمثال، حيث اتهم الإمارات وإسرائيل، في يونيو/حزيران 2021، بالعمل ضد توطيد تركيا نفوذها في الشؤون الإقليمية.

المصدر | ميدل إيست آي + ترجمة وتحرير: الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا رجب طيب أردوغان محمد بن سلمان السعودية كمال كيليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري

هل يصمد مسار التحسن في علاقات تركيا مع دول الخليج؟.. هذه هي التحديات

ميدل إيست آي: 2022 عام التقارب في الشرق الأوسط.. هل يستمر في 2023؟